قال بأن الحكومة تتعامل مع تعز كأداة للحرب
رئيس اللجنة الإشرافية لمسيرة البطون الخاوية في حوار مع "الموقع بوست": سنقاضي الحكومة لتأخرها في صرف الرواتب
- حاوره - فخر العزب السبت, 26 أغسطس, 2017 - 07:24 مساءً
رئيس اللجنة الإشرافية لمسيرة البطون الخاوية في حوار مع

[ المجعشي انتقد تعامل الحكومة مع مرتبات الموظفين ]

يدافع عبدالحليم المجعشي رئيس اللجنة الإشرافية لمسيرة البطون الخاوية عن المسيرة التي انطلقت في تعز نحو العاصمة المؤقتة عدن العام الماضي، ويصفها بأنها عمل مدني استطاع أن يلفت الانتباه للوضع المتدهور في محافظة تعز ذات الأغلبية السكانية.
 
ويكشف المجعشي في هذا الحوار مع "الموقع بوست" عن قضايا حقوقية سترفعها قيادة المسيرة ضد الحكومة اليمنية لعدم وفائها بصرف رواتب الموظفين في تعز منذ تسعة أشهر، ويشير إلى دعوى أخرى تم رفعها على محافظ المحافظة علي المعمري بسبب عدم تواجده في تعز.
 
إلى الحوار:
 
 * بداية لو تعطينا نبذة تعريفية عن مسيرة "البطون الخاوية"؟
 
** مسيرة البطون الخاوية هي فعالية جماهيرية تشكلت من نشطاء موظفين وعمال نتيجة لانقطاع رواتب الموظفين في محافظة تعز، ففي سبتمبر 2016 قرر الرئيس عبدربه منصور هادي نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، ومنذ ذلك الحين لم تصرف رواتب الموظفين والعمال في محافظة تعز وغيرها من المحافظات، رغم أن الرئيس عبدربه منصور هادي تعهد والتزم في خطابه السنوي أمام الأمم المتحدة بالوفاء بجميع التزامات البنك المركزي اليمني، لكن حكومته كانت فاشلة وغير قادرة على إدارة البلد في ظل الأوضاع الاستثنائية، فتركت الموظفين دون رواتب وصرفت رواتب المحافظات الجنوبية، وبدأ الموظفون في تشكيل أنفسهم ونظموا العديد من الوقفات الاحتجاجية والمسيرات.
 
وعدت الحكومة بصرف الرواتب بانتظام في مطلع عام 2017 لكنها لم تف بوعودها وتصاعدت الاحتجاجات يوما بعد يوم، وفي أبريل 2017 قرر المحتجون تسيير مسيرة إلى العاصمة المؤقتة عدن، وتم تشكيل لجنة اشرافية لقيادة وإدارة شؤون المسيرة، وأصدروا بلاغا صحفيا في حينه حددوا فيه انطلاق المسيرة في عيد العمال العالمي في الأول من مايو 2017، وبالفعل انطلقت المسيرة في موعدها صوب العاصمة المؤقتة عدن.
 
* وماذا كانت ردة فعل الحكومة من مسيرة البطون الخاوية؟
 
** عقب انطلاق المسيرة بساعات وجه رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن دغر، وزارة المالية بسرعة صرف رواتب جميع الموظفين المدنيين في محافظة تعز،  وبحسب وكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، فإن صرف الرواتب سيكون "بحسب موازنة الدولة للعام 2014".
 
ووجه بن دغر حينها فيما أذكر بصرف مليون دولار لتغطية الاحتياجات الإضافية لمعالجة الجرحى في محافظة تعز، وأمر بصرف مستحقات مستشفى الثورة "فوراً"، وهو أكبر مستشفى حكومي بمدينة تعز، ولم تمض ساعات على تلك التصريحات وأثناء سير مسيرة البطون الخاوية تناقلت وسائل الإعلام خبر سفر بن دغر وكل أعضاء حكومته من عدن إلى الرياض مقر الحكومة، وكل وعوده صارت هباءا منثورا، وها نحن ندخل في الشهر الثاني عشر ولم تصرف رواتب الموظفين، وليس هناك أمل بهذه الحكومة المتمتعة بصمت المجتمع العالمي على أفعالها تجاه موظفي تعز. 
 
