سلطت صحيفة هندية الضوء على أزمة البحر الأحمر وتأثيرها على التجارة العالمية، والاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة.
وقالت صحيفة "فاينانشيال إكسبرس" في تقرير لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إن جماعة الحوثي أطلقت وابلاً من الصواريخ والقذائف على إسرائيل ردا على عدوان الأخيرة ضد قطاع غزة.
وذكرت أن الوضع في البحر الأحمر تفاقم بشكل خطير للغاية بعد الهجمات التي قادتها الولايات المتحدة على اليمن والتي بدأت في 11 كانون الثاني/يناير، كما يتضح من البيان الذي أدلى به عمرو الصمدوني، الأمين العام لقسم النقل الدولي واللوجستيات في غرفة تجارة القاهرة في الثاني من كانون الثاني/يناير 2024. وقال إن التوترات التي تشهدها منطقة البحر الأحمر بسبب جماعة أنصار الله لم تؤثر بشكل كبير على الملاحة في قناة السويس.
وقالت الصحيفة "أعادت الولايات المتحدة مؤخرا تصنيف جماعة الحوثي على أنها "منظمة إرهابية" في أعقاب ردها المسلح على الضربات العسكرية الأمريكية على اليمن ودعم المقاومة الفلسطينية ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.
وبحسب التقرير فإن جماعة الحوثي، من الناحية العملية، تسيطر على معظم أنحاء اليمن بما في ذلك عاصمتها صنعاء، وتدير البلاد بحكم الأمر الواقع. ويعيش معظم اليمنيين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي في اليمن، حيث يجمعون الضرائب ويطبعون النقود.
وأشار إلى أن جماعة الحوثي أعلنت أنها تستهدف السفن المملوكة لإسرائيل أو التي ترفع علمها أو تشغلها، أو التي تتجه إلى الموانئ الإسرائيلية (وكذلك السفن المبحرة من إسرائيل). واستخدموا مجموعة من الأسلحة المتطورة بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيّرة في هجماتهم على السفن المتجهة إلى إسرائيل والسفن المملوكة لإسرائيل في البحر الأحمر لدعم حركة حماس في حربها ضد إسرائيل.
ويقولون كذلك إن هجماتهم على السفن التجارية والحربية التي لها صلات إسرائيلية محتملة تهدف في المقام الأول إلى الضغط على إسرائيل لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة. وفي 18 تشرين الثاني/نوفمبر، استولوا على سفينة شحن لإظهار تصميمهم على أهدافهم. وبينما تلفت القوات المسلحة الإسرائيلية من ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في غزة، بكل معنى الكلمة، فإن مهمة لفت الانتباه إلى هذه الحقيقة قد وقعت على عاتق الآخرين.
وقال المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام أنه "لا يوجد أي تهديد للملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي، وسيستمر الاستهداف ليطال السفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى موانئ فلسطين المحتلة".
وطبقا للتقرير فإن جماعة الحوثي وحزب الله هما حركتا المقاومة الرئيسيتان اللتان اتخذتا موقفا واضحا بشأن الحرب الحالية بين الاحتلال الإسرائيلي، وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، وتجرأتا على قول الحقيقة حول معاناة الفلسطينيين والدفاع عنهم.
وتابعت الصحيفة الهندية "بينما اتخذ اليمنيون موقفا متحديا ضد إسرائيل، فقد اجتذبوا تلقائيا الولايات المتحدة لدعم إسرائيل وبدأت الأمور تتغير فجأة. فأي معارضة مسلحة ضد العدوان الإسرائيلي واحتلال فلسطين تؤدي تلقائيا إلى رد فعل عسكري أمريكي دعمًا لإسرائيل. وهذا يعني أن أي مقاومة مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي تستلزم تلقائياً قتالاً ضد الولايات المتحدة".
وتطرقت إلى أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أطلقتا في 12 كانون الثاني / يناير عملية بحرية لدعم وحماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مستهدفة مواقع متعددة في جميع أنحاء اليمن ردًا على الهجمات على السفن المتجهة إلى إسرائيل. وهذه الهجمات الأمريكية والبريطانية على اليمنيين لها أجندة أوسع بكثير؛ كما أنها تساعد إسرائيل على الاستمرار في تحدي حكم محكمة العدل الدولية الذي يطالبها بوقف الإبادة الجماعية في غزة.
وبحسب الصحيفة فإن هذه الهجمات ترسل أيضًا رسالة واضحة إلى إسرائيل مفادها أن الحلفاء الأمريكيين والأوروبيين سيواصلون الوقوف إلى جانبها حتى في ظل ارتكابها إبادة جماعية في حق الفلسطينيين في غزة.
تضيف "أوضح دليل على ذلك رفض الدعوات إلى وقف لإطلاق النار. وبكل بساطة، فإن هذه الهجمات الأمريكية على اليمن تهدف إلى دعم مذبحة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة ومحاولات الحفاظ على سيطرتها المتضائلة على المنطقة التي تسمى الشرق الأوسط. لكن موجة القصف الأمريكية الحالية، ليس فقط ضد اليمن، بل ضد سوريا والعراق، لن تؤدي إلى عكس اتجاه تراجع التفوق الأمريكي في الشرق الأوسط".
وأردفت "بينما هاجم الحوثيون في البداية السفن المرتبطة بإسرائيل فقط في البحر الأحمر تضامناً مع الفلسطينيين، فقد وسعوا الآن هجماتها لتشمل السفن البريطانية والأمريكية بعد أن شنت واشنطن ولندن ضربات جوية في اليمن. ويقولون الآن إن الهجمات الموسعة، التي عطلت التجارة العالمية، ستتوقف عندما توقف إسرائيل الحرب في غزة.
ووفقاً لشركة "إس إن بي غلوبال ماركت إنتليجنس"، فإن ما يصل إلى 15 في المائة من البضائع المستوردة إلى أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا تم شحنها من آسيا والخليج عن طريق البحر. ويشمل ذلك 21.5 في المائة من النفط المكرر وأكثر من 13 في المائة من النفط الخام. كما تضم القائمة جميع أنواع السلع الاستهلاكية مثل الإلكترونيات والملابس والأحذية. والتفاف السفن عبر رأس الرجاء الصالح سيضيف حوالي 20 يومًا إضافيًا لمدة شحن البضائع إلى الموانئ الأوروبية. وينعكس هذا بالفعل في انخفاض أحجام التجارة المجمعة لأوروبا.
ووفقا للصحيفة الهندية فإن مؤشرات التجارة الصادرة عن معهد كايل للاقتصاد العالمي لشهر كانون الأول/ ديسمبر تظهر أن الصادرات من الاتحاد الأوروبي والواردات إليه انخفضت بنسبة 2 في المائة و3.1 في المائة على التوالي. ويضيف التقرير أن الولايات المتحدة شهدت انخفاضًا بنسبة 1.5 في المائة في الصادرات وانخفاضًا بنسبة 1.0 في المائة في الواردات، على الرغم من أن طريق قناة السويس يلعب دورًا أقل بكثير بالنسبة للولايات المتحدة مقارنة بأوروبا.
وأشار معهد كايل للاقتصاد العالمي إلى أن التجارة العالمية انخفضت بنسبة 1.3 في المائة في الفترة من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى كانون الأول/ ديسمبر 2023 نتيجة للهجمات في البحر الأحمر، كما انخفض حجم الحاويات المنقولة عبر البحر الأحمر بأكثر من النصف اعتبارًا من كانون الأول/ديسمبر ويبلغ حاليًا ما يقارب 70 في المائة أقل من الحجم المتوقع عادة.
وتوقعت الصحيفة أن تتكبد أوروبا ودول منطقة البحر الأبيض المتوسط أكبر الخسائر إذا استمر العدوان الذي تقوده الولايات المتحدة على اليمن. ومن المرجح أن يستمر الوضع على المدى الطويل، حيث تأثرت العديد من السفن التي تنقل البضائع من وإلى تلك البلدان.
وختمت صحيفة "فاينانشيال إكسبرس" تقريرها بالقول "الواقع أن الصراع المطول في البحر الأحمر والاضطرابات المتصاعدة في الشرق الأوسط يهددان بتأثيرات مدمرة ليس فقط في أوروبا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط، بل وأيضاً على الاقتصاد العالمي. لافتة إلى أن البنك الدولي قد حذر بالفعل من أن الأزمة تهدد الآن بالتأثير على أسعار الفائدة المرتفعة، وانخفاض النمو، والتضخم المستمر، وزيادة عدم الاستقرار الجيوسياسي".