الوحدة اليمنية والانفصال..
كيف يتم توظيف أمن النظام للسيطرة على التفاعل السعودي الإماراتي حول المنافسة الاقتصادية السياسية؟ (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة السبت, 24 يونيو, 2023 - 12:01 صباحاً
كيف يتم توظيف أمن النظام للسيطرة على التفاعل السعودي الإماراتي حول المنافسة الاقتصادية السياسية؟ (ترجمة خاصة)

[ محمد بن زيد ومحمد بن سلمان ]

سلط مجلس دولي متخصص في السياسات الدولية الضوء على الأهداف المتباينة للسياسات الاقتصادية لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعن توظيف أمن النظام للسيطرة على التفاعل السعودي الإماراتي حول المنافسة الاقتصادية السياسية.

 

وقال "المجلس الأطلسي" في تقرير أعده الباحث "روبرت ماسون" وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن هذه الاختلافات متصلة وتستحق التحقيق من أجل فهم مدى تعقيد العلاقة، وبرغم ذلك، من المهم ملاحظة أنه لا يزال ممكنا اعتبار العلاقة السعودية الإماراتية دائمة نظرا للضرورات المشتركة المحيطة بأمن النظام.

 

وأضاف "لطالما كانت السياسة النفطية من أبرز العوامل المسببة للقلق في علاقات البلدين الثنائية، فالمملكة تفضل الانتقال الممتد نحو مصادر الطاقة المتجددة، فيما تمتلك الإمارات احتياطيات نفطية أقل نسبيا (حوالي مائة مليار برميل، مما يجعلها في المرتبة السادسة عالميا).

 

وتابع "مع زيادة الوصول إلى صناديق الثروة السيادية، اكتسبت الإمارات ميزة في عملية التنويع الاقتصادي، برغم أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي لا يزال الطريق أمامها طويل في تحقيق التنويع على أساس السلع والخدمات بدلا من الهيدروكربونات ومشتقاتها. في الوقت الذي تولت فيه روسيا دور القيادة إلى جانب السعودية في أوبك + منذ عام 2016، تُركت الإمارات بقدرة نفطية غير مستخدمة، والتي يحتمل أن تبلغ قيمتها 50 مليار دولار إضافية لكل عام. ويثير هذا الأمر تساؤلات حول عضوية الإمارات في أوبك + وموقفها العام من المملكة".

 

وطبقا للمجلس فإن صراعات سياسية نشأت بين السعودية والإمارات منذ تأسيس الأخيرة في عام 1971، حيث كانت النزاعات الإقليمية والمنافسة الأسرية من الجوانب الرئيسية.

 

يشير إلى أن أبوظبي تطالب بحوالي 20% من حقل الشيبة النفطي، وقد فشلت معاهدة جدة لعام 1974 في الحفاظ على اتفاق نهائي نظرا للتناقض بين الاتفاقية الشفوية والاتفاقية المكتوبة. وقد تسبب هذا الافتقار إلى الإجماع بتوترات في غير مناسبة، خاصة بعد تولي الرئيس خليفة بن زايد آل نهيان منصبه في عام 2004 والذي شرع في إحياء مزاعم أبوظبي.

 

وأردف التقرير "من غير المستغرب ربما في هذا المناخ الجديد أن مشروع دولفين للغاز- الذي تم إطلاقه في 1999 وتم تصوره كمشروع لدول مجلس التعاون الخليجي جرى تضييقه لاحقا في نقل الغاز عبر الحدود من قطر- عارضته المملكة في عدة مناسبات. ومع ذلك، تمكنت قطر، الإمارات، وسلطنة عمان من بدء عمليات محدودة في عام 2007. كما تمت مقاومة مشروع جسر بحري مقترح عام 2005 لربط الإمارات مع قطر، كونه سيحد من وصول السعودية غير المقيد إلى الممرات البحرية. ومنذ ذلك الوقت، تعرضت العلاقة لمزيد من الشك بسبب أزمة دول مجلس التعاون الخليجي التي طال أمدها.

 

اشتداد التنافس السياسي

 

وأوضح التقرير أن التنافس الاقتصادي بين السعودية والإمارات زاد بعد أن غيرت المملكة مسارها في عام 2016 لمتابعة أهداف رؤية 2030، حيث أدخلت الرياض مجموعة من سياسات الاستثمار الجديدة، بما في ذلك قواعد الاستيراد التي تستبعد البضائع المصنوعة في المناطق الحرة- وهي جانب رئيسي من جوانب الاقتصاد الإماراتي- وتلك التي تستخدم المدخلات الإسرائيلية ضمن التعريفات التفضيلية. وتشمل التغييرات الأخرى موطن المقر الإقليمي وإعفاءات الضريبة.

