محمد سكر ثائر من نوع خاص
الخميس, 16 أكتوبر, 2025 - 08:28 مساءً

يروي وزير الثقافة السوري محمد ياسين صالح قصة من أغرب قصص النضال والمقاومة، قصة تدل على حيوية الأمة، فيقول: كنت في غرفة الأخبار في الجزيرة، وكان عند حساب على سكايبي  باسم حركي هو عدي ،وكنت أتواصل مع مكونات الثورة وعناصرها في عموم سوريا، وكان من بين الشخصيات التي كنت أتواصل معها أبو هشام الشامي، وكان يرسل لي الأخبار وكنت موثوقة بشكل كبير جديد جدا، لدرجة أن الأخبار التي كانت تأتي عن طريقة لا أحتاج أن اتوثق منها ونشأت بيني وبينه علاقة، وقلت له أنا فلان  وصارحته باسمي، وقلت له عندما تأتي فقرة الثورة السورة ويتلى تقريرها هذا صوتي، واستمر الحال وهو يزودني بالأخبار ،وفي في يوم من الأيام أرسلت له رسالة ،فجاء الرد فقالت أنا فلانة أخت أبو هشام لقد أخذه الأمن صباح اليوم  مع أختي الكبيرة إلى أين لا ندري ولا نعرف شيئا، وبعد مدة ليست بالقصيرة جاءني نبأ استشهاده.
 
وبعد تحرير سوريا ورجوعي إلى دمشق وبعد استلامي منصب وزير الثقافة جاني اتصال وإذا في الجانب الآخر فتاة: تقول أنا فلانة أخت أبو هشام الشامي فسررت بالخبر، فقلت لها هل بالإمكان    ـتأتي أنت والوالد والوالدة، واختك الكبيرة إلى الوزارة الساعة كذا وحددنا الموعد، فجاء الجميع حسب الموعد فتعرفت عليهم وبدأت أسأل عن أبي هشام الشامي وأنا هذه اللحظة لا أعرف من هو أبو هشام، وكنت أظن أنني سأمع عن رجل كبير ،فاخبروني أن أبا هشام هذا استشهد وعمرة تسعة عشر سنة طبعا لم اتمالك نفسي وانهرت بالبكاء – والأمر كذلك ،فكيف لشاب بهذه السن أن يكون له ذلك الدور المحوري في ثورة شعب- وبعد الهدوء طلبت من العائلة أن تأذن بانضمام تلك البنت التي حلت محل أبي هشام كموظفة في الوزارة وهي الآن معنا في وزارة الثقافة.
 
تنتهي روية الوزير صالح، وأنا في تعجب وفي تفكر، وفي حيرة كيف لشاب بهذا العمر أن يتتبع الأخبار، ويكون من المصادر الموثوقة والمرموقة ويحتل مرتبة الصحفيين الاستقصائيين لقناة بحجم الجزيرة التي تحرص على دقة مراسليها، استشهد وعمرة تسعة عشر سنة معنى ذلك أنه بدأ بصياغة التقارير وإرسالها من وقت مبكر.
 
إنها الأسرة الصالحة ،والمحضن الثائر الذي أنجب وربَّى وأعد مثل هذه النوابغ على مر التاريخ وقدمها إلى معترك الحياة وأتون الثورة في سن مبكرة جدا، وهذه الأسرة تعلم يقينا أنها تضحي بفلذة كبدها، فهي تعيش في ظل نظام قمعي حقير ليس للرحمة في قاموسه وجود، فمحمد مارس الصحافة وتتبع الأخبار وصياغتها بحرفية لا يجيدها من درس الصحافة ومارسها لسنوات، ويحتل بتقاريره مكانة الكبار الذين لا يتابعون، ولا يُبحث لهم عن شهود أو مساندين ،يدرك معايير الخبر الصحفي الدقيق والصحيح وفق معايير قناة الجزيرة التي أصبحت مدرسة في نقل وصياغة الأخبار – اتفقنا أو اختلفنا معها- فتقاريرها يتابعها خصومها قبل أصدقائها.
 
إنه محمد سكر ثائر من نوع خاص مدرسة في الثورة والنضال، وسلامتكم
 

التعليقات