سلطت الضوء على الجذور السياسية والتاريخية للقضية التهامية..
"جيمس تاون": قضية تهامة باليمن لن تجد النور في ظل نفوذ طارق صالح  (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة السبت, 18 يوليو, 2020 - 09:18 مساءً

[ طارق صالح ]

سلّطت مؤسسة "جيمس تاون" الأمريكية الضوء على القضية التهامية وغاصت في الزوايا التاريخية والسياسية لهذه القضية، مع تنامي الأصوات التي تنادي باستقلال تهامة، على غرار الأصوات التي أعادت أحياء هويات ماضية في ظل ضعف الدولة اليمنية الموحدة.

 

وتطرّق تقرير "جيمس تاون" الذي أعده مايكل هورتون وترجمه للعربية "الموقع بوست" إلى القضية التهامية وسرد جذورها التاريخية والثقافية والاجتماعية، في إطار التجاذبات المحلية والإقليمية التي تركزت عليها مؤخراً بسبب موقعها الجيوسياسي الحساس، باعتبارها بوابة اليمن إلى البحر الأحمر والقرن الإفريقي.

 

وأِشار التقرير إلى أن القضية التهامية لم تحقق مكاسب سياسية ملموسة على غرار قضايا مناطقية أخرى كالقضية الجنوبية، لأسباب جوهرية، إذ إن قوات المقاومة التهامية وذراعها السياسي ليست جيدة التنظيم أو التماسك كالجماعات المسلحة الأخرى في اليمن، مثل المجلس الانتقالي الجنوبي أو جماعة الحوثي.

 

وتناول التقرير الصراعات التي تعصف في الآونة الأخيرة بالقوات التهامية في الساحل الغربي بمختلف مسمياتها، ودور العلاقات الخارجية في تغذية تلك الصراعات.

 

وبحسب التقرير فإن قيادة الجماعات المسلحة والمنظمات السياسية المتمركزة في تهامة مشتتة ومنتشرة ولم تحدد بعد أي أهداف متسقة تتجاوز طرد الحوثيين من تهامة.

 

ووفقا للتقرير فإن منطقة تهامة اليمنية تمتد على طول ساحل البحر الأحمر في البلاد، من ميناء المخا إلى الحدود السعودية. وتضم بعض أكثر الأراضي الزراعية إنتاجية في اليمن وهي موطن لمدينة الحديدة الساحلية الهامة. وباعتبارها بوابة اليمن إلى البحر الأحمر والقرن الأفريقي، فإن السيطرة على تهامة أمر بالغ الأهمية للسيطرة على شمال غربي اليمن.

 

يشير التقرير إلى أنه تم تهميش تهامة وشعبها منذ فترة طويلة سياسياً وإقتصادياً من قبل الحكومات اليمنية المتعاقبة. في الفترة التي سبقت الربيع العربي، غذى هذا التهميش ظهورًا جديدًا لدعم هوية تهامة المميزة. بعد اندلاع الحرب في عام 2015، استغلت الجماعات المسلحة التي تدعي أنها تريد قدرًا أكبر من الحكم الذاتي أو حتى الاستقلال وأدى هذا الانبعاث لبناء قواعد القوة وتجنيد المقاتلين لمحاربة الحوثيين.

 

ويشير أيضا إلى أن موقع تهامة الإستراتيجي على طول البحر الأحمر وموانئه كانت محط تركيز القوى الخارجية لفترة طويلة. ويقول "منذ بداية التدخل بقيادة السعودية في اليمن في عام 2015، كانت الإمارات والسعودية وبدرجة أقل قطر هي الدول الأكثر نشاطًا في تهامة. ومع ذلك، مع تراجع الإمارات عن مشاركتها في اليمن، تتطلع دول أخرى مثل تركيا وروسيا إلى تأسيس نفوذها في المنطقة".

 

الحكم الذاتي في تهامة

 

وبحسب التقرير "تعود حركة تهامة إلى انتفاضة 2011-12 ضد الرئيس اليمني آنذاك علي عبد الله صالح، تشكلت قوات مقاومة تهامة المسلحة رداً على سيطرة الحوثيين على الحديدة عام 2014. في عامي 2014 و2015، كانت قوات المقاومة التهامية أكثر بقليل من المليشيات المحلية التي كافحت لتنسيق جهودها. ومع ذلك، مع تورط الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في الحرب في اليمن، بدأت المليشيات في تلقي الأسلحة والأموال وبعض التدريب الأساسي من البلدين. نظرًا لتركيزها على جنوب اليمن، طورت الإمارات العربية المتحدة أوثق علاقات مع قوات المقاومة تهامة وقدمت الجزء الأكبر من التمويل والأسلحة لمليشياتها.

