انطباعات فتى قروي زار عدن.!
الاربعاء, 16 سبتمبر, 2020 - 02:34 مساءً

خلال الأيام الماضية تجولت في شوارع عدن وطفت شواطئها ومنتجعاتها, دخلت الأحياء الشعبية والأسواق العامة, الماركيتات وأسواق القات, أكلت في مطاعم راقية وأخرى شعبية وشربت فنجان شاي في مقهى الشجرة في حي الشيخ عثمان.. تحدثت مع العامة بلغتي التعزية القروية ولم أحاول التصنع. واذا ما سألني أحد عن هويتي أجاوبه بفخر :من تعز.!
 
الجميع هنا يحب أصحاب تعز كثيرا, هذه المشاعر تجاه ابناء تعز بالذات مشاعر جديدة, أنتجتها الخمس السنوات الماضية من الحرب .. يسمع الناس عن صمود تعز في وجه القوى الحوثية في تعز ومارب والساحل الغربي وكل خطوط الإشتباك مع القوي الإمامية وحجم التضحيات التي يقدمونها فدا للوطن.
 
هناك حكم عام يصدره من يعيش في عدن سوءا ممن هم من عدن ذاتها او من اي منطقة اخرى من الجنوب كله: انت من تعز ذلك يعني انك صاحب أمانة..رجل سلم وأخلاق وذوق واحترام.
 
ذات نهار عدني شديد الحر أستقليت تاكسي من الهاشمي قاصدا مدينة إنماء يسوقه شاب عدني عرف اني تعزي من لهجتي وشرع يمتدح ابناء تعز كلهم, قال" عدن كلها من آبناء تعز اي شخص عدني إما صومالي او مولد هندي لا وجود لإبن عدن الخالص الا في النادر وفي نطاق محدود في كريتر وما جاورها" وتبادلنا احاديث كثيرة وبالمقابل أمتدحت أبناء عدن والجنوب قاطبة وتحدثت بلغة البلد الواحد حتى ان الشاب بدا متسامحا في الاجرة التي دفعتها قائلا "كم ما معك" على طريقة اصحاب تعز طبعا.
 
في مساء ذات يوم تناولت وجبة عشاء خفيفة في مطعم شعبي قرب مقوات الهاشمي واحتسيت قلص شاهي في مقهي الشجرة هناك أخذت أتحدث بلغة تعزية قروية وبصوت مرتفع على إثرها أخذ أحد الجالسين على الطاولة المجاورة يحدثني عن الحجرية بعد أن سألني عن مدينتي قال أنه لم يجد طيبة كطيبة أبناء الحجرية وأبناء تعز قاطبة, الرجل من أبناء الصبيحة لحج سبق أن زار تعز خلال سنوات الحرب الماضية.
 
وللأمانة انني بحثت في شوارع عدن عن العنصرية التي يتزعمونها ويتحدث عنها الاعلام ولم أجد..قلت ربما في الماضي كانت هناك اطراف سياسية او طرف ما يعزف على وتر العنصرية خاصة بين ابناء الجنوب وأبناء تعز بالذات..هذا الطرف لم يعد موجود حاليا والمبرر لم يعد يجدي نفعا فالكثير من المفاهيم تغيرت واكتشف الناس الحقيقة الغائبة.
 
ركتبت تكسي آخر يسوقه رجل حضرمي, قلت له بتذمر عدن لم تعد صالحة للعيش الآدمي إعتراضا على الحر الشديد قال: لا. مشكلتنا فقط مشكلة غياب الدولة, كل ما تراه امامك محض عصابات لصوص وسرق, قالها بصراحة وراح يحدثني عن نماذج كثيره وصور تعزز وجهة نظره. لم يعد احد يتعصب ضد احد, الجميع هنا يتبرم من السلطات القائمة ولا أحد مبتهج بحلم الإستقلال ولا بدولة الجنوب, لا احد يتحدث سياسة الجميع يتحرك بصمت وتقرأ على وجوههم الحسرة والندم وتجاعيد اليأس.!
 
 

التعليقات