يمنيون يندبون تدمير المواقع التاريخية جراء الحرب: "جيلًا بأكمله يفقد تاريخنا وتراثنا" (ترجمة)
- ترجمة خاصة الخميس, 27 يونيو, 2019 - 10:12 صباحاً
يمنيون يندبون تدمير المواقع التاريخية جراء الحرب:

[ يبلغ عمر مدينة صنعاء القديمة المدرجة في منظمة اليونسكو في عام 2015 قبل الحرب حوالي 2500 عام (شارلين رودريغز) ]

يقول الدكتور عبد القادر الجنيد من منزله المؤقت في كندا: "أشاهد جيلاً بأكمله يفقد تاريخنا وتراثنا"، وهو يستعيد ذكرياته حينما كان يمشي في الصباح على طول جبل صبر في قلعة تعز الغريبة في اليمن.

 

في أوائل السبعينيات، كان الطبيب والناشط المتقاعد يحب العودة إلى اليمن وإلى منزله القديم الذي كان يطل على القلاع والمساجد القديمة.

 

ولكن الآن كل ما تبقى من منزله بعد الحرب التي طال أمدها هو الحطام، حطمت النوافذ الزجاجية المزخرفة متعددة الألوان.

 

ويقول: "الكثير منه تضرر بالرصاص والتهور الحوثي. أعاني عندما أكون وحدي، أشعر بالعجز والضيق الشديد ولا أستطيع الرد".

 

غادر الطبيب ورئيس بلدية تعز السابق البلاد في صيف عام 2016 بعد إطلاق سراحه من الأسر. حيث تم احتجازه في سجن الحوثي لمدة 300 يوم.

 

سيطر الحوثيون المدعومون من إيران على العاصمة صنعاء في عام 2014، مجبرين الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي على ترك السلطة.

 

أطلقت المملكة العربية السعودية والإمارات وحلفاؤها في الخليج حملة قصف في محاولة لإعادة السيد هادي، مما أشعل حرباً أهلية مدمرة تسببت في ما تسميه الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

 

تعتبر تعز جزء أساسي من تراث اليمن الغني بشكل غير عادي وتعطي شعوراً بالهوية والإستمرارية لشعب اليمن المنهك والمتعب.

 

العالم الإسلامي والمستكشف ابن بطوطة، المعروف باسم ماركو بولو، قال عن تعز أنها "واحدة من أجمل المدن في اليمن".

 

ولكن في ظل التهديد المستمر من قبل القنابل، فإن التركيز بالنسبة لليمنيين هو الحفاظ على الحياة.

 

يقول الدكتور عبد القادر الجنيد: "الناس داخل اليمن مهتمون للغاية بسلامتهم وجوعهم. إن التراث ليس من أولوياتهم الحالية".

 

إن تقاليد البناء الفريدة التي تتكيف مع تضاريس اليمن المعقدة، هي ما يجعل هذا البلد مميزًا.

 

يشمل جمالها الطبيعي جزيرة سقطرى الاستثنائية، والمعروفة أيضًا باسم جالاباجوس المحيط الهندي.

 

يقول محمد القليسي، الذي نشأ في المدينة القديمة بالعاصمة صنعاء: "يمكنك أن تجد مثل هذه الهندسة المعمارية المتنوعة. إذا سافرت إلى حضرموت، فسترى شيئًا مختلفًا تمامًا عن صنعاء".

 

لكنه يشعر أن تراث البلاد الغني لا يحظى باهتمام كافٍ من بقية العالم، حيث يقول: "لا يوجد رد فعل عندما يقتل 100 شخص في اليمن، لماذا تعتقدون أنهم سيردون على تدمير تراثنا؟".

 

يبلغ عمر المدينة القديمة المدرجة في اليونسكو، بمسجدها الكبير ومنازلها المبنية من الطوب اللبن ونوافذها الزجاجية الملونة والأسواق والحمامات، حوالي 2500 عام من بين أقدم المدن المأهولة بالسكان في العالم.

