فريدمان: ما زلت مرعوبا من المظهر الذي بدت عليه الديمقراطية الأميركية
- الجزيرة نت الجمعة, 20 نوفمبر, 2020 - 06:58 صباحاً
فريدمان: ما زلت مرعوبا من المظهر الذي بدت عليه الديمقراطية الأميركية

[ الأميركيون أدلوا بأصواتهم بأعداد غير مسبوقة في التاريخ الأميركي (رويترز) ]

قال الكاتب توماس فريدمان إنه يشعر بالرعب والخوف بعد أسبوعين من انتهاء الانتخابات الأميركية، وعزا رعبه إلى المظهر الذي بدت عليه الديمقراطية في أميركا.

 

ووصف الانتخابات التي جرت في وقت سابق من الشهر الحالي بأنها "الأكثر إثارة" منذ العام 1864، "وربما كانت الأهم" منذ العام 1800.

 

وأكد أن السبب في الخوف الذي ينتابه يرجع إلى أن تلك الانتخابات كان من الممكن أن تكون الأخيرة لأميركا.

 

وشبّه فريدمان  في مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز (The New York Times) ما يحدث في الولايات المتحدة عقب ظهور نتائج الانتخابات بامرأة أطلق عليها مجازا اسم السيدة حرية، كانت تعبر الشارع في يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني (تاريخ إجراء الانتخابات) عندما ظهرت فجأة حافلة يقودها رجل مجنون (في إشارة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب) تجاوز بها الإشارة الحمراء.

 

لا يزال يتخطى الإشارات الحمراء

 

ويكمل تشبيهه قائلا إنه "ما كان من السيدة حرية إلا أن قفزت من الطريق في اللحظة المناسبة، وهي تجلس الآن على الرصيف وقلبها يخفق بقوة، لكنها سعيدة لأنها نجت بأعجوبة من الموت. ولا يزال ذلك السائق المتهور يتخطى الإشارات الحمراء ولا يتوقف أبدا".

 

والمدهش -يضيف فريدمان- "أن ركاب الحافلة لا يزالون يصفقون مبتهجين بالإثارة والتشويق الذي يصاحب رحلتهم رغم أن البعض منهم يدركون في قرارة أنفسهم أن سائقهم يشكل تهديدا للمدينة كلها".

 

ولفت الكاتب إلى أن كثيرا من الأميركيين -جمهوريين وديمقراطيين ومستقلين- أدلوا بأصواتهم في الانتخابات بأعداد غير مسبوقة في التاريخ الأميركي، رغم أنها جرت في خضم جائحة تتسارع وتيرتها.

 

وكان من يدير مراكز الاقتراع ويفرز الأصوات أميركيون من كبار السن تطوعوا للقيام بذلك الواجب، رغم إدراكهم بأنهم قد يكونون عرضة لالتقاط العدوى بفيروس كورونا المستجد، وقد أُصيب بعضهم بالفعل.

 

ويرى فريدمان أن ذلك هو السبب الذي يدعوه للاعتقاد بأن تلك الأحداث تُعد أعظم تعبير عن "الحيوية الديمقراطية الأميركية"، منذ فوز أبراهام لينكولن على منافسه الجنرال جورج ماكليلان في انتخابات الرئاسة عام 1864 التي جرت في غمرة اندلاع الحرب الأهلية بالولايات المتحدة.

 

ادعاءات دنيئة

 

وهذا هو السبب الذي يجعل محاولات دونالد ترامب لتشويه الانتخابات هذه المرة عبر "ادعاءات زائفة" بحدوث تزوير، تبدو "دنيئة تماما"، حسب وصف كاتب العمود بصحيفة نيويورك تايمز.

 

ويضيف "لو أن ترامب ومعاونيه عارضوا نتيجة الانتخابات ليوم أو يومين فلا بأس في ذلك ولكان الأمر مقبولا ولا شيء في ذلك. لكن أن يواصلوا مقاومتهم متخبطين وعلى غير هدى بغية الانقلاب على إرادة الشعب بتحريض من المتملقين في أجهزة إعلامهم -حسب تعبير فريدمان- فذلك ما يثير السؤال التالي:

 

كيف للمرء أن يثق بتولي الحزب الجمهوري في صيغته الراهنة مقاليد الأمور في البيت الأبيض مرة أخرى؟".

 

يقول فريدمان إن أعضاء ذلك الحزب التزموا الصمت المطبق وهم يرون ترامب يشن حربا ضد أعدائه المتخيلين داخل الأجهزة الاتحادية، بدلا من استغلالها في محاربة جائحة كورونا المتفاقمة.

 

لا برنامج أو خطة للحزب الجمهوري

 

ويمضي الكاتب في تصويب سهام نقده فيقول إن حزبا سياسيا لا ينبري ضد رئيس متهور من شاكلة ترامب، "لم يعد حزبا، بل يصبح كيانا شعبويا لعبادة الفرد". ولعل هذا ما بدا واضحا منذ أن بات الحزب الجمهوري أول حزب يختم مؤتمره لإعلان مرشحه للرئاسة دون تقديم أي برنامج أو خطة.

 

إن محاولة الرئيس الأميركي تقويض نتائج انتخابات حرة ونزيهة -على حد تعبير فريدمان- هي بمثابة "تحذير للديمقراطيين في كل أنحاء العالم بألا يستهينوا بالشعبويين، لأنهم لن يتخلوا عن السلطة بسهولة" مثل ما فعل جون آدامز حينما خسر الانتخابات لصالح توماس جيفرسون في العام 1800.

 

الجمهوري بحاجة للمساعدة

 

ولذلك -يوضح الكاتب- فإن مهمة الرئيس المنتخب جو بايدن لا تقتصر على إصلاح أميركا بل تتعداها إلى تهميش "النسخة الترامبية" للحزب الجمهوري، ومساعدته بالرعاية حتى يغدو حزبا محافظا معافى يتبنى أساليب محافظة في مجالات النمو الاقتصادي، والبنية التحتية، والسياسة الاجتماعية، والتعليم، والتنظيم وتغير المناخ، ويهتم أيضا بإدارة الحكم ويقبل التنازلات والمصالحات.

 

وعلى الديمقراطيين، في الجانب الآخر، أن يسألوا أنفسهم لماذا ظل ترامب يتمتع بتلك القوة في أوساط الناخبين البيض من الطبقة العاملة الذين لم يتلقوا تعليما جامعيا، ولماذا نجح في استقطاب دعم أكبر من الناخبين السود واللاتينيين والنساء البيض.

 

لقد ومض من الانتخابات الأخيرة ضوء يحذر الديمقراطيين من ألا يركنوا للتركيبة السكانية، كما يعتقد فريدمان الذي يختم مقاله بالتأكيد على أن الدول العظمى يقودها "وسَط صحي" بينما الدول الضعيفة تفتقر لذلك.


التعليقات