سلطت صحيفة غربية الضوء على معايير الازدواجية للولايات المتحدة الأمريكية بشأن دعمها لحرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة واستهدافها لمواقع في اليمن، تحت مزاعم حماية الملاحة الدولية ومقتل عشرات الآلاف من المدنيين بينهم أطفال ونساء في غزة.

وقالت صحيفة "laprogressive" في تقرير ترجمه للعربية "الموقع بوست" تحت عنوان "حماية التجارة أو حماية الناس: قصف اليمن" إن الذريعة الأمريكية الرسمية لمهاجمة اليمن هي "حماية التجارة" التي تتدفق عبر البحر الأحمر.

وتساءلت الصحيفة: فهل هذا أهم من ذبح أطفال فلسطين؟

وقالت "بينما نشرت الولايات المتحدة قاذفات القنابل من طراز B-1 لمهاجمة العراق وسوريا، وهاجمت طائرات أمريكية وبريطانية أخرى اليمن، يشهد العالم حربا على ثلاث جبهات يمكن تجنبها بمكالمة هاتفية بسيطة. إذا أبلغ جو بايدن القيادة الإسرائيلية برغبته في إنهاء تدفق الأسلحة والأموال الداعمة للإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، فإن الحرب ستنتهي فجأة. وبدلاً من ذلك، تعمل الولايات المتحدة على تفاقم مشاكلها في منطقة لا تستطيع السيطرة عليها".

وأكدت أن الذريعة الأمريكية الرسمية لمهاجمة اليمن هي "حماية التجارة" التي تتدفق عبر البحر الأحمر. ويبدو ذلك أكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة من ذبح عشرات الآلاف من الفلسطينيين. ويصر قادة أنصار الله (المعروفون أيضًا باسم الحوثيين) على أن تعطيل التجارة المرتبطة بإسرائيل عبر البحر الأحمر سيتوقف عندما يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار في غزة. بايدن يفضل مهاجمة اليمن على وقف الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

وذكرت أن مساحة غرب آسيا 2.3 مليون تبلغ ميل مربع، ويبلغ عدد سكانها حوالي 313 مليون نسمة. ويمثل هذا ما يقرب من ثلاثة أخماس (62٪) حجم الولايات المتحدة القارية، مع حوالي 90٪ من سكان الولايات المتحدة. ويتدفق حوالي 40% من التجارة العالمية عبر البحر الأحمر والخليج العربي. ومع تصاعد الهجمات الأمريكية، فإنها تخاطر بحدوث اضطراب اقتصادي عالمي النطاق. ويسيطر اليمنيون على مضيق باب المندب (المعروف أيضًا باسم "باب الحزن") في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر. وتسيطر إيران على مضيق هرمز، في الطرف الجنوبي الشرقي للخليج العربي. وإذا تم إغلاق كلا نقطتي الاختناق، فسوف يتسبب ذلك في كارثة اقتصادية.

وقالت "تُظهر نظرة مقربة للمنطقة التي هاجمتها الولايات المتحدة في سوريا والعراق عددًا من القواعد العسكرية الإيرانية والروسية – كلها موجودة بدعوة من الحكومة السورية – بالإضافة إلى العديد من القواعد الأمريكية غير القانونية التي بقيت بعد انسحاب الولايات المتحدة رسميًا من سوريا. في عام 2018.

وتقع قاعدة “برج 22” الأمريكية بجوار قاعدة التنف من الجانب الأردني. يقال إن التنف هي أكبر قاعدة أمريكية في سوريا، وتستخدم لتدريب المتمردين السوريين المناهضين للحكومة.