 

وزاد "إن إطلاق السعودية للمنافسة الوطنية، مثل طيران الرياض، من المتوقع أن يطير إلى مائة وجهة خلال السنوات القادمة (بمجرد تشغيلها). وهذا من المفترض أن يزيد من المخاطر بالنسبة لشركات الطيران الإماراتية- طيران الإمارات والاتحاد للطيران- والناقل الوطني في قطر- الخطوط الجوية القطرية- والتي تم استخدامها لتغذية صناعات السياحة في كل دولة وتعزيز مكانتها كمراكز دولية. سيكون للاستثمارات السعودية الاستراتيجية في الرياضات الدولية مثل الفورمولا 1 والجولف، وكذلك المشاريع العملاقة مثل نيوم (مدينة ذكية مخطط لها في منطقة تبوك شمال غرب المملكة)، تأثير مماثل على تصاعد المنافسة داخل دول مجلس التعاون، في الغالب تجاه المنطقة في دبي.

 

يمضي المجلس الأطلسي تقريره بالقول "في ذات الوقت، تكيفت الإمارات بسرعة مع الظروف المتغيرة، وقد وقعت اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة تغطي جوانب عدة في التجارة مع إسرائيل والهند وإندونيسيا وتركيا. وهذا يتناقض مع التقدم الأكثر بطئا في مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لدول مجلس التعاون الخليجي مع الشركاء الرئيسيين كالاتحاد الأوروبي والصين".

 

وأشار إلى قيام رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد بترقية أخيه الشيخ منصور إلى منصب نائب الرئيس المشارك إلى جانب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم- وبذلك عزز حكم بني فاطمة (ستة أبناء فاطمة بنت مبارك الكتبي، الزوجة الأبرز للشيخ زايد بن سلطان).

 

ووفقا للتقرير فإن هذه الخطوة تساعد أيضا على نزع الطابع الشخصي عن ديناميكية القيادة لمحمد بن زائد. ونظرا لمقدار الكراهية المزدوجة- فرد واحد له دورين مختلفين- ومقدار التقاطع بين السياسة والأعمال في الإمارات، يعد هذا اعتبارا مهما لتقليل احتمالية التداخل بين السياسة والاقتصاد والعكس بالعكس.

 

وتوقع أن ثمة نقاط ضعف أخرى في انتظار طرح محمد بن سلمان الناجح لمشاريع ضخمة بمليارات الدولارات، مثل نيوم، وإطلاق وتوسيع الصناعات الناشئة، وما إذا كان الاندماج السياسي والهندسة الاجتماعية قد أثبتا استدامتهما.

 

تفوق المخاوف الأمنية

 

يقول التقرير "لطالما كان الشرق الأوسط مجالا مهما للتفاعل والتعاون السعودي والإماراتي، لا سيما في بداية الربيع العربي 2011، عندما فعّلوا قوة درع شبه الجزيرة الخليجية للرد على الانتفاضة في البحرين. فقد قامت قوات درع الجزيرة بحراسة المنشآت الرئيسية، مما سمح بتفرغ أجهزة الأمن البحرينية لقمع المتظاهرين.

 

فضلا عن ذلك، -بحسب التقرير- استجابت دول الخليج المجاورة لمصر، جنبا إلى جنب مع الكويت، بمجموعة متنوعة من الحوكمة الاقتصادية لدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2013. وقد تم اتخاذ هذا الإجراء بعد استيلاء الجيش على السلطة في مصر بسبب مخاوفهم العميقة بشأن الحكومة السابقة بقيادة جماعة الإخوان المسلمين، والدور المركزي الذي لعبته قطر في الاقتصاد السياسي للقاهرة.

 

يضيف "بسبب قيود التعاون الخليجي، شكلت السعودية والإمارات تحالفا أمنيا غير رسميا في اليمن في عام 2015 لدحر تمرد الحوثيين واستعادة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا. وعلى الرغم من انسحاب الإمارات من الحرب في 2019، إلا أن إرثها يستمر من خلال العلاقات المستمرة مع المجلس الانتقالي الجنوبي ونفوذها في الجنوب، بما في ذلك جزيرة سقطرى ومحيط مضيق باب المندب والبحر الأحمر. وهذا يحمي المصالح البحرية والتجارية للإمارات ويمنحها المزيد من النفوذ على مستقبل اليمن، كما يتناقض بذلك موقف الإمارات مع موقف المملكة التي تبدو مصممة على الحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية".

 

ولفت إلى أن المملكة والإمارات لا تزالان متحالفين سياسيا في معظم القضايا، بما في ذلك الدبلوماسية مع إيران وتركيا وسوريا. وقد يكون هناك أيضا بعض التنسيق في المسارح، كما هو الحال في السودان، حيث اندلع الصراع في 15 أبريل بسبب تصاعد الصراع على السلطة بين القائد الفعلي للسودان وقائد الجيش ك، عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو (المعروف أيضًا باسم حميدتي). واحتلت السعودية زمام المبادرة في الوساطة بالنظر إلى التحيز المتصور لدولة الإمارات لصالح حميدتي.

 

وختم المجلس الأطلسي تقريره بالقول "في الأساس، ليس الاقتصاد ولا السياسة الإقليمية هي العوامل المحددة في العلاقة الثنائية بين السعودية والإمارات. وبدلا من ذلك، فإن الحاجة الملحة للحفاظ على أمن النظام خلال فترة عدم اليقين هذه هي التي تحل محل جميع المخاوف الأخرى وتحدد الطريقة التي تتفاعل بها هاتان الدولتان فيما بينهما".

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات