محمد الغابري يكتب لـ"الموقع بوست" عن أمريكا وإيران وتصفير النفط إجابات مفترضة على أسئلة مفروضة
- محمد الغابري الخميس, 25 أبريل, 2019 - 08:35 مساءً
محمد الغابري يكتب لـ

[ المحلل السياسي محمد الغابري ]

العقوبات الأمريكية على إيران، تصل ذروتها في الثاني من مايو/أيار القادم، بانتهاء المهلة التي أعطتها الإدارة الأمريكية للدول التي تستورد النفط من إيران، والتي استثنتها مؤقتا نهاية العام الماضي، ومع دخول تصفير التصدير حيز التنفيذ يطرح مجموعة من الأسئلة، عن الحالة ومستقبلها، ستضع إيران أمام خيارات محدودة للغاية، هل تسلم إيران  بالعقوبات ومن ثم انعكاساتها المدمرة لما تبقى من قتصاد إيراني؟ أم تستجيب لشروط الإدارة الأمريكية وتعيد التفاوض بشأن الاتفاق النووي؟ أم تنفجر الحرب بين الطرفين.

نجيب عنها في هذه الفرضيات:

 

الفرضية الأولى: استبعاد الحرب لأسباب تتصل بالطرفين.

 

الفرضية الثانية: ذهاب إيران للتفاوض.

 

الفرضية الثالثة: تعايش إيران مع العقوبات.

 

الفرضية الرابعة: نشوب الحرب.

 

الإستراتيجية الأمريكية تجاه إيران

 

في عهد الرئيس جورج بوش سنة 2002 وصف العراق وإيران وكوريا الشمالية بـ"محور الشر"، وتم إعداد إستراتيجية أمريكية تجاه إيران، سنة 2007، وقد أُعلن عن عناوينها الرئيسية انها ثلاثة خيارات: الأول، فرض العقوبات لإجبار إيران على وقف برنامجها النووي، عند مستوى لا يسمح بإمكانية صنع قنبلة نووية.

 

 الثاني: شن حرب على إيران.

 

 الثالث: التعايش مع إيران نووية .

 

وذلك يعني أن الحوار والتفاوض تكتيكي وليس إستراتيجيا، وما فعلته إدارة أُوباما في التفاوض والاتفاق لم يكن سوى عملية تكتيكية، ذلك أنه شرط عليه أمريكيا أن يوافق الكونجرس على الاتفاق وأن يتم مراجعته وتقديم البيت الأبيض تقريرا كل ثلاثة أشهر عن حالة الاتفاق، ومن ثم فإن إدارة أُوباما تركت خط رجعة للرئيس اللاحق ليقرر بشأن الاتفاق فكان أن اتخذ الرئيس ترامب قرارا بإلغاء الاتفاق أو الانسحاب منه في مايو (أيار) 20018.

 

التصعيد الأمريكي مع إيران الذي بدأ في مايو ىايار 2018 بإلغا الإتفاق النووي   من طرف واحد، وفرض عقوبات على إيران على مراحل ، كان الهدف منها أن تبادر إيران الى إنهاء الإتفاق  من طرفها أيضا ، أو تذهب لإعادة التفاوض ، كما يريد ترامب ، غير أن الإتحاد الأوروبي تدخل لمساعدة إيران على امتصاص الصدمة ، وفي الوقت نفسه الهاء إيران عن اتخاذ قرار الإنهاء ومن ثم استئناف برنامجها النووي . حلاصة القول أن إيران تلعب مع الغرب ، المحترف ، مقابل إيران التي تأت من عالم الهواة .

 

دخلت عقوبات مالية حيز التنفيذ في سبتمبر2018 ثم عقوبات منع تصدير النفط في نوفمبر غير أنه تم إعطاء مهلة لدول تستورد النفط من إيران لتدبير بدائل، وفي الوقت نفسه إعطاء إيران فسحة من الوقت ، فقد تأتي لإعادة التفاوض مع الأمريكان بشأن الإتفاق النووي ومن ثم النزول عند الشروط الأمريكية .

 

 المهلة التي  تنتهي في 2 مايو  (ايار ) القادم  والتي عنونها الأمريكيون : إيران صفر تصدير النفط  . لأول مرة يمكن القول أن إيران وسياساتها توضع على المحك وأنها مخيرة بين فرضيتين

 

الأُولى  : التنازل عن أذرعها ونفوذها في المنطقة ، وإعادة التفاوض لتقييد برامجها التسليحية الصاروخية ، وضمانات دائمة بأن لاتنتج قنبلة نووية ،أو الدخول في مواجهة مفتوحة مع الأمريكيين قد تفضي الى حرب . فماذا سيحدث إن نفذت الولايات المتحدة عقوباتها في تصفير التصدير الإيراني للنفط ؟ إنه الحشر في الزاوية.

