دانة الكويتية وبيس التايلندي.. قصة حب رغم تنمّر المجتمع
- الجزيرة نت السبت, 26 أكتوبر, 2019 - 01:24 صباحاً
دانة الكويتية وبيس التايلندي.. قصة حب رغم تنمّر المجتمع

لم يخطر ببال دانة الشابة الكويتية ذات الثلاثين ربيعا أنها سترتبط يوما بشاب من شرق آسيا، لكن شغفها الكبير بالسفر والتعرف على الحضارات في هذه البقعة من الأرض تحديدا قادها إلى نصيبها الشاب التايلندي بيس برفان الذي أصبح زوجها.

 

ولدت دانة لأب كويتي وأم بريطانية، ولديها من الشقيقات أربع، وقد تخرجت في كلية التربية الأساسية بجامعة الكويت، والتحقت بمهنة التدريس التي لم ترق لها، ففضلت الانتقال إلى بريطانيا حيث قضت فيها عامين.

 

لم تجد دانة في بريطانيا الراحة التي كانت تبتغيها، فقررت في عام 2017 إشباع ولعها بالسفر، وانطلقت في رحلة إلى دول شرق آسيا بغية استكشاف الحياة والتعرف على حضارات الشعوب هناك، حيث زارت كلا من ماليزيا والفلبين والهند ومن ثم حطت الرحال في تايلند.

 

ولأنها تحب الاعتماد على نفسها، قررت العمل مدرسة للغة الإنجليزية لطلاب المرحلة الابتدائية في جزيرة "كرابي" التايلندية، وذلك بعد أن واجهت بعض المصاعب المادية.

 

وخلال العطلات الأسبوعية، كانت دانة تتردد على مطعم تعزف فيه فرقة موسيقية، فتعرفت إلى جميع أفرادها وكان من بينهم بيس العازف والمغني الهاوي.

 

بادلت دانة بيس الإعجاب الذي بادرها به، وكان يبحث عن زوجة أجنبية، وتقول "أكثر ما جذبني إليه برّه بوالديه، واهتمامه بفكرة الاستقرار والزواج وتكوين أسرة، لتتلاقى اهتماماتنا ويجمع الحب بين قلبيْنا على مدى ثلاثة أشهر، قبل أن نقرر تتويجه بالزواج".

 

سارعت دانة لإخبار بيس -وهو من عائلة بوذية- بأن دينها الإسلامي يحرّم الزواج من غير مسلم، وتأثر بحديثها عن الدين الحنيف فدخل الإسلام ونطق الشهادتين، في حين لم يبق عليها سوى إقناع والدها وعائلتها بمن اختارته شريكا لحياتها، فطارت إلى الكويت من أجل تحقيق ذلك.

 

إقناع والدها

 

لم تجد دانة صعوبة في اقناع والدها، الذي تصفه بأنه "ذو عقلية متفتحة"، بمن اختارته زوجا لها، فوالدها -الذي ينحدر من عائلة كويتية معروفة- جال البلدان مسافرا وتعرف في رحلاته على كثير من الثقافات حول العالم.

 

احترم ولدها رغبتها، فهو "لا يريد في هذه الدنيا سوى أن يراني سعيدة، ولكنه اشترط أن يعطيني قراره النهائي بعد مقابلة بيس".

 

طار بيس إلى الكويت مسرعا، وما إن قابله والد دانة وتحدث معه حتى مهر اللقاء بموافقته على الزواج، بعد أن وجده شابا بسيطا وطموحا ومن عائلة محافظة، وأخبر دانة أنه سيكون فيه خير كثير لها.

 

وعلى الجانب الآخر، احترمت عائلة بيس رغبة نجلهم في الارتباط بفتاة أجنبية، حيث كانت قناعتهم أن له مطلق الحرية في اختيار زوجته بعد أن بلغ الخامسة والثلاثين من العمر، ورحبوا بدانة أيما ترحيب وأقاموا حفل زفاف لهما حضرته والدتها واثنتان من شقيقاتها ولفيف من أقارب العريس وأصدقائه.

 

وما إن انتشر خبر زواج دانة الكويتية حتى تعرضت لحملة من التنمر والانتقادات الواسعة، وأغلبه كانت ساحته مواقع التواصل الاجتماعي التي تنشط فيها دانة مدونةً، واتهمتها شريحة واسعة من الجمهور بأنها تحرّض على تكرار هذه الأمور داخل المجتمع الكويتي التي تؤدي إلى فقدان الهوية الكويتية وانحراف تام عن عادات المجتمع وتقاليده، وفقا لرأي مهاجميها.

 

تقول دانة إن تساؤلات المنتقدين كانت تنزل على مسامعها في بعض الأحيان كالصاعقة، حيث كان جلّ تلك التساؤلات من قبيل "كيف تتزوجين بتايلندي فقير وتتركين الكويتي الغني؟" مع إسهاب أصحابها في ذكر أمور تخوّفها من المستقبل الذي يربطه المجتمع بالحياة المترفة والدخل المرتفع!

 

قوانين للتنمر

 

لكن دانة لم تعر هذه الانتقادات أي انتباه، وأكدت في معرض سردها لحكايتها للجزيرة نت أنها فتاة إيجابية تبحث عن السعادة التي وجدتها مع شريك حياتها بعيدا عن كلام الناس وانتقاداتهم، وترى أن تلك الانتقادات لن تتوقف طالما لا توجد قوانين في البلدان العربية تجرّم التنمر.

 

وتؤكد دانة أن كثيرا من متابعاتها تأثرن بقصتها، وكانت بعضهن يواسينها بذكر حالات مشابهة تعاني من العادات والتقاليد التي تحول دون زواجهن حتى من أشخاص كويتيين لكن من قبيلة أخرى، أو حتى من خليجيين.

 

بنى بيس لدانة منزلا جميلا في جزيرة كاربي واشترى لها سيارة وبات لديهما مشروع "مطعم" يتشاركانه سويا، حيث يعملان من أجل تأمين حياة كريمة لطفلتهما لورا ذات العام التي توجت حبّهما وحملت مزيجا من ملامح أبيها التايلندي وابتسامة والدتها الكويتية.

 

تركت دانة التدريس حيث تعكف على التفرغ لتربية لورا وتعليمها ثلاث لغات هي العربية والتايلندية والإنجليزية، وتنتقل طوال العام ما بين تايلند والكويت وبريطانيا، مع التركيز على هوايتها مدونةً بعد ازدياد عدد متابعيها، وترفض الكثير من الإعلانات التي باتت تنهمر عليها باعتبارها شخصية مؤثرة.


التعليقات