[ قراءة في مؤشرات نجاح اتفاق الرياض وفشله والسيناريوهات المتوقعة ]
تحت حراسة 12 طقماً عسكرياً وأربع مدرعات وبضعة جنود سعوديين، عاد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك بمعية ستة وزراء إلى العاصمة المؤقتة عدن واستقروا في قصر معاشيق بمدينة كريتر.
ومع عودة الحكومة تفاءل المواطنون بتطبيع الأوضاع في المناطق المحررة كأحد أهم أهداف اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.
منذ الوهلة الأولى وبتنفيذ أول بند من اتفاق الرياض بدا واضحا أن المجلس الانتقالي هو من يفرض شروطه. فقد أخضع المجلس الانتقالي الرئاسة ورعاة الاتفاق لشروطه، حيث رفض عودة معظم وزراء الحكومة اليمنية وأخضع الجميع لشروطه بعودة ستة وزراء فقط من أصل قوام الحكومة.
تعثر
ما كان يفترض أن يكون قد تم الانتهاء منها من خطوات وفقا للترتيب الزمني لاتفاق الرياض لم يبدأ بها حتى اللحظة.
وحتى اليوم بعد مرور 21 يوما على اتفاق الرياض فلم يتم تنفيذ إلا بند واحد وهو الخاص بعودة الحكومة اليمنية منقوصة إلى العاصمة المؤقتة عدن، بينما تعثر تنفيذ بقية البنود والتي أهمها البدء بسحب الأسلحة الثقيلة من معسكرات المجلس الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن.
احتيال
وحتى قبل عودة الحكومة اليمنية بدأ المجلس الانتقالي بما يسميه تنفيذ بنود اتفاق الرياض في عملية احتيال على نصوص الاتفاق، إذ شكل الانتقالي ما أسماه لواء حماية المنشآت وهو أحد تشكيلات الحزام الأمني المدعوم إماراتيا وبدأ بتسليمه المنشآت الحيوية في عدن.
وبدا أن المجلس الانتقالي يقوم بسيناريو جماعة الحوثي نفسه في محافظة الحديدة، إذ قامت بتسليم الميناء من مسلحيها إلى مسلحين آخرين من جماعتها وهو ذات السيناريو الذي قام به المجلس الانتقالي، وهي الخطوة التي لقيت رفضا من قبل قوات خفر السواحل اليمنية التي أصدرت بيانا أوضحت فيه أنها المخولة قانونيا لتسلم الموانئ وأكدت استعدادها للقيام بمهامها وجهوزيتها.
وفي السياق أعلن رئيس الوزراء أن الحكومة بدأت بتنفيذ البنود الخاصة بها من اتفاق الرياض وهي البنود الخاصة بعودة الحكومة والبدء بتسليم رواتب الموظفين وبالفعل فقد جرى تسليم راتب شهر لكل منتسبي الجهاز العسكري في المناطق المحررة.
تبادل الاتهامات
منذ الوهلة الأولى لاتفاق الرياض لم تتوقف قيادة المجلس الانتقالي وناشطوه عن التصعيد الإعلامي كما نص اتفاق الرياض، فكيل الاتهامات للحكومة والقيادات العسكرية في الشرعية بالإرهاب مستمر.
وكان آخر تلك الاتهامات ما أطلقه نائب رئيس المجلس هاني بن بريك لقائد لواء النقل العميد أمجد خالد بالإرهاب ورفض تواجده في العاصمة المؤقتة عدن ضمن فريق اللجنة العسكرية الحكومية المعنية بتنفيذ البنود الخاصة بالجانب العسكري والأمني من اتفاق الرياض.
تصعيد وتوتر عسكري
وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت المحافظات المحررة تصعيدا وتحركات عسكرية لتشكيلات المجلس الانتقالي والإمارات وعاد التوتر العسكري ليخيم على أجواء محافظتي شبوة وأبين مما ينذر بإفشال اتفاق الرياض.
ففي معظم المحافظات المحررة لم يتوقف المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا عن النشاط العسكري وتدريب وتخرج دفع جديدة من تشكيلاته العسكرية.
فقد شهدت محافظة لحج تخرج دفع جديدة من قوات الحزام الأمني في استعراض عسكري للمجندين الجدد بحضور قيادات المجلس الانتقالي وأبرزهم صالح السيد وجلال الربيعي قائد ما يسمى بالحزام الأمني في لحج.
وفي محافظة شبوة قام ضباط إماراتيون بمحاولات دعم عناصر الانتقالي بالسلاح النوعي وهي المحاولة التي كشفتها الأجهزة الأمنية في المحافظة وقامت بمنع مرور الشحنة إلى عناصر الانتقالي في معسكر العلم.
وأمس الاثنين، أطلق المجلس الانتقالي اتهامات للحكومة اليمنية باستقدام تعزيزات عسكرية جديدة إلى محافظة شبوة.
وبلغ التصعيد ذروته بإرسال الانتقالي تعزيزات عسكرية لمحافظة أبين اليوم الثلاثاء، وفيما لم يتم التعرف ما إذا كانت القوات ستتسلم المحافظة بدلا عن التشكيلات العسكرية التابعة للانتقالي فيها، خصوصا وأن القوات التي أرسلت سبق لها وأن تسلمت معسكر اللواء الخامس في لحج كقوات محايدة، أو تأتي في إطار التصعيد فإن وقائع الأحداث وتصريحات قادة الانتقالي تكشف عن أن التعزيزات تأتي في سياق التصعيد، خصوصا وقد قامت اللجنة العسكرية التابعة للانتقالي بتعليق أعمالها في إطار اللجنة المشتركة لتنفيذ اتفاق الرياض.
ويبقى التساؤل ما إذا كان بمقدور الرياض تهدئة الأوضاع أم أن رحى الحرب بين الجانبين ستندلع من جديد؟ وهل ستقدم الإمارات على التدخل العسكري مع مليشياتها ضد قوات الحكومة اليمنية مجددا ولمن ستكون الغلبة؟