* أكثر من أحد عشرة شهرا وموظفو تعز بلا رواتب على الرغم من التوجيهات المتكررة والتي ظلت حبرا على ورق.. لو تضعنا أمام حجم الكارثة التي يعاني منها موظفو تعز بعد هذه الفترة الطويلة بدون رواتب؟
 
** يعيش الموظفون بسبب ظروفهم الصعبة الناجمة عن انقطاع الرواتب أوضاعا صعبة للغاية حيث اضطر بعض هؤلاء الموظفين إلى البحث عن مصادر دخل أخرى، كما لجأ كثير منهم إلى طلب المساعدات الخيرية، وتتفاقم الأوضاع المعيشية لموظفي مختلِف القطاعات الحكومية يوما بعد يوم نظرا لانقطاع رواتبهم لـ11شهرا وفي بعض القطاعات لـ18شهرا، بينما تستمر الحرب التي تشنها المليشيات الانقلابية على المدينة فتعمق الأزمة الاقتصادية، وفوق كل ذلك تعيش مدينة تعز أوضاعا أمنية في غاية السوء، فالعديد من الموظفين قتلوا أو جرحوا بسبب الاشتباكات البينية بين الجماعات المسلحة التي تعتبر نفسها سلطة أمر واقع نظرا لغياب مؤسسات الدولة كلية، مثلا الأستاذ أنور سعيد الأثوري مدرس متخصص رياضيات يمارس عمله طيلة عشرين سنة وكان من أحسن المدرسين، لكنه تحول إلى بائع متجول بسبب انقطاع راتبه لعشرة أشهر، وقد قتل بأكثر من ست رصاصات بسبب اشتباكات بين جماعات مسلحة أثناء  تجواله بعربية البيع.
 
وهناك الكثير من المآسي يعيشها الموظفون إثر انقطاع رواتبهم، فبحسب تقارير الأمم المتحدة هناك أكثر من نصف سكان المدينة -الذين يتجاوز عددهم أربعة ملايين نسمة- يعيشون تحت خط الفقر، بل إن شبح المجاعة يحدق بهم، كما تشير بعض التقارير الميدانية إلى أن معدل سوء التغذية الحاد في بعض مديريات تعز تجاوز 30%، أي ضعف مستوى الطوارئ المحدد من طرف منظمة الصحة العالمية. 
 
* لو تضعنا أمام حجم الكارثة بالأرقام، كم عدد موظفي تعز وكم تبلغ قيمة الرواتب المستحقة لهم شهريا؟
 
** عدد الموظفين المدنيين في محافظة تعز نحو 62 ألف موظفا وموظفة تقريبا، وتبلغ مستحقاتهم من الرواتب شهريا بحدود 4 مليار ريال شهريا على وجه التقريب.
 
* برأيك من المسؤول اليوم عن عرقلة الصرف، وهل هناك استهداف ممنهج لتعز أم أن الأمر يتعلق بأمور فنية تعيق الصرف؟
 
** تداولت بعض المواقع الصحفية وناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي عدة أخبار مفادها أن رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر أصدر أوامر بصرف مرتبات المدن الواقعة تحت سيطرة حكومته باستثناء مرتبات محافظة تعز، ونحن نعتقد ذلك صحيحا، فهو من أمر بوقف صرف الرواتب الخاصة بالقطاع المدني لمحافظة تعز قبل شهر رمضان الفائت، لاسيما وأن بعض وسائل التواصل نشرت صورة إشعارات بتوريد مبالغ لحساب مصرف الكريمي لصرفها للموظفين، وفجأة اعتذر الكريمي عن الصرف، وقد قال لنا موظفون في المالية وفي مصرف الكريمي إن رئيس الحكومة أصدر توجيهات تضمنت سحب المبالغ المالية التي سبق وأن تم تحويلها إلى حساب مصرف الكريمي ليتولى صرفها لموظفي محافظة تعز.
 
ويؤسفنا القول إن "الشرعية" تتعامل مع محافظة تعز كأداة للحرب فقط، ولا تهتم بأوضاع المحافظة المعيشية والإنسانية والأمنية، فتعز خارج حسابات الشرعية.
 
