نشاء حزب الاصلاح اليمني وفقاً لرؤية إسلامية الفكر يمنية الهوية، متأثراً بالظروف البيئية المحيطة به سلباً وإيجاباً، والتي رافقته في جل مراحله النضالية، وخرج من رحم المجتمع اليمني وتطور بتطوره على يد قيادات دينية واجتماعية وسياسية يمنية صرفة هدفها نشر الدعوة وخدمة المجتمع وتطويره، متبنياً نظرية حكم مرجعيتها الدين الإسلامي ومبنية على الشورى والتداول السلمي للسلطة، وفقاً لخصوصية المجتمع اليمني ذو التركيبة القبلية، متسحسِناً عاداته وتقاليده الحسنة ومنكِراً للمُستقبحِ منها.
وكغيره من الأحزاب فقد رافق تجربة نشأته أخطاءٌ وعثرات طبيعية كون من أنشأووه بشر يفتقرون إلى الكمال الإلهي في عمق الرؤية ومثالية السلوك والتطبيق، وكان من الطبيعي أن تتشكل خصومات وتباينات سياسية في مراحل تطوره المختلفة مع التيارات الفكرية شركاؤه على الساحة السياسية اليمنية أحياناً واتفاقات وتوافقات معهم أحايين أخرى.
وكما أصيب حزب الإصلاح ببعض الزلات والإرتكاسات التي سببتها المتغيرات المحيطة به ونزق تياره الرديكالي المتشدد فيه والمنضوي تحت رايته واستعدائه لبعض القوى والتيارات المخالفة، وعدم قدرته على تحقيق مبدأ الديمقراطية في تداول رئاسته لطبيعة لونه القبلي المتشبث بمبدأ المناطقية في تولي السلطات، كما أصيبت أيضا باقي الأحزاب والقوى السياسية ذات الإيديولوجيات المختلفة بذات الأخطاء بسبب القوى المتطرفة فيها سواء أكانت اليسارية منها التي تبنت نظرية ماركس وانجلز الإشتراكية في تطوير المجتمع سياسياً واقتصادياً والتي جاءت مناقضة وغير متطابقة مع تاريخ وإيمان وأخلاق شعب عربي أصيل ومحافظ، أو تلك الأحزاب القومية المتمثلة بالحزب الناصري و البعثي بشقية العراقي والسوري الذين اغترفوا من نفس الفكر والنظرية الإشتراكية وخلقوا عداوات جمّة في المجتمعات التي فرضوا نظرياتهم عليها.
كما واجه ما واجهته بقية الأحزاب على امتداد الجغرافية السياسية اليمنية، وعانى مما عانت منه من قبل السلطات المتعاقبة على الحكم منذ قيام ثورة 26 من سبتمبر وحتى يومنا هذا، باستثناء المأخذ الذي أخذته عليه باقي الأحزاب السياسية والمتمثل بتماهيه مع القبيلة واستناده عليها وتعامله الناعم مع نظام على عبدالله صالح طوال فترة حكمه ومساندته في بعض صراعاته وحروبه مع خصومه.
إلا أنه وبرغم ما أُخِذ عليه من مواقف من قبل الأحزاب شركاؤه على الساحة الوطنية من خطأ تماهيه مع نظام علي صالح وإسناده له في بعض الأحداث الوطنية أبرزها حرب صيف 94 فقد كانت تلك الحرب وبحسب تقديرات البعض أنها من الضرورات الوطنية التي ارتأها الإصلاح حفاظاً على مصلحة الوطن العليا ووحدته وأمنه واستقراره، علماً بأنه قد أكد في الهدف الثالت من نظامه الأساسي على " تعميق الوحدة اليمنية وضمان استمرارها وحمايتها"
وبالمقابل فقد قامت بعض الأحزاب بإسناد بعض الأنظمة كإسناد الحزب الناصري لحركة التصحيح التي قادها الشهيد إبراهيم الحمدي والتي كانوا يرونها كذلك، بالإضافة إلى الحزب الإشتراكي الذي اتكأ على كل مقومات دولة الجنوب المسنودة من قوى الشرق سابقاً جيشاً وأمناً وأيديولوجيةً واقتصاد، والذي فجر المجتمع في جنوب الوطن سابقاً ظلماً ونهباً للممتلكات الخاصة ومصادرةً للحريات العامة وإشعال ما يربو على ثلاثة حروب ضد الشمال في سبعينيات القرن الماضي سعياً لتحقيق الوحدة بالقوة وفقاً لنظريته الإشتراكية، وكذلك سقوط حزب البعث الذي خان تاريخه وتنكر لكل المبادئ والشعارات القومية التي خدع بها الجماهير ومُلأِت لأجلها السجون وأقيمت بسببها الحروب، وتحالفه مؤخراً مع قوى الشر الفارسية العدو التاريخي للعرب والمسلمين، ضد خيارات وثوابت الشعب اليمني وثوراته وتضحياته الخالدة.
وبالنظر إلى بيان التجمع اليمني للإصلاح مؤخراً على لسان أمينه العام محمد اليدومي فقد لاقى استحسان البعض واستنكار البعض الآخر، فكان بوحاً صادقاً وواعياً وليس مكاشفة للذات كما أورد البعض، والذي جاء في تقديرنا واضح العبارة شامل المعنى مفسِراً لكل مواقفه تجاه الأحداث المعاصرة مؤكداً على قُطرية الحزب، وخصوصيته اليمنية، وعدم تأثره بأي تنظيم عابر للحدود أو حركة سياسة خارجية.
هذا البيان جاء رداً صادقاً على كل من شكك في مواقف الإصلاح الوطنية ومسؤوليته الدينية والأخلاقية تجاه قواعده وشعبه، ومطمئناً لجيران بلده أنه لم يكن ولن يكون امتداداً أو نسخةً لغيره، أو منقاداً لأوامر وإيحاءات أحد سوى مرجعياته السياسية والدينية والاجتماعية اليمنية الخالصة، ومتمسكاً بثوابت وخيارات الشعب اليمني التي ارتضاها لنفسه وضحى من أجلها مذ قيام ثورة 26 من سبتمبر ومبادئها الستة، مروراً بالصراعات التي أعقبت الوحدة اليمنية وثورة 2011م ثورة الشبابية السلمية وأهدافها المشروعة وصولاً إلى الحروب الأخيرة والنكوص التاريخي الذي سببه نظام علي صالح وحلفاؤه من القوى الأخرى والإلتفاف على كل ما تعاهد عليه اليمنيون واتفقوا عليه في حواراتهم وأحداثهم الوطنية الشاملة .
وبرغم كل الضربات التي تلقاها حزب الإصلاح وحملات التشويه التي مورست ضده ، من نهب لمقراته ومصادرة لممتلكاته ونفي لقياداته وحبس وتعذيب كوادره وأعضاؤه، إلا أنه يقف اليوم في ظروف شديدة التعقيد ومخاطر شديدة الوقع، يقف إلى جانب خيارات الشعب الوطنية مضحياً بأعز كوادره وزاجاً بهم إلى كل جبهات القتال في سبيل استعادة الشرعية والدولة المختطفة معلنها صريحة ومدوية، يسطرها إلى الدنيا بريق ويرفعها إلى الآفاق برق، لسان حال كوادره إنا أصدقاء الفقراء والمساكين وكفلة اليتامى، رجال المواقف والمعارك والمشانق والسجون ولن يثنينا شئ في سبيل الوطن وخدمته، وفاء بالعهد الذي قطعناه على أنفسنا ووعدنا به شعبنا اليمني من شاطئ حوف إلى سهل تهامة.