تُغير مواقفها وتؤيد نقل السفارة للقدس.. من هي ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة؟
- عربي بوست الثلاثاء, 06 سبتمبر, 2022 - 01:27 صباحاً
تُغير مواقفها وتؤيد نقل السفارة للقدس.. من هي ليز تراس رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة؟

أصبحت ليز تراس رئيسةً لحزب المحافظين ورئيسةً لوزراء بريطانيا خلفاً لبوريس جونسون، فما موقفها من قضايا وملفات الشرق الأوسط، مثل نقل سفارة بلادها لدى إسرائيل إلى القدس، والعلاقات مع الدول العربية؟

 

كان بوريس جونسون، يوم 7 يوليو/تموز الماضي، قد تقدم باستقالته من منصب رئيس الوزراء، بعد أن حاصرته الفضائح من كل جانب، واستقال كثير من الوزراء، وعدد كبير من المسؤولين في الحكومة، ليبدأ الصراع داخل حزب المحافظين لاختيار خليفة المستقيل. وتقدم 11 مرشحاً لخلافة جونسون لتجري عملية التصويت من جانب أعضاء حزب المحافظين، على عدة مراحل، شهدت قبل الأخيرة منها انحصار المنافسة بين سوناك وتراس. وأُعلنت النتيجة الإثنين، 5 سبتمبر/أيلول، بفوز تراس بتركة جونسون الثقيلة.

 

من هي ليز تراس؟

 

تبلغ ليز تراس من العمر 47 عاماً، وهي من مواليد أكسفورد، ودرست في مدرسة راوندهاي في ليدز، ثم تخرجت في جامعة أكسفورد. وهي متزوجة من المحاسب هيو أوليري، ولديهما ابنتان مراهقتان.

 

وعندما كانت في الرابعة من عمرها، انتقلت عائلتها إلى بيزلي، غربي غلاسكو في اسكتلندا، وفي حديثه إلى راديو "بي بي سي 4″، قال شقيقها الأصغر إن العائلة كانت تستمتع بألعاب مثل Cluedo وMonopoly وكانت ليز الشابة تكره الخسارة، وغالباً ما كانت تتوارى عن الأنظار بدلاً من المخاطرة بعدم الفوز.

 

ثم انتقلت العائلة فيما بعد إلى مدينة ليدز، حيث التحقت تراس بمدرسة ثانوية حكومية في حي راوندهاي، وتحدثت عن "الأطفال الذين فشلوا في الدراسة بسبب ضعف الآمال التي كانت تُعلق عليهم في المدرسة"، خلال فترة وجودها هناك.

 

عارض بعض مَن عاصرها خلال تلك المرحلة وصفها للأوضاع في المدرسة، ومن بينهم الصحفي في صحيفة الغارديان مارتن بينغلي، الذي كتب: "ربما تنشر سيرة حياتها بشكل انتقائي، وترسم صورة سلبية عن المدرسة والمعلمين الذين علموها لتحقيق مكاسب سياسية"، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

 

بعد إنهاء دراستها في المرحلة الثانوية التحقت تراس بجامعة أكسفورد، حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وكانت تنشط في السياسة الطلابية في البداية في صفوف الديمقراطيين الأحرار. وفي مؤتمر حزب الديمقراطيين الأحرار عام 1994 تحدثت لصالح إلغاء الملكية، وقالت للمندوبين في برايتون: "نحن الديمقراطيون الأحرار نؤمن بتساوي الفرص للجميع، لا نؤمن بأن هناك أشخاصاً وُلدوا ليحكموا".

 

لكن خلال فترة وجودها في جامعة أكسفورد تركت تراس الديمقراطيين الأحرار، وانتقلت إلى صفوف حزب المحافظين.

 

بعد التخرج عملت محاسبة في شركة شل النفطية العملاقة وغيرها من الشركات الخاصة، وتزوجت زميلها المحاسب هيو أوليري عام 2000 ولديهما ابنتان.

 

ترشحت تراس عن حزب المحافظين في الانتخابات العامة عام 2001، لكنها خسرت الانتخابات، كما تعرضت للهزيمة في انتخابات 2005، لكن طموحاتها السياسية لم تتراجع، فقد تم انتخابها كعضو في مجلس بلدية غرينتش جنوب شرقي لندن في عام 2006، وفي عام 2008 عملت أيضاً نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث "إصلاح" ذات التوجهات المحافظة.

 

وضع زعيم حزب المحافظين السابق ديفيد كاميرون تراس على "قائمة أ" للمرشحين الذين يحظون بأولوية الترشيح في انتخابات عام 2010، وتم اختيارها للترشح عن المقعد الآمن للحزب في جنوب غربي نورفوك، الذي فازت به بأكثرية 13 ألف صوت.

 

في عام 2012 واجهت معركة ضد إلغاء تمثيلها لدائرتها الانتخابية من قبل جمعية حزب المحافظين الانتخابية، بعد أن تم الكشف عن علاقتها الغرامية مع زميلها في مجلس العموم عن حزب المحافظين مارك فيلد قبل خمس سنوات، لكن معارضيها في الدائرة الانتخابية ذات الطابع الريفي إلى حد كبير، فشلوا في النهاية في محاولتهم للإطاحة بها.

 

وشاركت تراس في تأليف كتاب بعنوان "بريطانيا متحررة من القيود"، والذي دعا إلى إلغاء الدور التنظيمي للدولة، لتعزيز مكانة المملكة المتحدة في العالم، وباتت مدافعة بارزة عن سياسات حرية السوق في صفوف حزب المحافظين.

 

وفي سبتمبر/أيلول من عام 2012، وبعد ما يزيد قليلاً عن عامين من عضويتها في مجلس العموم، دخلت الحكومة نائبة لوزير التعليم.

 

اصطدمت مع نائب رئيس الوزراء نيك كليغ من حزب الديمقراطيين الأحرار بشأن إصلاح المدارس، لكن كاميرون منحها منصباً أكثر أهمية في الحكومة عام 2014، حيث أوكل إليها منصب وزيرة البيئة. وفي مؤتمر حزب المحافظين لعام 2015 تعرضت تراس للسخرية، بعد أن قالت في خطاب عاطفي لها أمام المؤتمر: "نحن نستورد ثلثي الجبن لدينا، يا للعار".

 

ما موقفها من قضايا الشرق الأوسط؟

 

خلال سعيها للفوز بمنصبها الذي فازت به بالفعل، أرسلت تراس في الأسبوع الأول من أغسطس/آب الماضي خطاباً إلى أعضاء من منظمة "أصدقاء إسرائيل المحافظين"، قالت فيها: "إنني أتفهم أهمية وحساسية موقع السفارة البريطانية في إسرائيل. ولقد أجريت العديد من المحادثات مع صديقي العزيز رئيس الوزراء يائير لابيد حول هذا الموضوع. ومع مراعاة ذلك سأفكر في قرار لضمان أننا نعمل على أقوى أسس في إسرائيل".

 

وخلال اعتداء إسرائيل الأخير على قطاع غزة، بعد اغتيال تيسير الجعبري، قائد حركة الجهاد الإسلامي، كتبت تراس عبر حسابها على تويتر رسائل "دعم وتأييد" لإسرائيل: "تقف المملكة المتحدة إلى جانب إسرائيل وحقها في الدفاع عن النفس. إننا ندين الجماعات المتطرفة التي تطلق النار على المدنيين والعنف الذي أودى بحياة ضحايا من الجانبين". 

 

ورداً على تلك الرسائل، نشرت مجموعة من السفراء والدبلوماسيين البريطانيين السابقين رسالة مفتوحة، موجهة إلى تراس، طالبوها فيها بعدم التفكير في نقل السفارة البريطانية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وحذروها من عواقب تلك "الخطوة الخطيرة"، بحسب تقرير لموقع Middle East Monitor البريطاني.

 

وفيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، أكدت تراس لأصدقاء إسرائيل المحافظين، على أنها "لا تزال ملتزمة بمعارضة إيران وسعيها لامتلاك أسلحة نووية. لقد أوضحت أن محادثات الاتفاق النووي لا تتحرك بالسرعة الكافية، وأؤكد لكم أنه في حالة انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة، فإن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة".

 

لكن لا يمكن الجزم بطبيعة الحال إذا ما كانت تراس ستقدم على نقل سفارة بلادها إلى القدس بالفعل، خاصة أن رئيسة الوزراء الجديدة معروف عنها تحولاتها السياسية الحادة بشكل عام. فتراس بدأت حياتها السياسية عضوة في حزب الديمقراطيين الأحرار، ثم تحولت إلى حزب المحافظين.

 

وفيما يخص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كانت تراس تقف في البداية في معسكر الرافضين لبريكست والمؤيدين لبقاء المملكة المتحدة ضمن الاتحاد الأوروبي، بل وكتبت مقالاً في صحيفة "صن"، قالت فيه إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون "مأساة ثلاثية: المزيد من القواعد والمزيد من الإجراءات الورقية والمزيد من التأخير عند الاتجار مع الاتحاد الأوروبي".

 

لكن بعد فوز دعاة الخروج من الاتحاد الأوروبي، غيرت تراس رأيها، وقالت إن هذه الخطوة توفر فرصة "لتغيير طريقة عملنا" في المملكة المتحدة. وفي عام 2016 أصبحت وزيرة العدل في عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي، وانتقلت في العام التالي لشغل منصب نائبة وزير الخزانة، وهو منصب وضعها في قلب البرنامج الاقتصادي للحكومة.

