من حيث كان أحمد الشلفي
الخميس, 22 يونيو, 2023 - 12:03 صباحاً

من حيث كنت، كتاب أصدره الصحفي أحمد الشلفي مؤخرا، ويقع الكتاب ضمن ثلاثة كتب مهمة أعلن عنهما المؤلف: ابتدأها بكتاب الرحيل عن الجنة، من حيث كنت، وكتاب ثالث قيد التأليف.
 
وهذه الكتب الثلاثة تتناول مواقف من حياة المؤلف: سياسية وأدبية واجتماعية وتوثق للحظة تأريخية كان الشلفي شاهد عليها خلال مسيرة عملة الميداني مراسل لقناة الجزيرة.
 
يبدأ كتاب من حيث كنت بنص شعري وينتهي الكتاب بقصيدة شعرية أيضا، كما لو أن المؤلف يريد التنويه لكونه شاعرا قبل أن يكون صحفيا، فمن بوابة الشعر بدأت مسيرته الإعلامية والي الشعر انتهت.
 
الإهداء يعطي معنى كافيا على دوافع الكتابة:
أكتب كي لا تنسى
اكتب كي لا تصبح مجرد رفات
اكتب إلى الأبد.
 
يشير المؤلف إلى أن الكتابة هي عضلة، اذا لم يدربها الإنسان كل يوم فإنها تترهل ويستشهد المؤلف بحياة كتاب كمحمود درويش وآخرون الذين كانوا يخصصون ساعات للكتابة يوميا، فالكتاب يعتبر كما يقول المؤلف "استدارة كاملة بعد عملي مع الكاميرا إلى الكتابة والنصوص؛ محاولا تمرين عضلة الكتابة من جديد، لكن الأمر لا يبدو سهلا كما اعتقدت."
 
جميعنا بات يعتقد أننا اليوم نعيش في عصر الصورة والفيديو وأن العالم يشهد موت مؤكد للكتابة غير أن المؤلف رغم كونه مراسل تلفزيوني يؤمن بالعكس، يقول: "-ما زلت أؤمن أن مداد الكتابة هو أعظم تأثيرا من كل اختراعات الميديا التي أهداها إلينا هذا العصر."
 
ويضيف: "عندما التحقت بالتلفزيون كنت أعتقد أن الكاميرا عين ثالثة، لكنني مع الوقت والمراس والتجربة اكتشفت أن مهمتها للأسف تسطيح الأعمال العظيمة."
 
الحياة هي حلبة مصارعة، وفن العيش هو فن القتال، ثمة مقالة تجسد نظرة المؤلف للحياة وهي نظرة فلسفية "هذه الحياة تبدو لي أشبه بحلبة مصارعة وعليك أن تحمد الله كثيرا أنك خرجت منها مهزوما بالنقاط وليس بالضربة القاضية."
 
هناك مقالة وجدانية، عن قتل الشاعر، كيف تجبر الحياة الانسان أن يتخلى عن بعض الأحلام في سبيل أن يعيش حياة أفضل:" لقد استغرق الأمر وقتا طويلا لأقرر كيف أغادر مملكة الشعر التي تبين لي أو هكذا قدرت أنها عالم لا يوازي بالضبط الحياة التي يريد شخص مثلي أن ينخرط فيها، فلا توفر بلداننا العربية لشاعر ولا لروائي ولا لفنان حياة كريمة."
 
في الكتاب مقالات شجية عن إذاعة البي بي سي، وإذاعة صنعاء،  التي كانت مدرسته الأولى، وهناك ذكر لشخصيات مهمة في اليمن وفي حياة المؤلف نفسه، أثر بها وأثرت به، ويضم الكتاب حوارات مع رئيس الصومال ورئيس اثيوبيا، وحكايا من تغطياته الإعلامية على الحدود السودانية، ويختتم الكتاب بسرد أدبي لقصة ميدان رابعة العدوية في مصر، وعمله كصحفي شهد تلك الأحداث، ويتضمن هذا الجزء مشهد تدمع له العين، وسرد أدبي يشدك إلى النهاية،  ويختتم الكتاب بقصيدة هي من أروع ما كتب الشلفي تحس بحرارتها وصدقها العاطفي، قالها عن أحداث رابعة العدوية في مصر.
 
والحقيقة الكتاب مهم لأي شخص يحب الاطلاع على أحداث تلك الحقبة التي عمل فيها الشلفي وكان شاهدا عليها الممتدة من 2006 وحتى 2015 تقريبا، لكن الكتاب ذو قيمة مختلفة بالنسبة للصحفيين، وخاصة الشباب الطامحين والحالمين، أما الذين يشاركون المؤلف نفس الأحلام أو حاولوا عبور الطريق ذاتها ففيه سيرة شجن قد تصيبهم بالاختناق، خاصة عندما يتحدث عن مدينة تعز والأماكن التي زارها وعمل فيها بشجن يصيب قلبك بالحزن الرومنسي اللذيذ.!
 

التعليقات