 

يقول القليسي، وهو الآن طالب في الجامعة البريطانية في القاهرة، إن نشأته كانت تشبه وجوده في متحف حي، "يواصل الناس ارتداء نفس الملابس وممارسة التقاليد القديمة والتحدث باللغة الكلاسيكية".

 

لكن العديد من الأحياء في المدينة دمرها الصراع، ولم يتبق سوى الأنقاض حيث كانت الأبراج القديمة المبنية من الطوب محترقة.

 

في جميع أنحاء البلاد، تعرضت المواقع والمتاحف التاريخية لأضرار أو دمرت من قبل الأطراف المتحاربة.

 

دمرت الغارات الجوية التي تقودها السعودية منازل الطين التاريخية في صعدة، مسقط رأس الحوثيين.

 

وتعرض سد مأرب العظيم الذي يعود إلى 2,800 عام لأضرار جراء قنابل التحالف في عام 2015، وفقًا لمنظمة اليونسكو.

 

في تعز، أصبحت قلعة القاهرة التي بنيت في القرن الثاني عشر، والتي تقع فوق قمة جبل صبر ، هدفًا رئيسيًا بعد أن جعلها الحوثيون قاعدتهم العسكرية الإستراتيجية.

 

أعيد فتح القلعة في عام 2018، لكن حماة البيئة يحذرون من خطر الانهيار الوشيك لها بعد ثلاث سنوات من القصف.

 

يقول ماركو ليفاديوتي، المهندس المعماري الإيطالي الذي كان والده طبيبًا شخصيًا لآخر ملوك اليمن، الإمام أحمد بن يحيى: "يمكنك إعادة بناء قصر أو قلعة أو متحف أو مجموعة من المنازل، لكن لا يمكنك إعادة بناء المشهد الثقافي بأكمله".

 

آنا باوليني، ممثلة اليونسكو في دول الخليج العربية واليمن، تتطلع إلى إعادة البناء وتعتقد أن العمل لا يمكن أن يبدأ إلا بعد انتهاء الصراع. وتقول آنا: "كيف ومتى، يعتمد ذلك على مشاركة المجتمع المحلي والتزام المجتمع الدولي بالمساعدة".

 

حملة قصف التحالف السعودي قتلت وأصابت ما يقدر بنحو 1729 مدنياً حتى مارس 2019، وفقًا لمشروع اليمن للبيانات.

 

الأضرار الدقيقة التي لحقت بالمواقع القديمة غير معروفة، ولكن يقدر أخصائيون أن الرقم أكبر من 60.

 

يقول القليسي: "اليمنيون وحدهم هم الذين يمكنهم إعادة بناء اليمن".

 

حتى لو كانت هناك أموال، فإن إعادة الإعمار بعد الحرب لا تتم دائماً بحساسية.

 

يقول ليفاديوتي: "كانت عمليات إعادة البناء في المئة عام الماضية مدمرة وتم تنفيذها بسرعة لمحو الماضي وإعادة البناء. إنها مجرد أعمال تجارية خالصة".

 

في غياب قواعد ولوائح صارمة حول البناء، يحذر باوليني أصحاب إعادة البناء من استخدام مواد رخيصة وغير مناسبة.

 

ولكن على الرغم من أنه لا يبدو أن هناك نهاية في الأفق للصراع المدمر، إلا أن الأمل في أن المعرفة المتخصصة بتقنيات البناء لم تغادر البلاد.

 

يقول باوليني: "لا تزال المعرفة التقليدية للبناء الرئيسي موجودة هنا".

 

لا يوجد يوم واحد يمر دون تفكير الدكتور الجنيد بجمال تعز.

 

ويختتم قائلاً: "إنه حلمي أن أعود إلى المنزل. أريد أن أجد طريقة لمساعدة شعبي وأنا على استعداد للقيام بذلك حتى لو فقدت حياتي".

 

* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا

 

* ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات