في تصريح المسئولين الإيرانيين آخرها ما أوردته صحيفة " ويك إيند" الدنمركية، والتي نقلتها عنها صحيفة "داغ بلادت" النرويجية، في شهر مايو سنة 2009م أكد كلاً من " محمد رضائي" و" مهدي سفاري" وهما أقطاب السياسة في وزارة الخارجية الإيرانية، بأن العرب هم بدو الصحاري، وأن حضارتهم طارئة ومرتبطة فقط باكتشاف النفط كقطر والبحرين مثلاً، مفتخرين بأن حضارة الفرس هي الأصل في المنطقة ورافضين بشدة ربط الفرس بالعرب حاضراً أو مستقبلاً ويأتي كل ذلك خلافاً لما وصلت إليه الإنسانية من ثمرات في مجال الحريات المتعددة والديمقراطيات العادلة والتعايش السلمي المثمر في الدول العلمانية التي آمنت بالإسلام نظرية ولم تؤمن به كتطبيق.
في الوقت الذي حرصت فيه غالبية بلدان العالم المكونة من أجناس وأعراق وديانات ومذاهب مختلفة، على إيجاد أسس وقواعد مشتركة للتعايش السلمي الواسع بين فئات المجتمع، وقامت بصياغة الدساتير التي تكفلت بكل حقوق ألوان الطيف المجتمعي فيها، واستوعبت كل الفرقاء وحرصت على اختيار طواقم حكم جامعة تستوعب كل تطلعات المجتمع وطموحاته. وبناءً على ما تقتضيه المصلحة العامة والخاصة ،
ووفقاً للتطورات الدولية المتسارعة في مختلف مجالات الحياة توافقت الدول على بناء مؤسسساتها الأمنية والعسكرية من كل أبناء المجتمع دون تمييز على اسس عرقية أو مذهبية حتى تعزز وتضمن الإستقرار السياسي والأمني والإقتصادي لجميع مكوناته. غير أن طائفية الفرس وحقدهم التاريخي المتأثر بالفلسفات الفارسية القديمة وفقاً لما أورده السيد منير الخباز في موضوع بعنوان " تأثير الفلسفة الفارسية على التشيع" التي تؤكد بأن هذا الوجود الذي يراه البعض حقائق متعددة هو عندهم في الواقع حقيقة واحدة لا تعدد فيها، وليس في الوجود أشياء متعددة،
وهذا مفهوم متوارث عندهم مذ أيام الملوك الساسانيين الذين حكموا بلاد فارس وامتدت تلك الفلسفات والمعتقدات الباطلة حتى أثرت على مجمل فهمهم للإسلام وقواعده الشاملة.
كما أنه لم يكن إغراقهم في التشيع والمغالاة فيه حباً بالإسلام ونبيه العربي وصحابته وآل بيته، بل ليكون العلامة المميزة لهم والحامل لمشروع إعادة امبراطوريتهم الفارسية، القائمة على أساس التمييز والإصطفاء العرقي السادي الذي لم تتجاوز نسبته وفقاَ لدراسة امريكية 50% من مجمل سكان ايران، التي يتكون سكانها من عدد كبير من العرقيات منها العرب البالغ نسبتهم 7.7%.
بخلاف ما اعتقده الشيعة العرب الذين لا يرون أن الإمامة بالوراثة والاصطفاء العرقي، بل كانوا يرونها بالكفاءة، حيث كانوا ينتخبون الأكفأ للإمامة والخلافة ووافقهم الزيدية في ذلك ولم يخالفهم إلا غلاتهم والطامحين منهم للحكم وعلى رأسهم الهادي حسين الرسي وعبدالله بن حمزة زعماء الهادوية الجارودية المتخفية وراء الزيدية المعتدلة وقد واجهوا تصدٍ صادق وكبير من قبل بعض الطوائف والفرق الزيدية نفسها ومنها على سبيل المثال الفرقة المطرفية التي أسسها مطرف بن شهاب الشهابي الذي وصفه المؤرخ إبراهيم بن القاسم في كتابه طبقات الزيدية الكبرى ،بالعبد الفاضل والشيخ الصالح المصلح ، ولقصته بقية مؤلمة لا يتسع المقام لذكرها.
وعلى إثر ذلك ونتيجةً له قام الإيرانيون ومنذ سقوط نظام الشاه بصياغة خطاب ثوري ومعادٍ لكل من خالفهم الرؤية والولاء وتصديره عنوة إلى الدول القريبة منهم والمحيطة بهم تحديداً، لإعادة مملكة الصحاري والمضايق والبحار الفارسية وكرست جهداً دؤوباً ليل نهار على إثارة الصراعات الطائفية الهدامة لتفتيت المجتمعات العربية بغرض إضعافها ومن ثم السيطرة عليها !! عن طريق تشكيل جيوش وميليشيات عرقية وطائفية يتم تسميم أفكارها وزرع بذور الحقد فيها ضد كل من يخالفهم الرأي أو المذهب مستهدفة العرب تحديداً كونهم وفقاً لادعاءاتهم من دمروا حضارة فارس وأخمدوا نارها إلى الأبد.
ونتيجة لهذا التشوه في هوية الدول أصبحنا لانسمع بجيوش نظامية في الدول المحكومة من فرق الطائفية تخضع لقواعد الحرب وقواعد حقوق الإنسان الإسلامية أو الدولية كميلشيات حزب الله في لبنان وكتائب الحسين وفيالق بدر، وحزب الله العراق وجيش القدس والحشود الشيعية المختلفة. مع الجزم هنا أن التشيع بحد ذاته ومحبة آل البيت ليس محل جدل أو كره من أحد لولا استغلاله بشكلٍ قاس ومرير من قبل القوميين الفرس واستخدامه كحصان طروادة لتحقيق مآربهم في السيطرة والنفوذ على بلدان العرب وحواضرهم التاريخية.
ونتيجة لكل ما تقدم ذكره، فإن الجهل والقتل والتهجير والعداء والدمار والأحداث المشتعلة بشكلٍ لم يسبق له مثيل كان النتيجة، في بلدان الشرق الأوسط والجزيرة العربية وستصل نارها وأوارها إلى زاحفة إلى كل بلدٍ آمنٍ اليوم محترقٌ غداً، وسينجم عن ذلك ظهور وصناعة تطرف مضاد ومنتقم من قبل باقي المذاهب الدينية والطوائف العرقية المستهدفة وستستمر عجلة الصراع إلى أن يشاء الله، أو يؤمن كل الفرقاء والمحتربين بحق بعضهم البعض والعيش تحت دول يسودها العدل والمساواة بعيدا عن الطائفية أو المذهبية أو العرقية أوالتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
وقيام الدول التي تعطي لكل ذي حق حقه من السلطة والثروة والحياة الكريمة، وتلك تجربة ليست الأولى بل سبقت إليها دول أوروبا كلها التي عانت من الحروب المدمرة ذاتها إبان حروب الثلاثين عاماً والتي استمرت من عام 1818 حتى عام 1848م والحرب العالمية والأولى 1914-1918م والثانية 1939-1945م حتى توصلت دولاً ومجتمعات إلى ما هم عليه اليوم من أنظمة ديمقراطية تتداولها النخب السياسية وتقرها وتدعمها الشعوب.