* لاحظنا عددا من الفعاليات الاحتجاجية التي دشنتها مسيرة البطون الخاوية، لكن هذه الفعاليات غابت في الفترة الأخيرة، لو تعطينا أسباب الجمود في الفعاليات الاحتجاجية التي تطالب بصرف الراتب؟
 
** سبب الجمود أو التقليل من الفعاليات اليومية وجعلها أسبوعية يرجع إلى عوامل كثيرة، فالعديد من ناشطي مسيرة البطون الخاوية تعرضوا للتهديدات بالقتل وهددوا بالاعتقال وضيقوا عليهم معيشتهم، بل لقد وصل ببعض سلطات الأمر الواقع إلى ايقاف أي إغاثة أو دعم غذائي للمشاركين في الاحتجاجات التي تقيمها المسيرة، وهناك صنوف من العذابات يعاني منها الموظف في تعز بشكل عام، فالعديد من الموظفين والموظفات بلغ بهم الجهد والضنك مبلغا منعهم من المشاركة في أي فعاليات بسبب الإحباط واليأس وقلة الحيلة، حيث لا يجد الموظف مقابل أجور المواصلات، وبالرغم من كل الاحتجاجات التي أقيمت وتقام ضد الحكومة لم تلتفت إلى معاناتهم، ولم تعبأ باحتجاجاتهم لمدة عشرة أشهر، لذلك أصيب العديد باليأس والإحباط، وفي المقابل زاد البعض إصرارا وتصميما على خوض كل أشكال الاحتجاجات.
 
ومن أهم وأبرز الأسباب المحبطة والمعيقة لأعمال المسيرة أن أحزاب اللقاء المشترك عملت وتعمل على نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة ضد المسيرة وقيادتها، فلم يكتفوا بالبيانات المعارضة والمعادية التي أصدروها عشية انطلاق المسيرة صوب عدن، بل واصلوا هجومهم الإعلامي عبر كائناتهم الإلكترونية، وضربوا حصارا إعلاميا شديدا على أي فعالية تقوم بها المسيرة، ومع كل ذلك فإن مسيرة البطون الخاوية ما زالت صاحبة السبق في خلق الفعاليات الاحتجاجية  وهي المبادرة في تقديم الأساليب النضالية الجديدة ضد الحكومة ورموزها، ومنها النضال الحقوقي القانوني الذي باشرته المسيرة المتمثل برفع دعوى قضائية ضد محافظ محافظة تعز الذي ترك عمله في المحافظة، وقرر العيش في المنفي من تاريخ تعيينه، ولم يبقَ في المحافظة سوى مدة 19 يوما فقط، ومع ذلك ستواصل مسيرة البطون الخاوية نضالها السلمي القانوني حتى يصل الموظفون إلى رواتبهم.
 
* لو نسأل ما هي وسائل الضغط ضد الحكومة التي بين أيديكم للضغط عليها من أجل الاستجابة لصرف الرواتب؟
 
** حاليا تنظر محكمة شرق تعز في الدعوى الإدارية التي رفعتها مسيرة البطون الخاوية ضد محافظ محافظة تعز علي محمد المعمري ومحافظ البنك المركزي ووزير المالية المشمولين من قبل المحكمة لوجود رابطة تضامن بينهم، ومن المؤسف جدا أن مكتب الشؤون القانونية الممثل القانوني للجهات الحكومية بتعز يتهرب ولم يرد على موضوع  الدعوى حتى هذه اللحظة، رغم أن المحكمة عقدت خمس جلسات وحضر مكتب الشؤن القانونية جلستين منها وتغيب عن الباقي، وهذا أمر مؤسف أن يستمر هذا التهرب من قبل محاميي قضايا الدولة في ديوان محافظة تعز.
 
سوف نستمر في مقاضاة المحافظ حتى يعود إلى مقر عمله في محافظة تعز وحتى تصرف الرواتب كاملة للموظفين، وهناك أساليب اخرى للضغط على الحكومة سيكون من بينها توجيه المذكرات والشكاوى القانونية للجهات الحقوقية والقانونية في كل أنحاء العالم، وهناك أساليب ضغط جماهيرية كثيرة سنعلن عنها تباعا في حال عدم إذعان محافظ محافظة تعز وحكومة بن دغر للقانون والدستور بصرف رواتب الموظفين والعمال، وسنعلن من شكلها وتفاصيلها في حينه.
 