 

بعد أن أصبح بوريس جونسون رئيساً للوزراء في عام 2019، انتقلت تراس إلى منصب وزيرة التجارة الدولية، وهو ما وفّر لها الفرصة لمقابلة ساسة ورجال أعمال عالميين للترويج للشركات البريطانية.

 

في عام 2021 عندما كانت تبلغ من العمر 46 عاماً، انتقلت إلى واحدة من أرفع الوظائف في الحكومة، وتولت منصب وزيرة الخارجية عندما نقل جونسون دومينيك راب إلى منصب وزير العدل.

 

 

في هذا الدور سعت تراس إلى حل المشكلة المعقدة لبروتوكول أيرلندا الشمالية، من خلال إلغاء أجزاء من صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة انتقدها الاتحاد الأوروبي بشدة.

 

خليفة مارغريت تاتشر؟

 

كانت ليز تراس، وهي في سن السابعة من عمرها، قد لعبت دور مارغريت تاتشر في مسرحية مدرسية، لكن حقيقة الأمر هي أن رئيسة الوزراء المحافظة مارغريت تاتشر كانت قد وصلت إلى منصبها من خلال الفوز بأغلبية كبيرة في الانتخابات العامة في ذلك العام تحديداً (1982)، بينما لم تصل تراس إلى المنصب من خلال انتخابات عامة، بل من خلال انتخابات لأعضاء حزب المحافظين، يتراوح عددهم بين 160 و200 ألف على أقصى تقدير.

 

وعن تلك المسرحية التي جسدت فيها الطفلة تراس دور تاتشر في انتخابات وهمية، قالت السياسية تراس، عام 2018: "انتهزت الفرصة وألقيت خطاباً صادقاً في الاجتماع الانتخابي، لكن انتهى بي الأمر من دون الحصول على أي أصوات. حتى أنا لم أصوت لنفسي".

 

وخلال زيارة تراس لروسيا، في فبراير/شباط الماضي، قبيل بدء الحرب في أوكرانيا، كانت ترتدي قبعة مستديرة من الفرو، شبَّهها المراقبون بأخرى كانت ترتديها تاتشر خلال رحلة لها إلى معسكر تدريب لحلف الناتو في عام 1986. وسادت أجواء متوترة للغاية المؤتمر الصحفي لتراس ونظيرها الروسي سيرغي لافروف.

 

وبعد أن انضمت إلى سباق قيادة حزب المحافظين ارتدت قميصاً أبيضَ، له عقدة كبيرة، خلال إحدى المناظرات التلفزيونية، شبيه بذلك الذي كانت ترتديه تاتشر. لكنها عبرت عن ضيقها من مقارنتها بتاتشر، إذ قالت لـمحطة جي بي نيوز التلفزيونية: "إنه أمر محبط للغاية أن تُقارَن السياسيات دائماً بمارغريت تاتشر، بينما لا يُقارن السياسيون الذكور بتيد هيث".

 

معروف عن تراس، رغم أنها كانت تدير وزارة الدبلوماسية (الخارجية)، تصريحاتها النارية الحادة، وكادت بعض تلك التصريحات أن تتسبب في حرب نووية بالفعل. ففي اليوم التالي لبداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، دعت تراس المواطنين البريطانيين للتطوع للدفاع عن أوكرانيا، وهو التصريح الذي أدانته موسكو بطبيعة الحال.

 

وكان الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، قد أعلن عن فتح باب التطوع وتشكيل الفيلق الدولي للدفاع عن أوكرانيا، وعندما واجهت تراس سؤالاً بشأن تلك الخطوة شجّعتها، وطالبت المواطنين البريطانيين القادرين على القتال بالتوجه إلى كييف.

 

لكن أخطر تصريحات تراس كان ذا طبيعة نووية، إذ هاجمت الرئيس الروسي بألفاظ حادة، وقالت إن الغرب لا بد أن يُلحق الهزيمة بروسيا على الأراضي الأوكرانية، مضيفة أنه "إذا كان البعض يخشى من أسلحة بوتين النووية، فحلف الناتو أيضاً لديه أسلحة نووية".

 

وأصدر بوتين، الأحد 27 فبراير/شباط، أوامره لوزارة الدفاع بوضع قوات الردع النووي الروسية في "حالة تأهب"، وبرَّر بوتين تلك الخطوة بأنها رد على مسؤولي الغرب، الذين "لم يكتفوا باتخاذ خطوات عدائية اقتصادية وحسب، بل أدلى مسؤولهم بحلف الناتو بتصريحات عدوانية ضد روسيا". ولاحقاً قالت مصادر في الخارجية الروسية إن تصريحات وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس، بشأن دعوة البريطانيين للتطوع للقتال في أوكرانيا، وإشارة الوزيرة إلى أن حلف الناتو يمتلك أسلحة نووية، كانت السبب المباشر لقرار بوتين.


التعليقات