عندما اقتربت قوات الحلفاء من برلين نهاية الحرب العالمية الثانية قام "أدولف هتلر" قائد الحروب الألمانية بعد أن أفنى الرجال المقاتلين الألمان في كل جبهات القتال بضرب الخنادق حول برلين بعد أن شعر بالخطر الشخصي وأحس بالهزيمة، ودفع بأطفالها للدفاع عنها والوقوف ضد قوات الحلفاء في معادلة خاسرة وحسابات خاطئة للحرب ونتائجها منذ البداية، فكان الأطفال يبكون في الخنادق والقذائف تنهال عليهم من كل جانب فكانوا يتساقطون كالفراشات الناعمة في خنادقهم، في نيران أوقدها قادتهم وعجزوا عن إطفائها.
جنونٌ محقق وحماقةٌ ليس لها حدود وموت ضمير فاضح، أراد الرجل أن يُفني ألمانيا ويطبق السماء على الأرض قبل أن ينتحر هو وعشيقته وطاقم حكمه، وهذا مايتكرر اليوم في برلين اليمن"صنعاء" وماحولها.
غير أن رأس الحراب وزعيم الفتنة "علي صالح" في برلين اليمن "صنعاء" لم يراعِ ضميراً ولا شرعًا، ولم يصغِ لصوت عقل، وأنا معه في الصمود كمحارب مجرد، وضده كأنسانٍ مسؤول يحكمه شرع وتردعه مبادئ المسؤولية الوطنية والدينية.
حساباته إذا وهنَ ستصل إليه نار الشعب التي ستحرقه، أو يحاكم على ما جنى ولسان حاله هو وقبيله، إما ننهي الحرب أو أن الحرب تنهينا ! ولا يكترثون للكوارث التي قد تلحق بعاصمة المدائن وحاضرة اليمن "صنعاء" وبأهلها الطيبين ضحايا الحروب وصنّاعِها على مر السنين، بل إنه على استعداد تام لأنْ يحرق نصفها أو كلها إذا لزم الأمر.
في الوقت الذي أحسنت فيه خولان اليمن في نأيها عن الحرب منذ بدايهاتها وآثرت الوقوف المحايد حفاظاً على أبنائها من الهلاك في حروب خاسرة لا محالة، ولذا فقد أحسنتْ خولان في الوقت الذي أخطأتْ فيه قريناتها من قبائل اليمن الغاوية التي انطلى عليها الزيف، ودفعت بأبنائها إلى معارك غير متكافئة ومحسومة العواقب، وإلى المحارق التي أكلت الشباب الذين هم قلب المجتمع وقوته القادمة، تحت مبررات فردية برجماتية نفعية لأربابها أو جماعية بحثاً عن راتب مؤقت، أو بندقية فانية ولم تجنِ ولم تحصد أثرها إلا الثكالى والأرامل واليتامى، والمقابر التي يتوازَ فيها قبور الراقدين فيها بأشكالٍ ورسم هندسي عجيب - كما أخبرني أحد شهود العيان - وهذا الذي أحسنوه ولم يجيدوا أيّ شيءٍ سواه!
أحسنت خولان التي قال عنها "الإمام أحمد": لو كنت معترفاً بالكويت كدولة لا عترفنا بخولان دولة مستقلة! نتيجةً لقوتها وسعة أراضيها ولشدة رجالها إلا أنها آثرت الحياد اليوم، لأنها ذاقت مرارة الحرب عقب ثورة 26 سبتمبر وأثناءها ولم تجنِ حينها إلا ما جنته مثيلاتها اليوم فحفظت الدرس واستوعبت الفكرة وفهموا المثل الألماني القائل " الحرب تخلِّف في العادة مجتمع منقسم إلى ثلاثة جيوش، جيش من المشاليل وجيش من المشيعين وجيش من اللصوص"، فآثرت السلام وذلك أضعف الإيمان.
. فالحرب عمياء، أعمى من صدقها ولجأ إليها حلاً لقضية أو تحقيق حلم واعتقدها سفينة نجاة أو سلم لتحقيق حلم السلطة، لأنها لا تخلف إلا أوجاع مؤلمة، ومجتمع متشظي، وقَصرٌ خراب، ونفوس حاقدة، فمن غدروا بوفود الوساطات سيغدرون ويقتلون ويسجنون حتى العزاء الذي الذي حسبوه رِهاناً وسفينةً للنجاة من الكارثة، وكلُّ شيءٍ لأجلهم صار عرضةً للفناء كي يقفزوا، ولن يقفزوا فالبحر هائج ستأكلهم حيتانه ولا نجاة!
والحقيقة التي يجب الوقوف عندها أننا لم نعتبر من قادتنا السابقين والصالحين محبي السلام، حاقني الدماء خوفاً من الله وزهداً بدنيا تعقبها آخرة، ومنهم الخليفة "عثمان بن عفان" رضي الله عنه حين قال لغلمانه الذين أرادوا الدفاع عنه أثناء حصاره في بيته "من أغمد سيفه فهو حرٌ لوجه الله ! " فأعتنق بذلك غلمانه، وقال لأبناء الصحابة الذين جاءوا "أقسم على كل من جاء لحمايتي إن كان لي حق الطاعة عليه أن يكفّ يده وينطلق إلى منزله"، حقناً لدماء المسلمين وحتى لا يأتي حاملاً أوزارهم يوم القيامة.
وكذلك "الحسن بن على بن ابي طالب" رضي الله عنه، الذي تنازل عن البيعة لمعاوية بن أبي سفيان وآثر حقن الدماء وحفظ السلام، وحقق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أنه سيصلح الله به بين طائفتين مؤمنتين، فهل من مُقتدٍ أو مُعتبر؟!
وصدق الدكتور المقالح حينما قال:
لما اختلفتُ مع أخي
حاورته بالسيفِ فانكسرتْ سيوفي
لكنني حاورته بالحرف فانتصرتْ حروفي
يا صاحبي كن دائما كالماءِ في ألقٍ شفيف
وإذا ابتليتَ بأي خصمٍ طارفٍ أو تالدٍ
حاوره بالحسنى
ولا تكُ بالغضوبِ أو العنيف!