 * رفعتم مؤخرا قضية إلى المحكمة ضد المحافظ، أين وصل مسار القضية حتى الآن؟ وهل تراهنون على القضاء للانتصار لقضيتكم إذا كانت لم تنتصر لكم توجيهات رئيس الجمهورية الصادرة بالصرف؟
 
** وصل مسار القضية إلى أن محافظ محافظة تعز أرسل عريضة دفع بتوقيعه وختم المحافظة، لكنه بعثها كرسالة عبر مدير مكتبه أحمد سيف المعمري الذي حضر الجلسة ولم يحضر معه أي توكيل من المدعى عليه وهذا خرق للقانون، فالمعلوم قانونا أن وزارة الشؤون القانونية ومكاتب الشؤون القانونية في المحافظات والجهات الحكومية هي المخولة وحدها دون سواها في تمثيل الجهات الحكومية أمام المحاكم، وهي المعبر القانوني عن إرادة الجهات الحكومية، لكن الذي حدث أن مكتب الشؤون القانونية غاب وجاء مدير مكتب المحافظ بعريضة دفع عن شخص المحافظ لا عن المحافظة والمجلس المحلي، وفي جميع الأحوال فإن أي دفع يتقدم به المدعى عليه مدفوع بعدم تحقق المصلحة لمقدمه فلا مصلحة للمحافظ في عدم صرف رواتب موظفي المحافظة، فالرواتب حق "والحق يعلو ولا يعلى عليه".
 
ونحن نثق بالقضاء، فالقضاء ملاذ المواطن وبه يصل إلى حقه، وأما توجيهات الرئاسة فلا تغني عن الحق شيئا.
 
* ما هي خطواتكم التصعيدية للمرحلة المقبلة، وهل لديكم برنامج مزمن بهذا الخصوص؟
 
** خطواتنا التصعيدية مواصلة إجراءات التقاضي ضد الحكومة ممثلة بمحافظ المحافظة، وهناك برنامج تصعيدي سنعلن عنه في الحفل التأبيني للراتب المقرر إقامته في شهر أكتوبر المقبل، وسيكون من أبرز الاحتجاجات الاعتصام الجماعي في شوارع المدينة والريف، وهناك خطوات تصعيدية متنوعة سيعلن عنها تباعا.
 
* ما مدى تفاعل النقابات العمالية مع مطالبكم؟ وهل هناك تنسيق مشترك مع النقابات حول برنامج تصعيدي؟
 
** النقابات العامة حزبية بامتياز وعند خروجها للاحتجاج فإنها تكون ناعمة وهادئة ورحيمة، فهتافها لا يمثل معاناة الناس، هناك قرارات حازمة تضبط خطوات النقابات ففيها السمع والطاعة، بل إن بعض الاحتجاجات للنقابات تكاد تعزف فيها موسيقا هادئة للحكومة التي قطعت رواتب الموظفين، وهناك العديد من النقابات انضمت مع مسيرة البطون الخاوية في كل الفعاليات، بل وانضمت للمسيرة في الدعوى المرفوعة ضد المحافظ ووكلت محاميا لها أمام المحكمة.
 
* هناك اتهامات تتهم قيادة البطون الخاوية بتسييس المسيرة ما تسبب بفشلها، ما ردكم؟
 
** المسيرة حقوقية ولا علاقة لها بالسياسة إطلاقا والدليل على ذلك أن هدفها معلوم للناس كافة، وهو طلب صرف رواتب الموظفين والعمال، فهل هذا تسيس؟
 
أما فشلها فالتاريخ يشهد أن المسيرة ناجحة وصادقة والأحزاب السياسية التي تهاجم المسيرة هي أعجز من أن تحقق ربع منجزات المسيرة، وفي جميع الأحوال فإن التاريخ هو من سينصفنا، أما الأحزاب المعادية للمسيرة فهي شاهد زور وبهتان على الدوام والشعب يراقب ويرصد كل الفعاليات والتاريخ يدون.
 
* كلمة أخيرة؟
 
** كلمتي الأخيرة أوجهها للمجتمع الدولي بأن ينظر بعين الإنسانية لتعز التي كثر فيها القتل والعصابات، وانتشر فيها الفقر، والموت يغشى سكانها على مدار الساعة فالحصار والقصف من عصابات الحوثي وعفاش لا يتوقف، والاغتيالات والفقر والجوع  وانعدام الأمن الغذائي والحياتي، وفوق كل ذلك حرب إبادة جماعية تشنها حكومة الشرعية على الموظفين وأسرهم بقطع رواتبهم ظلما وعدوانا ولمدة 11شهرا، فأين الضمير العالمي والإنساني من كل هذه العذابات التي تعيشها تعز أرضا وإنسانا.


التعليقات