ما هي المطلوبات السبعة من حزب الإصلاح؟
الإثنين, 13 سبتمبر, 2021 - 07:14 مساءً

خرج التجمع اليمني للإصلاح من رحم الحركة الإسلامية الوسطية منذ نحو ثلاثة عقود، وقد اجتهد وجاهد من أجل الانغراس وسط الشعب اليمني بكافة مذاهبه الفقهية وتياراته الفكرية ومناطقه الجغرافية ومستوياته الاجتماعية، بما له من خصوصيات ثقافية واجتماعية، وبما يعاني من آفات ويقف في طريق تقدمه من تحديات وما له من مطالب متنوعة.
 
 وتشهد الوقائع والأحداث بأن الإصلاح شئنا أم أبينا، قد صار أكبر الأحزاب اليمنية التي انبعثت من وسط الجماهير التي تهفو للتغيير الثقافي وتتشوق للتقدم الحضاري المنضبط بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
 
وقد شهدت مسيرته الكثير من الانعطافات والأحداث، وحقّق في نضاله العديد من الإنجازات الملموسة، وعانى من عديد من الإخفاقات والانكسارات التي واجهته في مسيرته، مما يستدعي تفعيل النقد الذاتي وتشجيع فقه المراجعات، مع الاستفادة من سائر التجارب والخبرات المعاصرة.
 
وكان كاتب هذه السطور في الذكرى الثامنة والعشرين لتأسيس هذا الحزب، قد أحبّ كمواطن يمني أولاً وكباحث مسلم ثانيا وكمهتم بحركات النهوض وأحزاب الصحوة وتيارات الاستقلال الحضاري ثالثا، أن يضع بين يدي قادة هذا الحزب باختصار شديد عددا من المطالب التي يبدو له أن سائر الأحرار يطلبونها، وها نحن نكرر ذات المطالب بشيء من التشذيب والتطوير في الذكرى ال 31 للتأسيس، وهي:
 
1 - تخصيص جهاز كفؤ في الحزب لتبني المراجعات المطلوبة والقيام بممارسة النقد الذاتي على أوسع نطاق، سواء تعلق الأمر بالأفكار والرؤى أو بالخُطط والاستراتيجيات أو بالجوانب السلوكية والتنفيذية، مع إخضاع سائر الكتابات الناقدة من خارج الصف للقراءة المتأنية والاستفادة منها ما أمكن، ولو جاءت من أسوأ الخصوم وأشد الأعداء، ف"الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها"، كما جاء في الأثر.
 
2 - تفعيل دوائر التخطيط في سائر فروع الحزب بالمحافظات، وتسليم مقاليد هذه الدوائر إلى أفضل الكفاءات الواعية والقادرة على التحليل والتفكير واستشراف المستقبل، وصفوف الإصلاح مليئة بالكفاءات التي لم تجد من يوظفها ويستثمرها على الوجه الأمثل، والقيام بتعزيز إمكانات دائرة التخطيط المركزية بكافة المقومات المطلوبة للقيام بمهامها في التخطيط الاستراتيجي والتخطيط المرحلي، مع الاستفادة مما تتوصل إليه مجموعات النقد وزُمَر المراجعات، من أجل التقليل من حجم ردود الأفعال وتحجيم ظاهرة العشوائية والارتجال التي تبدو في بعض المحطات والحوادث بارزة، وحتى تتحول الانفعالات إلى فاعليات وتستحيل التحديات إلى فرص، وحتى تتعاظم فاعلية الحزب وتقل الطاقات المهدرة في معارك تفرضها الانفعالات الآنية وتستهلكها المعارك التي لا تسهم في تحقيق التقدم المطلوب ولا تؤدي إلى الاقتراب من الغاية المنشودة.

3 - الحذر من علّة فقر الرجال، نتيجة النزيف الذي تسببت وتتسبّب به الحرب التي فرضها الانقلابيون على أحرار البلد، ولأن الإصلاح في طليعة قوافل الحرية فإنه الأكثر نزفا لدماء أخلص رجاله، حتى أن تقارير من داخل الحزب تحدثت قبل 3 سنوات عن فقدانه لأكثر من اثني عشر ألف شهيد، مما يوجب إعلان النفير العام وسط الأجهزة التربوية والتعبوية داخل الحزب، حتى يتم  تعويض النقص الذي قد يصبح حاداً، وتفعيل التربية المتوازنة التي تكفل رفد الحزب بالمزيد من الكوادر التي تمتلك البوصلة الراشدة والقدرة الكبيرة على العمل في الميدان، مع امتلائها بدوافع التضحية وثقافة الاحتساب، بعيدا عن حسابات المصالح ومعادلات الربح والخسارة.
 
