[ تفشي وباء كورونا في اليمن ]
كشفت صحيفة أمريكية عن تزايد أعداد الوفيات بفيروس كورونا في العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، وسط تكتم شديد من قبل الجماعة.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن اليمن المنقسم والذي مزقته الحرب، يتخبط في الاستجابة لتفشي فيروس كورونا الذي يضرب البلاد حاليا، مع شح المعدات والخبرة والسلطة اللازمة لتوفير الاستجابة المناسبة للوباء.
ووفقا للتقرير الذي أعدته الكاتبة فيفيان يي وهي مراسلة دولية تغطي الشرق الأوسط، فإنه في شمال اليمن يزداد عدد الأشخاص الذين يمرضون ويموتون بعد أن واجهوا صعوبة في التنفس لكن الحوثيين المدعومين من إيران التي تسيطر على المنطقة اعترفت فقط ببعض وفيات فيروس كورونا.
وأشارت إلى أنه في جنوب اليمن، حيث انقلبت مجموعتان قاتلتا الحوثيين معًا على بعضهما البعض، زادت معدلات الوفيات بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالعام الماضي.
وقالت إن إنكار تفشي المرض في الشمال الخاضع لسيطرة الحوثيين وغياب سلطة واضحة في الجنوب المقسم وتجفيف المساعدات في كل مكان، أعاق أي أمل في الحد من انتشار الفيروس مما جعل العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات غير مجهزين لمواجهته والجمهور مشوش ومريب للجهود المبذولة لمكافحته.
وذكرت أن اليمن كان يواجه بالفعل ما يسمى أسوأ أزمة إنسانية في العالم قبل اجتياح الفيروس المستجد البلاد.
وقالت "أثار هذا الوباء انتشار شائعات بأن المرضى يتعرضون للقتل الرحيم في المستشفيات مما تسبب في تخلي الكثير من اليمنيين عن العلاج. ومع ذلك، عندما يلزم ذهابهم إلى المستشفى يتم إبعادهم بانتظام بسبب نقص الأسرة ومعدات الحماية واللوازم الطبية".
وقالت الصحيفة إن السلطات في العديد من الأماكن أضعف من أن تمنع حشودًا كبيرة من التجمع في الصلاة والجنازات والأسواق أو السكان من السفر داخل البلاد.
يشير التقرير إلى أن الارتباك والشك تفاقم بسبب السرية المحيطة بتفشي الفيروس.
وقال صلاح محمد، وهو حارس أمن بمدرسة في مدينة عدن الساحلية الجنوبية: "في اليمن نعتقد أنه لا يوجد فيروس كورونا لأننا لا نثق في نظامنا الصحي".
وأضاف "يتحدثون عن حظر تجول لمنع انتشار المرض.. عظيم! ولكن لماذا يسمحون للناس بالتحرك بحرية في جميع أنحاء البلاد إذا كان هناك حظر تجول؟".
وذكرت نيويورك تايمز أنه ومع قلة الاختبارات المتاحة وتعرض الحكومة والمستشفيات للفوضى، من الصعب قياس الانتشار الحقيقي للفيروس في اليمن، ومع ذلك، فإن الأرقام المعروفة قاتمة.
ونقلت الصحيفة عن طبيب يقدم المشورة لوزارة الصحة هناك، أنه حتى الأسبوع الماضي أكدت الفحوصات وجود أكثر من 500 حالة إصابة بفيروس كورونا في صنعاء، العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون. نائب وزير الصحة من بين المصابين والرئيس السابق لجامعة صنعاء من بين ما يقرب من 80 وفيات.
ومع ذلك، اعترفت سلطات الحوثي بأربع حالات فقط في أراضيها، تاركة مسؤولي الصحة العامة والعاملين في مجال الرعاية الصحية ومجموعات المساعدة في دق ناقوس الخطر بشأن تفشي المرض الذي تقلل من شدته السلطات.
وقال الطبيب الذي طلب عدم ذكر اسمه لأن السلطات هددت الزملاء الذين حاولوا الذهاب إلى هناك، بعض موظفي وزارة الصحة يناشدون كبار المسؤولين لإعلان الأرقام الحقيقية حتى يفهم العاملون الطبيون في حالات الطوارئ والمقيمون خطورة التهديد.
وأكدت وزارة الصحة في صنعاء يوم الخميس في بيان أن قرارات الدول الأخرى بالإعلان عن عدد حالات الإصابة بالفيروس التاجي "خلقت حالة من الخوف والقلق كانت أكثر فتكا من المرض نفسه". ولم تقدم الوزارة أي أرقام خاصة بها.
