يعد الاستثمار في التعليم والتنافس البناء والتميز في الجودة والنوعية من أفضل أنواع الشراكة الايجابية باعتباره رافداً ومسانداً فعلياً للتعليم الحكومي في مواجهة استقطاب الطلاب خارج أسوار المدارس.
لقد حظيت توجهات وزارة التربية التعليم قبيل بدء العام الدراسي الحالي بشأن تقديم التسهيلات للازمة للاستثمار في التعليم وتحديد الضوابط المهنية لذلك، بالترحيب الكبير في أوساط المهتمين بالجانب التعليمي، بالإضافة إلى إصدار التعميمات الخاصة بتشكيل فرق ميدانية لقيادات التعليم الأهلي من أجل زيارة المدارس قيد الإنشاء والمتقدمة بطلب الحصول على تراخيص مزاولة العمل في كافة المحافظات.
وخلال فترة قياسية صار الجميع يستمع إلى نتائج الزيارات الميدانية لتلك اللجان الميدانية وطبيعة عملها، الأمر الذي يبعث على الاطمئنان ويؤكد الحرص المسئول والمهني والاهتمام المؤسسي الذي يعكس الصورة الإيجابية والجادة لدى وزارة التربية في خلق تنافس حقيقي لدى المستثمرين في قطاع التعليم بغرض تقديم خدمة راقية للمجتمع.
وقد كشفت تقارير تربوية عن رفض الوزارة منح تراخيص لعدد كبير من المدارس التي تقدمت للحصول على طلب التشغيل، نظرا لعدم استيفائها للشروط والمعايير العلمية والإدارية والفنية التي حددتها الوزارة، ومع بدء فتح باب التسجيل والقبول للعام الدراسي الحالي فقد تسابق المستثمرون التجاريون بحملاتهم الإعلانية التي ضجت مسامعنا عبر وسائل الإعلام واللافتات القماشية في الشوارع والبروشورات الموزعة في المساجد والأسواق والأماكن العامة، والتي لا يمتلك غالبيتها أدنى معايير ومواصفات التعليم، مجسدة المقولة الشهيرة "نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً".
ومع فتح أبواب تلك المشاريع الاستثمارية في مجال التعليم رأينا العجب العجاب وخاب أملنا بما نشدناه وينشده الجميع، مباني تفتقر لأبسط المقومات التعليمية، من حيث الفصول الدراسية والأثاث والمعامل الكيميائية والحاسوب والكادر التعليمي والإداري، يقابله في الجانب الآخر الرسوم المالية الخيالية والتي فاقت أعلى التوقعات ولم تراعي الأوضاع الصعبة والمعيشية التي يشهدها المواطن جراء استمرار العدوان والحصار على اليمن منذ 5 سنوات، تسببت في استهداف العملية التعليمية والتربوية عبر قطع رواتب المعلمين وحرمانهم من الحصول على مصدر دخلهم الشهري منذ 4 سنوات، ناهيك عن خروج أكثر من 3500 مدرسة عن الخدمة بعد تدميرها إما كلياً أو جزئياً بفعل القصف وغارات الطيران.
وبالرغم من الضغوط والالتزامات التي تواجه قيادة وزارة التربية والتعليم وسعيها الحثيث لحلحلة ومعالجة كافة جوانب المنظومة التعليمية، فإن ذلك لا يمنع أن تستنفر كل طاقتها وتبذل جهد أكبر بما يوازي حجم الكارثة التي قد يسببها عديمي الضمير لاستغلالهم التسهيلات الكبيرة التي منحتها قيادة وزارة التربية للاستثمار في قطاع التعليم.
نأمل أن تصل رسالتنا إلى حيث يجب أن تصل، وأن يتم فرض الشروط والمعايير والضوابط كقيود تحد من العبث القائم في قطاع الاستثمار بالتعليم، وذلك من خلال النزول الميداني لكل مدرسة للتأكد من استيفاءها لتلك الشروط ، مع الحرص على إيجاد عملية وآلية ضابطة تحدد أسعار الرسوم الدراسية لكل مرحلة وغيرها، و تكثيف الجانب الرقابي المركزي وإشراك إدارات الرقابة والموجهين في هذا الجانب، حتى يظل المواطن في مأمن من جشع وطمع بعض المدارس التي لم تعد ترى في التعليم سوى سلعة رابحة تدر الأموال على أصحابها.