عبث صالح والحوثي
الثلاثاء, 23 أغسطس, 2016 - 04:39 مساءً

يأبى الرئيس السابق علي عبدالله صالح إلا أن يعيد سيناريو سلفه معمر القذافي، وكلنا يعرف القصة التراجيدية التي لا نود الحديث عنها لما لها من أثر في المشاعر وقيم الإسلام والعروبة.

علي صالح يعيد المشهد من جديد، ودعونا نتذكر معاً، ونراجع ما يحدث الآن، والمبني على قاعدة الوهم الذي يغرق فيه صالح نفسه، ويقف إلى جانبه المحيطون به الذين ملأ حساباتهم البنكية من حقوق اليمنيين البسطاء الفقراء الأميين،
والمرضى، والمشردين داخل اليمن وخارجه، وتكاد العين لا تخطئ مظاهر النعمة التي نراها على أجساد المتنفذين والتي تجسد مشاهد ذات دلالات خاصة، فالمفارقات المؤلمة نجدها في مشهد الجالسين في منصة كبار الشخصيات، وهم المرتبطون بشبكة المصالح التي وفّرها لهم صالح خلال فترة حكمه الممتدة لأكثر من ثلاثة عقود، ويعانون بالمطلق زيادة الوزن، في حين يبدو مظهر الهزال على الجماهير التي تهتف من دون أن تدري ما تقول، وتتظاهر من دون علم بالأسباب، ولأنها غير ذات قضية فقد هرعت بعيداً عن ساحة التجمع عند سماع أزيز الطائرات التي حامت حول المدينة من بعيد، وضربت أهدافاً بعيدة عن الساحة التي كان يتجمع فيها الحشد.

الناس، وإن كان يعبث بهم صالح والحوثي من دون هدى منهم، لكنهم يبحثون عن المنقذ، فهم مسكونون برعب الاعتقالات، والتصفيات، ومصادرة الأموال، والحرمان من الحقوق والوظائف، وتهمة الخيانة والعمالة، والخروج عن طاعة الله التي يدعي الحوثي تمثيلها، وطاعة الحاكم التي يمثلها صالح.

قضيت نصف نهار سبت مؤلم وحزين، فرّغت نفسي لمتابعة فقرات برنامج الحشد الذي دعا إليه صالح والحوثي في ساحة السبعين، وهو شارع في وسط مدينة صنعاء المغدورة، وتمنيت لو أنني لم أفعل. تابعت المتظاهرين الذين سيقوا بالقوة، وبالتهديد والوعيد إلى ساحة بعيدة عن قراهم، وتم توفير وسائل نقل، وربما تكاليف وجبة الغداء لنسبة عالية من أفراد الحشد، وبدأوا بترديد الهتاف وراء أشخاص لا يعرفونهم، وشعارات لا يدركون معناها ومغزاها، والهدف منها.

على سبيل المثال، من منهم يدري أن الداعم للحشد هو علي عبد الله صالح الذي حكم اليمن لأكثر من ثلاثة عقود، ونهب ثرواته وجمع ٦٤ مليار دولار بواقع ملياري دولار كل عام، وترك اليمن وطناً منهكاً، جائعاً، مفلساً، متحارباً، وزاد أنْ تحالف مع الحوثي، وباع نفسه لإيران، وتحالف ضد أشقاء الشعب اليمني من دول الخليج، ناكراً مالهم من أفضال عليه، وهو الآن يقود حرباً ضد الشرعية السياسية لليمن، ويوغل في إدارة انقلاب إيراني، ويوهم الناس أنه يقاوم ما يدعيه التغلغل الخليجي، من دون أن يقول لنا ماذا عن التغلغل الإيراني، هل هو حلال على الفرس حرام على العرب؟

صالح دعا للحشد لنصرة الحوثيين وهم ينفذون مشروعاً إيرانياً، ليس في اليمن فقط، ولكن في المنطقة كلها. الناس بمختلف مشاربهم يعلمون بأن الحوثي لا يحمل أجندة دينية فقط، بل مهمة عمالة صارخة لإيران، كما هو الحال لدى حزب الله.
الناس الذين جاؤوا للتجمع في ساحة السبعين برضى، أو من دون رضى، ليس لديهم أدنى معرفة بالمآلات الخطرة التي تنتظرهم. إذا آلت الأمور، لا سمح الله، للحوثية والصالحية، فإن الناس سيدفعون ثمن سطحيتهم غالياً.

يقولون إن ذاكرة العرب، وكما يتفق الجميع، ضعيفة، إلا أن ذاكرة بعض اليمنيين أشد ضعفاً. صالح لا يزال هو هو لم يتغير، إلا بهيئته الشاحبة التي لا تخطئها العين، فالرجل تبدو عليه علامات النهاية التي تقترب منه كثيراً، فمن قراءة المشهد الحالي يبدو عليه الإصرار على الانتحار السياسي على خطى القذافي.

مرة أخرى، هل تذكرون ذلك المشهد الكوميدي الذي ساق فيه القذافي مئات الآلاف من الليبيين إلى الميادين تأييداً له، وظلوا يهتفون باسمه وبحياته، ولم تمض سوى أيام معدودات حتى علت الابتسامة وجوه الليبيين وهم يشاهدونه قد لقي حتفه، بعد أن كان نزيل القصور، ومن حوله آلاف الحراس.

وصالح الذي يسير في الطريق نفسه، طريق تحدي شعبه ومحيطه الإقليمي والشرعية الدولية، لا بد أن يجني ما فعلت يداه أيام حكمه المريرة. أما الإعلام الحوثي الصالحي فذلك شأن آخر.
 
* عن الخليج الإماراتية

التعليقات