 

الفرضية الأولى استبعاد الحرب على إيران 

 

ثمة أسباب وعوامل تجعل من الحرب مستبعدة في طليعتها استثمار وتوظيف الخطر الإيراني :

 

  1. في تخويف دول الخليج من جهة وتبرير سلوكها في الدخول تحت المظلة الأمريكية  من الجهة الأخرى ، فدول الخليج التي تهددها إيران بين فترة وأُخرى ، تبررلنفسها التبعية لأمريكا

 

  1. استثمار الأنظمة  للخطر الإيراني في تخويف شعوبها ومن ثم صرف الأغلبية عن التفكير بالحرية والتحرر.

 

  1. ترياق (إسرائيل ) تعتبر الدولة العبرية إيران عدوا مثاليا بل ترياقا ل(إسرائيل ) على حد تعبير صحيفة يديعوت إحرنوت ، يمكنها من توحيد المجتمع الصهيوني  أي  ضرورة وجود عدو كعامل مهم في توحيد الجبهة الداخلية ، ذلك كما يقول الصهاينة أن الجيوش العربية صديقة أو محايدة ، ومن ثم شعارات إيران مهمة ،من دونها سيقع انقسام في المجتمع ، إ وترهل إذ  لاجيش ولا وحدة بلا خوف من عدو.فصلا عن قيام الكيان الصهيوني على تكبير وتضخيم شأن الأمن ،وتصوير أجهزة الإستخبارات الموساد والشاباك  بالخارقة.

 

  1. النظام في إيران مثالي في صناعة التخلف وتنمية الفساد وإهدار الثروة ، مقابل نفوذ في بلاد عربية  ، يظل مؤقتا تبعا لحاجة الغرب و(إسرائيل ) إليه ، ويمكن إنهاؤه في وقت قياسي.

 

لاتستطيع العراق مقاومة الغلبة الأمريكية ، وحين تخير بين أمريكا وإيران سترضخ للأمريكان.

 

5- العقوبات أحد الخيارات المعتمدة لإجبار إيران على النزول عند الشروط الأمريكية ، ومن ثم إن فعلت فليس هناك داع للمواجهة ، فالعقوبات ذاتها إضعاف لإيران.

 

 تلك موانع استهداف إيران وإسقاط نظامها فوجوده أفضل من عدمه بالنسبة للغرب.

 

إن الحرب تحتاج الى فعل إيراني يبررها، وليس مجرد وجود أو عدم وجود رغبة لدى الأمريكيين ، وتبدو إيران غير مستعدة لحرب .

 

الفرضية الثانية الذهاب نحو التفاوض

 

الدراسة العلمية للحالة بعيدا عن الشعارات قد تدفع إيران نحو التفاوض مع الأمريكيين ومن ثم الوصول الى إتفاق ولو بخسائر، مقابل رفع العقوبات والحيلولة دون، الحرب والمواجهة، السياسيون الإيرانيون يميلون الى التفاوض، المرشد والحرس الثوري يميلون الى التحدي. لايعرف إن كان مجرد شعارات، أم يمكن أن يجازفوا. وهذه لفرضية تعززها الفرضية الأولى.

 

الفرضية الثالثة تعايش إيران مع العقوبات

 

إن إيران قد تجد في التفاوض مساسا بالكرامة ، واستسلام للإدارة الأمريكية ، إضافة الى أنها ستخسر نفوذها في المنطقة ، وتوقف برامج الصواريخ .

 

وبين ضرورات تقليل الخسائر وبين المحافظة على الكرامة القومية ، وشعارات الممانعة  اللفظية ، ربما تقع إيران في حيرة

 

التعايش مع العقوبات يعني المزيد من التدهور الإقتصادي  ، والذي قد يؤدي الى انهيار النظام ، إذ مهما استخدمت السلطات من حيل للوقاية من تداعيات العقوبات فإنها فقط تؤخر الإنهيار لكنها لن تمنعه .

 

الفرضية الرابعة  : ذهاب الطرفين الى الحرب .

 

تسعى الإدارة الأمريكية لفرض صيغة حل بالإكراه للقضية الفلسطينية، وتحتاج الى ارضاء االحكومات العربية المتضررة من إيران , وموافقة دول عربية فاعلة ، هذه الدول أبدت مساندتها وتريد في المقابل إضعاف إيران الى مستوى لا تشكل معه أي خطر.

 

وهذا لايتعارض مع كون إيران تقدم خدمات، ولكن الموازنة من قبل الحكومات المتضررة من التهديد الذي تشكله إيران  بين خدمات التهديد ومخاطره قد  تفضي الى تفضيل إضعاف إيران .

 

ذلك إذا افترضنا أن هذه الدول لديها رؤية أو تقدير للموقف.

 

يتوقف هذا الخيار على مجموعة من العوامل

 

 تعمل الإدارة الأمريكية على حشر إيران في زاوية حرجة ، واستدراجها الى فعل يعطي ضؤا أخضر للإدارة الأمريكية بشن حرب شاملة أو محدودة ؟

 

مضي إيران ي الإتجاه نفسه أي عدم القبول بالتفاوض  ، والقيام بأعمال تمكنها من صنع القنبلة النووية ، غير أن الأمريكان يعرفون حقيقة البرنامج ، وكم من الوقت تحتاجه إيران للقيام بذلك

 

قيام إيران بالموافقة على إعادة التفاوض مع الأمريكيين بشأن البرنامج النووي ، وتنفيذ مايطلب منها ك مغادرة سوريا وأن يكون نفوذها في العراق تحت السقف الأمريكي.

 

لكن إيران قد يكون لديها قناعة بأنها مهما قدمت من تنازلات فإنها لا تأمن أن قرار الحرب قد اتخذ أمريكيا وأن مايجري مناورات للتخدير ومن ثم العزم على المواجهة والتي تعني حربا .

 

  يمكن شن حرب محدودة أو شاملة على إيران في الحالتين ..

 

الأولى إن كانت الحرب ضرورة أو شرطا لتمرير مايعرف بصفقة القرن وهذه الفرضية ضعيفة الى حد ما

 

الثانية: إن كانت إيران تشكل تهديدا جديا للدولة العبرية أو المصالح الأمريكية في المنطقة.وهذه في الوقت الراهن لا تشكل أي تهديد جدي .

 

الموضوع فيه تشابك وتداخل، وماهو معلن يبدو جدية أمريكية أن على إيران أن تختار بين وجودها وبين أذرعها ونفوذها في المنطقة.

 

إيران وأذرعها والمنطقة في أزمة حقيقية 

 

تسببت إيران في أزمة حقيقية في المنطقة المستفيد منها الغرب والصهاينة، ولم تجن إيران الكثير، حتى نفوذها في سوريا مرهون بالإرادة الروسية كما نفوذها في العراق مرهون بالإرادة الأمريكية

 

. منذ سنين تهدد إيران بإحراق أبار النفط في المنطقة إن هي تعرضت لحرب أو استهداف جدي ..فهل القوة الأمريكية تكفي لحماية دول المنطقة ؟

 

اذا قررت الادارة الأمريكية ضرب إيران فإنها ستضرب بقوة ولتصيب القيادة الإيرانية بالشلل.

 

إن الأمريكيين يفاضلون بين خيارين ضرب إيران وإضعافها مع تقوية الأقليات الشيعية في المنطقة العربية او ضرب الأذرع الإيرانية والإبقاء على إيران.

 

صانع القرار هناك لا يتخذ قرارا كبيرا دون دراسة وهو يحسب العائد من أي خطوة فكيف بحالة تعد خطرة كهذه؟

 

 الشيعة يمثلون عنوانا مهما وخطيرا لصراع طائفي في المنطقة مغلف بشعارات معادية لأمريكا والصهاينة لا تتعدى المستوى اللفظي في حين أضراها الفعلية تقع على الشعوب العربية.

 

لذالك من المهم إضعاف المركز إيران والمحافظة على أتباعها. أو تقليم الأظافر المتمثلة في المليشيات الشيعية في المنطقة والإبقاء على المركز ماذا لو؟ هل تستطيع إيران القيام بعمليات موجعة للأمريكيين والصهاينة؟

 

 مثل استهداف قواتهم في المنطقة اجتياح بعض الإمارات في الخليج استهداف المملكة واستهداف الدولة العبرية؟ الإجابة عند الأمريكيين أنفسهم إذ قد يسمح لإيران بضرب الإمارات والسعودية وربما اجتياح البحرين. لتكون أسباب وذرائع لشن الحرب على إيران ومن ثم الفوز بعقود إعادة الإعمار.


التعليقات