ما السلفية؟.. كتاب جديد للمفكر عزمي بشارة
- الجزيرة نت الأحد, 23 ديسمبر, 2018 - 11:44 مساءً
ما السلفية؟.. كتاب جديد للمفكر عزمي بشارة

[ الكتاب تناول السلفية باستخدام المنهج التاريخي التحليلي والنقدي (الجزيرة) ]

للوهلة الأولى يبدو من الصعب أن يضيف كاتب جديدا بشأن موضوع السلفية بعد كل ما كتب عنها طوال العقود الماضية، لكن المفكر عزمي بشارة أضاف إلى المكتبة العربية بحثا تحت عنوان "في الإجابة عن سؤال: ما السلفية؟" محاولا تقديم إضافة حقيقية عن هذه القضية المثيرة للجدل.
 
الجديد في الكتاب أنه تناول الظاهرة من مداخل غير تقليدية، حيث استخدم المنهج التاريخي التحليلي والنقدي، وظهرت فيه بصمة الكاتب الذي درس وألف في الفلسفة وعلم الاجتماع وحتى الأدب والسياسة.
 
ويمثل الكتاب مساهمة مهمة على المستويين النظري والتحليلي التاريخي النقدي في فهم ظاهرة السلفية على مختلف اتجاهاتها، ويتميز بقدراته التفكيكية للمفاهيم الشائعة وتبسيطها وفتح أفق معرفة جديدة لها.
 
في بداية الكتاب حاول بشارة تعريف الظاهرة (السلفية)، وفك شفرة المصطلح الذي بث فيه الإمام أحمد بن حنبل الروح في القرن الثالث الهجري، وذاع صيته على يد ابن تيمية، قبل أن يبعث من جديد بقوة من خلال الحركة التي أسسها الإمام محمد بن عبد الوهاب في القرن الـ11 للهجرة.
 
وقد لفت الكاتب النظر إلى تعدد مفهوم السلفية مفرقا بشكل أساسي بين السلفية الإصلاحية وتلك الدعوية والعلمية وحتى الجهادية، كما فرق بشارة بين السلفية والوهابية، وأوضح العلاقة بين سلفية "أهل الأثر" الأولين وسلفية ابن تيمية وصولا إلى السلفية الوهابية.
 
ويحصر الكتاب معنى مصطلح السلفية في ثلاثة معانٍ، هي العودة إلى الكتاب والسنة، ونبذ البدع، وإنكار المحدثات، ويحاول الكاتب الربط بين مفهوم السلفية ومفهوم الأصولي ويظهر حجم الاختلاف بين المفهومين.
 
الكتاب الذي تتجاوز صفحاته مئتي صفحة متوسطة الحجم يأتي فصله الثاني بعنوان "عن التكفير"، ويؤرخ لمدى تأثر الحالة السلفية بالتكفير والتأثير فيه، لكن هذا الفصل -وعلى عكس سابقه- حمل روحا تعميمية ولم يأخذ في الاعتبار التنوعات الواسعة في التيار السلفي، ففي إحدى فقراته اعتبر الكاتب أن "السلفيين الطهرانيين" يميلون إلى عدم الاختلاط بغير السلفيين ويبدّعونهم، ويقولون بمقاطعتهم اجتماعيا في الحد الأدنى حتى لو كانوا أبناء عائلة واحدة.
 
أما الفصل الثالث فيناقش "السلفية والحركات الإسلامية" وكيفية "مأسسة" السلفية في السعودية من خلال هيئة كبار العلماء وغيرها، وكيف تأثرت السلفية بالتيارات الإسلامية الأخرى وأثرت فيها كما حدث مع جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا في 1928 في مصر.
 
أما الفصل الأخير من الكتاب -الذي أصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات- فيتناول "الوهابية في هذا السياق"، وفي هذا الفصل يصف المؤلف الحركة الوهابية بأنها أشبه بتأسيس دين جديد عبر تخيل التماثل مع بزوغ نجم الإسلام في مكة والمدينة.
 
وأشار إلى أن الوهابية صارت حركة دعوية وتبشيرية جراء مأسسة العلاقة بين الدعوة والسلطة، وهي نظرة تختلف كثيرا مع مفكرين قوميين أيضا -مثل برهان غليون- الذين رأوا الحركة الوهابية كإحدى محاولات إحياء الأمة وانبعاثها.
 
وفي نادي الصالون السياسي الطلابي في معهد الدوحة للدراسات العليا الذي عقد أمس السبت في المعهد تداول بشارة مع مجموعة من طلاب المعهد عرضا شاملا لمفهوم السلفية من خلال كتابه، وأجاب عن أسئلة الحضور، مؤكدا أن هذا الكتاب يضع مصطلح السلفية في إطاره التاريخي.
 
واعتبر بشارة أن مصطلح السلفية يروج له في الدراسات العربية وكذلك السوق البحثية لدراسات الإسلام على أنه يخص طريقة تدين متزمت في الجزيرة العربية، غير أن هذا الضرب من التدين ليس حكرا على الجزيرة العربية، بل يشمل كذلك المجتمع الشيعي.


التعليقات