وأوضحت أن الولايات المتحدة نشرت قاذفات القنابل من طراز B-1 مباشرة من قاعدة دايس الجوية في تكساس. لقد طاروا دون توقف حوالي 5000 ميل عبر المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط وشبه الجزيرة العربية لإطلاق أكثر من 125 صاروخًا على 85 هدفًا في العراق وسوريا. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن "الجيش الأمريكي يقوم بتقييم عشرات الغارات الجوية" التي أسفرت عن مقتل 39 شخصًا على الأقل - 23 في سوريا و16 في العراق. ووصفت وزارة الخارجية الإيرانية الهجمات بأنها “عمل مغامرة وخطأ استراتيجي آخر”. وقال تقرير لصحيفة التايمز إن استخدام طائرات B-1 يحمل رسالة خاصة: "كانت أيضًا نفس الطائرات الحربية التي يمكن استخدامها في أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية".

وتابعت "تم نشر قاذفات استراتيجية كبيرة من طراز B-52 مثل B-1 منذ عقود ضد فيتنام. تم إسقاط أكثر من ثلث تلك الطائرات من طراز B-52 بنيران فيتنامية مضادة للطائرات خلال ما يسمى "قصف عيد الميلاد" عام 1972، قبل اتفاقية السلام في يناير 1973 مباشرة. وتمتلك إيران أسلحة مضادة للطائرات متطورة للغاية، الأمر الذي قد يعقد الخطط الأمريكية."

وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن: "نحن لا نسعى إلى صراع في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر". إن دعوة إسرائيل إلى وقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة قد تكون أكثر فعالية من النهج الحالي.

وبحسب التقرير "تُظهِر نظرة موسعة لخريطة غرب آسيا مدى قربها من كل من روسيا والصين - وكلاهما حليفتان لإيران. وهذا يجعل الهجوم الأمريكي على سوريا والعراق تحديًا وتهديدًا إضافيًا. هل بايدن وأوستن وبلينكن مستعدون لحرب عالمية؟ كانت الحرب التي شنها حلف شمال الأطلسي بالوكالة في أوكرانيا ضد روسيا بمثابة كارثة ــ حالة من الإفراط الإمبراطوري في التوسع وخداع الذات ــ مع خسارة مئات الآلاف من الأرواح. وفي الوقت نفسه، لا تزال هناك قوة عسكرية عملاقة تابعة للولايات المتحدة وحلفائها مستعدة لشن حرب ضد الصين. وقد تتأخر خطط الولايات المتحدة بشأن "المحور نحو آسيا" بسبب هذه المغامرة الأمريكية الجديدة، والتي هي في الحقيقة "إعادة مداس" لعقدين من "الحرب التي لا نهاية لها" في المنطقة. أو ربما تريد الولايات المتحدة القتال على جبهة أخرى؟

السخرية من المحكمة العالمية

وذكرت أن محكمة العدل الدولية مؤخراً قضت بأن ادعاء جنوب أفريقيا "المقبول" بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. ودعا إسرائيل والدول التي تدعمها إلى الامتناع عن ارتكاب المزيد من أعمال الإبادة الجماعية ومنعها، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية الطارئة – الغذاء والدواء والمياه والوقود. ويعكس قرار المحكمة، الذي تم التوصل إليه بأغلبية 15 مقابل 2، العديد من الأصوات الساحقة المماثلة لوقف إطلاق النار في الأمم المتحدة، مما يسلط الضوء على درجة العزلة العالمية التي تواجهها الولايات المتحدة وإسرائيل.

وزادت الصحيفة "نددت إسرائيل بقرار المحكمة الدولية، ثم أثارت ضجة كبيرة مفادها أن عدداً قليلاً من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ساعدوا الفلسطينيين في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ولم تقدم أي دليل. لقد جربت هذا النوع من الاتهامات من قبل، وتم تصوير سياسي إسرائيلي بارز على شاشة التلفزيون وهو يجادل بحماس قائلاً: "إذا أردنا الفوز في هذه الحرب، فنحن بحاجة إلى تدمير الأونروا". وهذه المرة اتخذت وزارة الخارجية الأميركية إجراءات فورية لتجميد تمويلها للأونروا، وشجعت حلفاءها الغربيين على القيام بالمثل، على الرغم من قيام الأونروا بفصل عشرات الموظفين المتهمين. وشكلت هذه الأفعال إهانة مباشرة لمحكمة العدل الدولية، وتحركا واضحا وواعيا لتكثيف المعاناة الفلسطينية".

وأردفت عاد وزير الخارجية بلينكن إلى المنطقة في 4 شباط/فبراير "كجزء من المفاوضات الدبلوماسية المستمرة". وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إن “الأولوية القصوى” لبلينكن في اجتماعاته مع الحكومة الإسرائيلية ستكون “التأكد من وصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في غزة”. لم تكن مثل هذه الجهود مثمرة من قبل، مما أثار تساؤلات حول المصداقية والصدق: هل يريد بلينكن حقاً الإغاثة للفلسطينيين؟

نسخة جديدة من قصة قديمة

وقالت "من الممكن أن ننظر إلى التصعيد الأميركي الحالي في غرب آسيا باعتباره شكلاً مختلفاً من أشكال "الحرب التي لا نهاية لها" في المنطقة، والتي تشنها منذ عقدين من الزمن، فضلاً عن تصميمها على الحفاظ على الاستعمار الإسرائيلي الوحشي لفلسطين الذي دام 75 عاماً. وبمعنى أوسع، فهو يعكس الحروب الصليبية في أواخر العصور الوسطى، والتي حاربت فيها القوات المسيحية التابعة لـ "الإمبراطورية الرومانية المقدسة" الكفار المسلمين الذين احتلوا مدينة القدس المقدسة. وفي عام 1187، هزم الكفار (أي المسلمين المؤمنين) الغزاة الغربيين. "استسلمت المدن المسيحية لصلاح الدين واحدة تلو الأخرى، وبلغت ذروتها باستسلام القدس".

واستدركت "لقد حدث تغير في ميزان القوى، سواء في فلسطين التاريخية أو في المنطقة المحيطة بها. وإلى جانب فلسطين في لبنان، أصبحت قوات حزب الله أقوى كثيراً مما كانت عليه عندما صدت الإسرائيليين من جنوب لبنان في عام 2006. ومنذ ذلك الحين، حصنت هذه القوات نفسها باعتبارها عاملاً رئيسياً، إلى جانب روسيا وإيران، في قتال الولايات المتحدة وحلفائها. وكلاء إلى طريق مسدود في الحرب الأهلية السورية. ويقال إن لديهم مئات الآلاف من القوات المتشددة وعشرات الآلاف من الصواريخ الطويلة والمتوسطة المدى، والتي لم ينشروها بعد على الرغم من طرد عشرات الآلاف من المستوطنين الإسرائيليين بعيدًا عن منطقة الحدود اللبنانية".

وفي العراق، تقول الصحيفة "تم دمج وحدات الحشد الشعبي، التي تشكلت في البداية كميليشيا مدنية في عام 2014، تدريجياً في القوات المسلحة العراقية الرسمية. وبعد أن تركت الولايات المتحدة داعش في وضع يمكنها من شل الدولة العراقية، وفقًا لأحد التقارير، "صمدت وحدات الحشد الشعبي وهزمت داعش مرارًا وتكرارًا". ويقول هذا التقرير إن وحدات الحشد الشعبي لديها "حوالي 250 ألف مقاتل من جميع أنحاء المنطقة، ولا تزال واحدة من أكثر الأعداء ثباتًا وفعالية للعديد من الجهاديين الأليفين في أمريكا".

وفي اليمن، تشير إلى أن جماعة الحوثي تحدت الولايات المتحدة وحلفائها، وتدعي أنها مستعدة للمزيد. ومثل الفلسطينيين في غزة، فإن معظم أصولهم العسكرية موجودة بأمان تحت الأرض ولكنها جاهزة للانتشار السريع - وهي جاهزة بما يكفي لتعطيل ميناء إيلات الإسرائيلي على خليج العقبة من خلال حصارهم لبوابة الحزن".

وقال بيان لوزارة الخارجية الإيرانية إن “جذور التوتر والأزمة في المنطقة تعود إلى احتلال النظام الإسرائيلي واستمرار عملياته العسكرية في غزة والإبادة الجماعية للفلسطينيين بدعم غير محدود من الولايات المتحدة”.