وقال يوسف الحاضري المتحدث باسم الوزارة في مقابلة يوم الجمعة: "ليس علينا الالتزام بما يريده العالم منا". وألقى باللوم على منظمة الصحة العالمية ومجموعات المساعدة الدولية لكونها "كسولة" وفشلها في التعامل مع تفشي المرض.
ووفقا لنيويورك تايمز فإن سبب السرية غير واضح. وقال محللون إن إحدى النتائج هي أنه من المرجح أن ينتشر الفيروس بشكل أكبر.
قال أسامة روحاني، المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، وهو مركز أبحاث مقره بيروت يركز على اليمن: "الحوثيون لا يطلقون النار على أنفسهم فقط. إنهم يطلقون النار على الناس. الأشخاص الذين هم في السلطة لم يتعرفوا على المعلومات الصحيحة أو يكشفوها للجمهور. والسرية تجعل الناس يفعلون الأشياء الخطأ لأنهم تلقوا الرسالة الخاطئة".
وذكرت أن الفيروس التاجي يدمر الجانب الآخر من الخطوط الأمامية أيضًا، حيث تبلغ القوات المعارضة للحوثيين أيضًا عن أعداد منخفضة بشكل مشكوك فيه. ومع ذلك، فإن المشكلة الرئيسية ليست الإنكار، ولكن الافتقار إلى الحوكمة ونظام الرعاية الصحية المنهار.
يقول التقرير إنه في عدن، التي كانت مقرًا مؤقتًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا حتى استولت عليها جماعة انفصالية الشهر الماضي، أظهرت بيانات الدفن أن 950 شخصًا لقوا حتفهم في المدينة في أول 17 يومًا من شهر مايو، أكثر من ثلاثة أضعاف الحالات المسجلة طوال شهر مايو 2019، وفقًا لتحليل أجراه عبدالله بن غوث، أستاذ علم الأوبئة في جامعة حضرموت، الذي يقدم المشورة لوزير الصحة في عدن.
يشير الارتفاع الكبير في عدد الوفيات -وفقا للصحيفة- إلى أن العدد الرسمي للوفيات بالفيروس أقل بكثير.
وقالت المنظمة إنه في مستشفى لحالات الإصابة بفيروس كورونا التي أقامتها منظمة أطباء بلا حدود في عدن، وهي المنشأة الوحيدة المخصصة في جنوب اليمن، تم إدخال 173 مريضاً ، مات أكثر من 68 منهم.
تضيف الصحيفة أن نظام الرعاية الصحية في اليمن، الذي تجاوزه بالفعل تفشي الكوليرا والأمراض الخطيرة الأخرى، منهك. معظم الأطباء والممرضات لم يتلقوا رواتبهم منذ سنوات، مما دفع الكثيرين إلى مغادرة نظام الصحة العامة. يُطلب من أولئك الذين بقوا الآن علاج مرضى فيروس كورونا دون معدات واقية.
وقال الزبير، طبيب غرفة الطوارئ في مستشفى بمحافظة ذمار، إنه وزملاءه حصلوا على أقنعة وعباءات رخيصة واهنة على الرغم من علاج ما متوسطه ستة مرضى يشتبه أنهم مصابون يوميا.
وأضاف الزبير، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إلا باسمه الأول لتجنب الإنتقام: "لا يسعنا إلا التعامل مع حالات كورونا المحتملة على أساس يومي. إن الأمر يشبه التواجد في فكي الوحش. في الوقت الذي تدرك فيه أنك تتعامل مع حالة فيروس كورونا مشتبه بها، يكون الأوان قد فات. أنت لا تفهم حقًا لماذا يتعاملون مع هذه المشكلة بهذه السرية".
في الجنوب، حسب التقرير، لا يقبل سوى عدد قليل من المستشفيات حالات الإصابة بفيروس كورونا، حيث ترفض المرافق الأخرى المرضى أو تغلق أبوابها تمامًا لأنها تفتقر إلى المعدات الوقائية أو أن الموظفين يتركون مراكزهم.
وقالت "كلير ها دوونج"، رئيسة بعثة المجموعة في "أطباء بلا حدود"، التي تدير مراكز فيروس كورونا بإجمالي 25 سريرًا للعناية المركزة في جميع أنحاء البلاد، ليس لديها ما يكفي من الأقنعة أو العباءات أو الطاقم الطبي لفتح المزيد من الأسرة ويتم بالتالي طرد المرضى كل يوم.
* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا
* ترجمة خاصة بالموقع بوست