4 - إعادة تنظيم الجهاز الإعلامي بصورة أكثر كفاءة وفاعلية، وتعزيزه بالكفايات الإعلامية المشهود لها بالتفوق والتأثير في عالم الإعلام بشقيه التقليدي والحديث، وإمداده بالإمكانيات المادية الكافية، حتى يستطيع تحقيق الأهداف المناطة به، وحتى يتمكن من مجابهة القصف الإعلامي الرهيب الذي يَنصبّ على أعضائه وقياداته ليلاً ونهاراً، والذي يعمد إلى شيطنة الإصلاح ويعمل على إحداث تجريف عقلي خطير يصل أحيانا إلى حد غسل عقول الكثيرين، نظرا لقوة الحملات الدعائية المعادية وشموليتها ولما تمتلك من إمكانات مادية ومالية وبشرية ضخمة ومؤثرة.
 
5 - إحداث تغييرات إيجابية عريضة في الهيكل القيادي للحزب وفق استراتيجية محكمة تتفاعل مع التحديات الكبيرة التي تقف في طريق الإصلاح، فإن كثافة التحديات وكثرة الأعداء تستوجب هذا التغيير ولا تُبرر التأخر عن القيام به، فقد علّمنا الإسلام أن الظروف الاستثنائية والصعبة لا تُبرِّر القعود عن العمل للمستقبل، حيث قال صلى الله عليه وسلم: *"إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها!"*
 
ومعلوم أن المجيئ بقيادة تعي المتغيرات بعمق وتستوعب التحديات بشمول يبتعد عن الوقوع في التهويل أو التهوين، وتمتلك أساليب ووسائل جديدة تستطيع تحقيق الأهداف المرسومة، لهي بحق أهم من آلاف الفَسائل والنَّخَلات!
 
وتشتد الحاجة إلى هذا التغيير نظرا لأن الحزب يدعو إلى إقامة دولة مدنية، تقدس كرامة الناس وتحترم حرياتهم، وتُكرّس قيمة الشورى في حياة الأفراد والجماعات وفي منظومة الدولة، التي يناضل الحزب مع شركاء الحرية من أجل استعادتها من فم وحش الثيوقراطية الإمامية، ولا شك أن تغيير القيادة أو بعضها في هذه الظروف سيكون أبلغ في التأثير وفي البرهنة على صدقية الحزب في انتمائه إلى ثقافة الحرية والشورى والتبادل السلمي والسلس للقيادة والسلطة، بجانب أنه سيدفع بدماء جديدة وشخصيات أكثر كفاءة إلى مقاعد دفة القيادة ومراكز صناعة القرار؛ مما سيضاعف من فاعلية الحزب وسيكون له تأثيره الإيجابي على كافة الأحزاب.
 
6 - التخندق بجانب الشعب في كافة مطالبه العادلة، وإظهار الانتماء الكامل له وإعلان الانحياز التام إليه من خلال تبني قضاياه وهمومه بصورة أكبر مما هو موجود الآن، سواء في أروقة الحكومة أو في ساحات المعارضة لكل ما ينال من حريات المواطنين وينتقص من حقوقهم، ذلك أن استماتة الإصلاح في الدفاع عن الدولة أمام الانقلاب العسكري والدعوات الطائفية والمناطقية الراهنة، أظهره كأنه يقف في صف الحكام في مواجهة الجماهير؛ وذلك  بفعل من القصف الإعلامي المعادي والتشويه المنهجي المتعمد والذي لا يجد المواجهة الكفؤة من قبل إعلام الحزب؛ بسبب صغر حجمه مقارنة بضخامة حجم الحزب، وقلة إمكانياته، وتكفي الإشارة هنا إلى أن الحوثيين يملكون عشرين قناة فضائية بينما توقفت القناة الإصلاحية الوحيدة قبل بضعة أشهر!
 
7 - تبني ثورة ثقافية شاملة في مواجهة ثقافة التخلف التي أنتجت آفات الطائفية والمناطقية والسلالية والقبلية، وسمحت للفساد بالشيوع ومكّنت المنحرفين من إيجاد مواطئ أقدام لهم ومساحات حركة.
 
ولا شكّ أن شجرة الزّقّوم التي أثمرت كل هذه المرارات، ليست وليدة عشية وضحاها بل هي حصيلة فعل ثقافي متتابع ومخدوم منذ عقود، ومن ثم فلا يمكن اقتلاعها إلا بفؤوس الفكر البنّاء ومعاول الثقافة الإسلامية المستنيرة والتعبئة الوطنية المعتدلة، بعيدا عن عصبيات الجاهلية العمياء وعن الانفعالات الهوجاء.
 

التعليقات