تعترينا في ذكرى ثورة 26 من سبتمبر الخالدة نشوة تزيد عن الحد، وحنين يتجاوز مسافات المدى، حاولت الكتابة عن الذكرى 54 لانطلاق ثورة الشعب اليماني الأبي فتحول البوح إلى قصيدة ومحطات، توقف، وتنفس، فيعود البوح سجعاً ونعود.
ستظل يا أيلول نبراس الهدى
إذا ما تاهت بنا السُبلُ
أو تفرقت بنا الأهواء
أو ضاقت بنا الحِيَلُ
ستظل يا أيلول زادنا الثوري
حتى يعبر الطوفان إلى الآتي بلا مللُ
تهمي السحب يا ايلول على كل الآكام
مزناً مُغدِقاً جَذِلُ
وترمي الشُهُبْ بالأضواء تشعلها لنا شعلُ
وسيشهد لنا التاريخ سيكتبها لنا زحلُ
بأنا أمة حبلى مولودها آتٍ
بلا شكٍ ولا جدلُ
ولكل أُمةٍ من الأمم محطة تحول تاريخية وميلاد شعب يعيد رسم وجهه المتآكل وينفض من على شعره التراب فانفض عنك الغبار يا أيلول:
وأترك العكاز، بدِّلهُ بالسيف، بشهب البندقية
واترك الدهر يغني أناشيد السواقي والرعية
نزرع الأرض أزهاراً وأنداءً خمائلنا الندية
نصنع العز شموخاً ما بقى فينا بقية
دمت يا سبتمبر التاريخ أعياداً ونبراساً وَسَناً
من ربا صعدة حتى حوف وأسراج الخيول الزُرْنقية
الوطن ليس فرداً أو قبيلة وجماعة، بل هو جيلاً وأجيالاً شابةً تتفاعل، كُتب عليها أن تتحمل ألوية الكفاح المتواصل، لتحقيق آمال الشعب فجاءت فى موعدها محكومة بالقدر لتكافح الظلم والطغيان والجهل، وتضحى من أجل النهضة والعزة والعيش الكريم، وستذوق حلاوة النصر كله بعون الله، وستجنى ثمار تضحياتها والكفاح، وإن تعثرت بهم الخطى واختلف رفاق الدرب وتجاذبتهم الأهواء:
وإن ساروا بعكس الريح وأضناهُمُ الجزعُ
سيأتي جيل فبراير صانعاً للنصر
شعلةَ التجديد وإن ضاقوا وإن وهنوا
بوارقاً للعز تواقين بلا خوف ولا خنعُ
وفي خضم المرحلة الثورية المملوءة بالزخم الثوري الدافق والمشاعر الجياشة كانت الأقلام تكتب وترصد وتدون البطولات وتسطر المواقف والملاحم بأيديهم اشعلوا الآمال والأحلام حتى تنزلت الأقدار بالنصر المبين.
انتشت بنا الآمال فاح أريجها
تمسك بخار الماء تروي به الثرى
وتقول للثوار هذا طريقكم
فالشمس شعت موجاً وأنهرا
هاكم ذرى حمير ترنو وصولكم
وتلكم جبال الشُم تصنع لكم قِرى
يا أيها الأمجاد هذا مجدكم
يقوم من الأجداث يصيح على الذُرى
النص للتاريخ وأنتم حِبره
قلمٌ يكتب التاريخ قال وفسرا
للمجد أنتم أهل فاستعيدوا أرضكم
جبالاً سواحل مدنكم والقُرى
وادعوا القبيلة تَشنُقُ جلادها
وذروا شباب اليوم يرقى المنبرا
وقد سَرَى الزمان بالشعب اليمني واختار وجهته الصحيحة وانعتق من تلك العهود المظلمة التي نحتفل اليوم بذكراه المشرقة فكانت ثورة 26 سبتمبر محطتنا وميلاد عهدنا الذي كان منكفئاً على نفسه في كواليس الظلام.