فتحت المدارس الفرنسية اليوم أبوابها في مختلف أنحاء البلاد، معلنة بداية عام دراسي جديد 2025 /2026، ويقدر بأن حوالي 12 مليون تلميذ قد التحقوا بمقاعدهم الدراسية، في حدث يرمز إلى نهاية العطلة الصيفية وعودة الإيقاع الطبيعي للحياة الأسرية والعملية في البلاد.
لا يقتصر الدخول المدرسي على الجانب التعليمي فقط، بل يمثل بالنسبة للفرنسيين محطة اجتماعية واقتصادية كبرى. فهو يجسد لحظة تنظيم جديدة للحياة اليومية، حيث يعود الموظفون إلى أعمالهم وتُستأنف الأنشطة الثقافية والرياضية، في حين تشهد الأسواق التجارية حركة ملحوظة بفعل المشتريات المرتبطة بالمستلزمات المدرسية.
يحمل الدخول المدرسي لهذا العام في طياته إصلاحات لافتة، أبرزها إعادة هيكلة التعليم الإعدادي، وتوسيع نطاق التربية، فضلا عن تجربة الزي المدرسي الموحد في عدد من المؤسسات التعليمية، إضافة إلى تطبيق مبدأ الاستراحة الرقمية للحد من استخدام الهواتف الذكية داخل المدارس.
عملت وزارة التربية الفرنسية على تهيئة المؤسسات التعليمية لاستقبال الطلاب، بينما استفادت ملايين الأسر من منحة الدخول المدرسي (ARS) التي صرفت منتصف أغسطس بقيم تتراوح بين 423 و462 يورو حسب عمر الطفل، وذلك للمساعدة في تغطية النفقات المتزايدة مع بداية العام.
ورغم هذه الإجراءات، لم يخل الموسم من التوترات. فقد اعتبرت النقابات أن الميزانية المعتمدة تعكس توجها نحو (التقشف)، وهو ما دفعها إلى الدعوة لإضراب وطني يوم 18 سبتمبر، احتجاجًا على ظروف العمل ونقص الكوادر التعليمية.
يبقى التعليم في صدارة أولويات الدولة الفرنسية، إذ رُصد له هذا العام أكثر من 64 مليار يورو، بزيادة قدرها 16 مليار يورو مقارنة بعام 2017. وتشمل هذه الميزانية رواتب المعلمين، تكاليف التشغيل، وتمويل الإصلاحات والبرامج الداعمة للتلاميذ من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ورغم الجهود المبذولة، تواجه فرنسا تحديات مستمرة، منها النقص في أعداد المعلمين، وصعوبة تطبيق مبدأ (المدرسة الشاملة)، إضافة إلى الحاجة لإصلاحات أعمق في تكوين الكوادر التربوية.
هكذا تشكل بداية العام الدراسي 2025 أكثر من مجرد عودة إلى الفصول. فهي مرآة تعكس طموحات فرنسا التعليمية، والتحديات التي ترافقها بين الرغبة في تحديث المدرسة وتحقيق المساواة من جهة، وبين الضغوط الاقتصادية والاجتماعية من جهة أخرى.
وفي اليمن تقول الأمم المتحدة بأن أكثر من 4.5 مليون طفل لا يذهبون إلى المدارس، إضافة إلى نحو 2 مليون طفل آخرين فقدوا فرص التعليم بسبب النزوح الداخلي وظروف النزاع، إضافة إلى المدارس التي تضررت أو توقفت عن العمل.
فمنذ بداية الصراع عام 2015، تضررت أكثر من 2,400 مدرسة، بعضها دمر كليا وأخرى أُعيد استخدامها لأغراض غير تعليمية. هذا التدمير جعل آلاف الأطفال محرومين من بيئة تعليمية مناسبة، وزاد من الضغط على المدارس الصالحة، ما أدى إلى اكتظاظ الفصول وتراجع جودة التعليم.
التقارير الدولية تكشف جانبًا أكثر قتامة، إذ تشير اليونسكو إلى أن 94.7% من الأطفال اليمنيين في سن العاشرة يصنفون ضمن (فقر التعلم)، أي أنهم لا يستطيعون قراءة نص بسيط وفهمه. كما أن معدل سنوات الدراسة المتوقعة لكل طفل لا يتجاوز 9.1 سنوات، مقارنة بنحو 12 سنة في المنطقة العربية، ما يعكس حجم التراجع الكبير الذي يعانيه التعليم في اليمن.