 

وتابع أن "قوات مقاومة تهامة وذراعها السياسي ليست جيدة التنظيم أو التماسك مثل الجماعات المسلحة الأخرى في اليمن مثل المجلس الانتقالي الجنوبي أو الحوثيين".

 

وأردف ان "قيادة المليشيات والمنظمات السياسية المتمركزة في تهامة منتشرة ولم تحدد بعد أي أهداف أو أهداف منسقة تتجاوز طرد الحوثيين من تهامة".

 

واستدرك "قيادة مختلف المليشيات التي تعمل تحت مظلة قوات مقاومة تهامة لا تدعم جميعها تهامة مستقلة. علاوة على ذلك، هناك فجوة متزايدة بين أولئك المتحالفين مع المجلس الانتقالي الجنوبي (في إشارة إلى ما يعرف بالمقاومة الوطنية التابعة لطارق صالح المدعوم إماراتيا) وأولئك الذين يدعمون حكومة اليمن المعترف بها دوليًا.

 

خليط التحالفات

 

وقال إن وجود مليشيات تهامة قائم على العمل ضمن خليط من التحالفات، لعدم وجود هيكل تنظيمي محدد وغياب أهداف سياسية واضحة "، لافتا إلى أن هذه تحالفات غالباً ما تكون في حالة تغير مستمر.

 

وأضاف "لقد عملت قوات المقاومة التهامية عن كثب وتم دمجها إلى حد ما في قوات المقاومة الوطنية. ويقود قوات المقاومة الوطنية طارق صالح، ابن أخ الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح".

 

واعتبر التقرير المقاومة الوطنية هي القوة المسيطرة في تهامة، لافتا إلى أن مقاومة تهامة كحد كبير عملت كمليشيات مساعدة للمقاومة الوطنية، مع ذلك كانت وستظل هذه العلاقة تعتمد على قدرة قوات المقاومة الوطنية على توزيع الأموال والعتاد على تلك المليشيات التي تقاتل إلى جانبها.

 

وأكد "جيمس تاون" أن طارق صالح وقوات المقاومة الوطنية يدعمان الآن المجلس الانتقالي الجنوبي بدلاً من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.

 

ورجح التقرير أن تزداد التوترات بين قوات المقاومة التهامية وقوات المقاومة الوطنية حيث تتنافس هذه الجماعات المسلحة على الأموال والعتاد والتأثير. بينما يُحترم طارق صالح كقائد مؤهل، فإنه لا يزال أحد أفراد عائلة صالح وبالتالي يعتبره الكثيرون في حركة تهامة موضع شك. بصرف النظر عن مدينة الحديدة الساحلية، لم يكن تطوير تهامة مثل جنوب اليمن، من أولويات حكومة علي عبد الله صالح. كما استهدفت حكومة صالح المنشقين الذين لفتوا الانتباه إلى التهميش السياسي والاقتصادي لأجزاء من اليمن مثل الجنوب وتهامة.

 

ويقول إن تزايد الانقسامات داخل ما كان عبارة عن مجموعة هشة بالفعل من التحالفات في تهامة سيجعل أجزاء من المنطقة أكثر عرضة للهجمات التي يقودها الحوثيون.

 

النفوذ الخارجي والتأثير

 

وعن التدخل الخارجي ومحاولة النفوذ في تهامة، تقول المؤسسة الأمريكية إنه نظرًا لأن الإمارات، التي تأثر اقتصادها بشدة من خلال الاستجابة لكورونا، وخفضت السعودية نفقاتها في اليمن، ستنشأ فرص كبيرة للقوى الخارجية الأخرى لزيادة مشاركتها في تهامة وأماكن أخرى في اليمن، مشيرا إلى أن تركيا وقطر، المتحالفتان مع بعضهما البعض، تقاتلان السعودية والإمارات من أجل النفوذ في القرن الأفريقي والخليج.

 

ويوضح أن تهامة، بموقعها القيم في البحر الأحمر، ستُعتبر بلا شك أنها جاهزة للتأثير على العمليات والاستثمار من قبل تركيا وقطر وحتى روسيا.

 

كما أشار إلى أن المنافسة بين القوى الخارجية على النفوذ في تهامة والوصول إليها ستزيد من تعقيد الجهود المبذولة لتسهيل السلام المتفاوض عليه في اليمن. ومع ذلك، على عكس التدخل الهادف والمكلف بقيادة السعودية والإمارات العربية المتحدة في اليمن، فإن المبادرات التركية والقطرية والروسية في البلاد، إذا تحققت، ستكون أكثر دقة واستدامة وأقل علانية.

 

* يمكن الرجوع للمادة الأصل هنا

 

* ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات