عبد الله عوبل في حوار مع "الموقع بوست": الانتقالي منفذ لأجندة التحالف ومسمى الجنوب العربي فارغ من أي مضمون
- حاوره: صلاح الواسعي الاربعاء, 27 يناير, 2021 - 10:45 صباحاً
عبد الله عوبل في حوار مع

[ عوبل: المجلس الانتقالي منفذ لأجندة التحالف ونشأ نتيجة خلاف حاد بين الرئيس هادي ودولة الإمارات ]

الدكتور عبد الله عوبل شاعر وأديب وسياسي يمني، أمين عام التجمع الوحدوي اليمني وأستاذ علم الاجتماع التربوي وعلم الأديان في جامعة عدن، ووزير الثقافة اليمني السابق في حكومة الوفاق الوطني 2014.

 

في الحور الذي أجراه معه "الموقع بوست" عبّر أمين عام التجمع الوحدوي اليمني الدكتور عبد الله عوبل عن تأسفه الشديد كون ما يسمي "التحالف الوطني للأحزاب السياسية" أصبح مجرد واجهة لإصدار البيانات وتحسين صورة التحالف العربي، وتحول الأحزاب إلى جزء تابع للشرعية الحكومية.

 

كما يعتقد الدكتور أن الوضع الراهن يضع الأحزاب في موقع المساءلة باعتبارها جزء من الفساد الحكومي.

 

وأشار عوبل إلى أن التحالف العربي حاول أن يوجد بديلا للحراك الجنوبي باعتباره قضية عادلة توافقت حولها الأطراف اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني وربما للقصاء عليه من خلال تشكيل المجلس الإنتقالي الذي قال إنه نشأ في إطار الخلاف بين الرئيس ودولة الإمارات العربية المتحدة، عضو التحالف، ليكون منفذاً للأجندة التي هي باطن سياسة التحالف تحت غطاء يستغل حماس البعض لاستعادة الدولة الجنوبية، بحسب تعبيره.

 

ويستنتج "عوبل" أنه في الوقت الذي يشجع فيه التحالف العربي المجلس الانتقالي الجنوبي على استعادة دولة الجنوب إلا أنه في الواقع ذاته سعى لتقسيم الجنوب لشطرين بين التحالف والشرعية ظاهريا وبين قوتي التحالف الرئيسيتين.

 

وأضاف أن مسمى "الجنوب العربي" مسمى فارغ من أي مضمون إذ لا يمكن أن يلغى التاريخ والهوية اليمنية للجنوب، سواء بدولة اتحادية أو حتى انفصال فهو يؤكد أن الجنوب سيبقى يمنياً.

 

وعن الحكومة الشرعية الجديدة قال إنها ستكون فاشلة كسابقتها لعدة أسباب أهمها: توقيف الوديعة السعودية التي كانت عامل توازن العملة في السوق والتي يمكن أن توقف انهيار سعر الصرف، كما أن التوترات الأمنية بين الطرفين قائمة، وأن الحكومة التي أنيط بها تنفيذ الشق العسكري هي واللجنة السعودية عاجزتين عن التقدم خطوة واحدة، بل فشلتا"، حد قوله.

 

نص الحوار:

 

* دكتور قرأت لك قصيدة "زجاج يقطع يد العودة" قصيدة جميلة أخذتني الدهشة، وكأني أقرأ لبدر شاكر السياب فتفاجأت أنك سياسي كبير، قلت لماذا أخذت السياسة منا شاعرا كبيرا بحجم الدكتور عبد الله عوبل؟

 

** الواقع أن لي محاولات شعرية في قصيدة النثر أو القصيدة السردية، لكني لا أحترف الشعر، مهنتي الأساسية هي أني أستاذ علم الاجتماع التربوي وعلم الأديان.

 

السياسة هي من أخذتني، فشعبنا مَرّ بتحولات وإرهاصات وإخفاقات وحروب، الأمر الذي يستدعي أن أساهم كغيري من أبناء وطني في تحقيق الحلم: الدولة التي ناضل من أجلها الثوار منذ أربعينيات القرن الماضي في الشمال والجنوب.

 

قصيدة "الزجاج يقطع يد العودة" هي تعبير عن مأساة اليوم حروب كبرى وصغرى، قتل ودمار ومجاعة وانهيار تام للقيم، ولا في الأفق ما يدل على قرب الخروج من هذا النفق. يحدوني الأمل في أن تتحد الجهود اليمنية للوصول إلى مصالحة وطنية تقود إلى تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، حيث شيدت صورة الدولة المنشودة بوضوح في هذه المخرجات.

 

* عملت وزيرا للثقافة في مرحلة حرجة من تاريخ البلد، وهي المرحلة الانتقالية، كيف وجدت الحياة الثقافية والسياسية في اليمن لحظتها؟

 

** نعم كنت وزيراً للثقافة في حكومة الوفاق الوطني برئاسة الوطني النبيل الأستاذ محمد سالم باسندوة، وكان ذلك في وضع صعب جدا، اغتيالات وتفجيرات وتدمير الخدمات في أعقاب ثورة فبراير 2011 كانت الحياة الثقافية انعكاس للحالة الاجتماعية، ثمة آمال وطموحات بالغد الأجمل، ومصاعب ومحاولات جر البلاد إلى الاحتراب الأهلي. قوى اجتماعية ناشئة وحديثة تطمح لقيادة البلاد بلا خبرة ولا فلسفة سياسية ولا برامج، وقوى تقليدية خائفة من التغيير، استطاعت أن تعيد المجتمع الثائر الذي نشأ في خيام الثورة الشبابية على هامش المجتمع التقليدي بقيمه وشعاراته التنويرية المعاصرة إلى أحضان المجتمع التقليدي.

 

لكن اليمن تاريخياً له إرث حضاري عميق، فلم يتوقف الإبداع الثقافي يوما، بل ازدهر الشعر والرواية والمسرح، واستطاع الفن التشكيلي أن يخطوا خطوات كبيرة، فلك أن تسال عن عدد معارض الفن التشكيلي التي أقيمت في صنعاء وعدن والحديدة وتعز وغيرها، ستكتشف كيف تطور هذا الفن الذي أصلا هو من نتائج تطور الرأسمالية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. الإرث الثقافي ينبوع لا ينضب، وأن انخفض منسوبه في فترات عندما ينهار المجتمع وقيمه كما هي أيامنا هذه للأسف، لكنه يعود ويتقدم بصورة أقوى.

 

* دكتور جريا على ذكر "التجمع الوحدوي اليمني" الذي يعيد للذهن المؤسس الأديب الكبير "عمر الجاوي" رحمه الله واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، لماذا تراجع اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في تقديم حلول لمشاكل البلد من وجهة نظرك؟

 

** رحم الله الأستاذ عمر الجاوي الثائر الوحدوي الأديب والكاتب الجريء، فقد أسس مع رفيقه المناضل محمد عبده نعمان حزب التجمع الوحدوي اليمني في الرابع من يناير 1990، أي قبل الوحدة بأربعة أشهر وكان من أهم الأهداف في بيان الإشهار هو العمل على إقامة دولة المواطنة والقانون واحترام الحريات وتحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وكان شعار الحزب "الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان". وكان الرجلان صادقين، وتعلمنا منهما إصرارهما على تحدي الصعاب للوصول إلى الأهداف النبيلة.

 

أما اتحاد الأدباء لماذا لا ينتج حلولا للقضايا الوطنية، كما تعلم يا صديقي عندما تعلو أصوات المدافع فكل الأصوات المدنية تخرس.

 

الاتحاد الآن يعاني من مشاكل فالدولة التي ترعاه لم تعد موجودة، والرأي الآن يصادر في ظل السلطات المتعددة والحكومات الوهمية. فأنا لا ألوم قيادة الاتحاد في وضع تدميري كهذا، لكن الاتحاد شيء وإبداعات الشباب التي لم تنقطع شيء آخر، فإن توقف الاتحاد عن دوره، لم يتوقف الإبداع.

 

* باعتبارك رئيس حزب سياسي عريق تأسس 1990، هل يمكن أن تختصر لنا الرؤية الوطنية للحزب الذي يسجل حضوره بقوة ضمن الأحزاب الوطنية المساندة للشرعية اليمنية؟

 

** رؤية حزب التجمع الوحدوي اليمني للأوضاع الراهنة طرحها الحزب في اجتماع الهيئة العليا للحزب في أبريل 2014 وتم طرحها من قبل ممثلي حزبنا في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وتتلخص في إقامة الدولة الاتحادية من إقليمين شمالي وجنوبي وحكومة اتحادية وحكومتين إقليميتين، ولم يقر مؤتمر الحوار عدد الأقاليم ولكنه تركها للجنة يرأسها رئيس الجمهورية، وهي المشكلة التي لا زالت قائمة وربما كانت أحد مبررات الانقلاب الحوثي.

 

أما رؤيتنا الحالية بعد ست سنوات من الحرب فإننا أولا: نرى وقف الحرب وإيقاف نزيف الدم، لأن إيقاف المآسي الناتجة عن هذه الحرب العبثية مهم لإعطاء أمل للمواطن المطحون أن الأفق مفتوح لحلول حقيقية.

 

ثانيا: نؤكد على إعادة الروح للدولة واستعادة المؤسسات وإعادة بنائها بأفق وطنية جديدة.

 

ثالثا: الشروع في مصالحة وطنية وجبر الضرر للانطلاق نحو إعادة إعمار ما دمرته الحرب.

 

رابعا: الاتفاق على برامج تنفيذية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والاستفتاء على الدستور والاتفاق على قانون جديد للانتخابات.

 

خامسا: الاتفاق على مرحلة انتقالية وخطة تنمية وإعادة الإعمار وتحميل التحالف تمويلها وهو يتحمل المسؤولية عن إخراج البلاد من حالة الانهيار الاقتصادي الراهن.

 

* من مطلق كونك سياسي وأحد أعمدة الثقافة في البلد، كيف تقيّم الحياة السياسية اليمنية في المرحلة الراهنة؟

 

** الحالة السياسية اليمنية الراهنة هي الأسوأ في التاريخ الحديث، المجال السياسي محتكر من قبل أطراف الحرب والقوة، لا مجال للحريات، انتهاك حقوق الإنسان بصورة بشعة، التمزق الاجتماعي والجغرافي، تعدد الولاءات الداخلية، وعلو كعب الولاءات الخارجية، وأزمة إنسانية هي الأسوأ في التاريخ.

 

كلنا أحزاب سياسية وتنظيمات ومنظمات مدنية وكل الفعاليات المؤثرة، نتحمل كل هذا الانهيار، ويتحمل الذين باعوا مواقفهم للتدخلات الخارجية المسؤولية عن كل هذا الذي يجري في بلادنا، ولا بد من المساءلة والشفافية والمحاكمة لكل هؤلاء حتى يعاد للوطن اعتباره، ولتاريخ اليمن العريق والشاهق.

 

* حزب التجمع الوحدوي اليمني هو ضمن تحالف الأحزب المساندة للشرعية اليمنية بقيادة الرئيس هادي.. كيف ترى مستقبل هذا التحالف وإلى أي مدى يمكن أن يساهم في رسم السياسة العامة للبلد في المرحلة الراهنة؟

 

** في الواقع كنا نأمل من التحالف الوطني للأحزاب السياسية الذي أقيم في سيئون في العام 2018 وتوقعنا أن يلعب هذا التحالف دوراً مهما في تصحيح المشكلات التي وقعت فيها الشرعية اليمنية.

 

نحن وافقنا على برنامج شجاع وواضح لمحاربة الفساد وتصحيح الأخطاء والدفع بالعمل السياسي ليكون عونا على مساعدة حل قضايا المجتمع والخدمات، لكن للأسف التحالف الوطني للأحزاب السياسية أصبح مجرد واجهة لإصدار البيانات وتحسين صورة التحالف العربي، وشراكة الأحزاب التنفيذية أو تحولها إلى جزء تابع للشرعية الحكومية. ونحن لا نظن أن هذا الاتجاه سيقود إلى دور حقيقي للأحزاب.

 

ما زلنا في حالة جدل مع من يسمون أنفسهم الأحزاب الكبيرة ونسميهم نحن أحزاب الحكومة، أنا أعتقد أن الوضع الراهن يضع الأحزاب في موقع المساءلة باعتبارها جزء من الفساد الحكومي.

 

* في أحد كتبه التي صدرت مؤخرا يتحدث الدكتور محمد المخلافي أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني عن أن الأحزاب السياسية في اليمن عطلت دورها تماما حتى إن الرؤى التي تقدمها للشرعية في الغالب يتم تجاهلها، هل توافقه الفكرة أم لك وجهة نظر أخرى؟

 

** أحترم صديقي د. محمد المخلافي الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، لنضج آرائه وثقافته القانونية، فعلا قدمت رؤية جريئة وهامة من قبل الأحزاب إلى الحكومة الشرعية، ولا يمكن الاكتفاء فقط بتقديم الرؤية وننتظر من الحكومة أن تنفذها، الرؤية تضع حلولا لفساد الحكومة فكيف تركن إليها تنفيذ البرنامج التنفيذي للأحزاب.

 

لم تكن الأحزاب متحمسة ولا مارست أدنى حد من الضغط على الحكومة الشرعية لتنفيذ البرنامج، ولم تصر ولم تتخذ موقفا حاسما من الشرعية، بالعكس هرعت الأحزاب التي تعتبر نفسها صاحب الحق الحصري في احتكار الشرعية إلى المشاركة في حكومة المناصفة على الأسس السائدة من الفساد، ورمت بعرض الحائط البرنامج التنفيذي الذي يقول بوضوح لا بد من إعادة النظر في كل التعيينات غير القانونية، في القطاعين المدني والعسكري، وتصحيح التعيينات في وزارة الخارجية. وأول بند إعداد العاصمة المؤقتة عدن لتكون عاصمة جميع اليمنيين، وغيرها من رؤى لمكافحة الفساد... إلخ.

 

* هل ترى أن العودة للعملية السياسية في اليمن باتت ممكنة الآن؟ أم أن العودة للحياة السياسية صعبة المنال على الأقل في المدى المنظور؟

 

** العودة للعملية السياسية مهمة جدا وضرورية، ففي نهاية المطاف ستتوقف هذه الحرب ويضطر الناس أن يدخلوا في حوار للاتفاق على كيفية إدارة المستقبل. أما العمل السياسي في الداخل فهذا أمر يتم إهماله بشكل متعمد وإلا ما منع تحالف الأحزاب أن يعود إلى الداخل ويمارس نشاطه في أي بقعة من أرض اليمن. أظن أن القيادات كلنا شخنا، وأصبحنا عائقا في طريق تولي الشباب لزمام الأمور في الأحزاب.

 

* كونك يا دكتور من أبناء عدن الحبيبة كيف تنظر للحراك المطالب باستعادة "الجنوب العربي" الذي يتزعمه ما يسمي بالمجلس الانتقالي الجنوبي، ما هو تقديرك لموقف هذا الحراك وما هو مستقبله من وجهة نظرك؟

 

** القضية الجنوبية قضية محورية في الحالة اليمنية، فقد اعترف اللقاء المشترك ومؤتمر الحوار الوطني الشامل بالمظالم التي وقعت على الجنوبيين من النظام السابق والقوى النافذة فيه. كان وما زال الحراك الجنوبي بكل مكوناته يمثل الجنوب، لكن بعد حرب 2015 ودخول التحالف حاول أن يوجد بديلا للحراك وربما للقضاء عليه عبر تشكيل المجلس الانتقالي الذي نشأ في إطار الخلاف بين الرئيس ودولة الإمارات العربية المتحدة عضو التحالف، ليكون منفذا للأجندة التي هي باطن سياسة التحالف تحت غطاء يستغل حماس البعض لاستعادة الدولة الجنوبية هذا الشحن العاطفي الذي يستولي على مشاعر الناس ويلغي عقولهم، قاد إلى حربين في يناير 2018 وأغسطس 2019 أدت إلى تقسيم الجنوب إلى مناطق نفوذ.

 

 إذن في الوقت الذي يشجع فيه التحالف المجلس الانتقالي على استعادة دولة الجنوب في الواقع سعى التحالف إلى تقسيم الجنوب إلى شطرين بين التحالف والشرعية ظاهريا وبين قوتي التحالف الرئيسيتين.

 

أما مسمى الجنوب العربي فهو مسمى فارغ من أي مضمون ولا يمكن أن يلغى التاريخ والهوية اليمنية للجنوب، سواء بدولة اتحادية أو حتى انفصال، يبقى الجنوب يمنيا.

 

* بعد عودة الحكومة الشرعية إلى عدن مؤخراً بعد غياب طال انتظاره، كيف ترى هذه الحكومة وما الجديد الذي جاءت به في ظل تحديات اقتصادية كبيرة تمر بها البلد أهمها انهيار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية؟

 

** هذه الحكومة التي جاءت بعد اتفاق الرياض استبشر الناس خيرا بعودتها إلى الداخل، فالأسعار جحيم والفوضى الأمنية، وتردي الخدمات وانهيار العملة كلها تحديات كبيرة تحتاج الحكومة أن تكون في مستوى التحديات، والأهم من هذا أن تدعم الحكومة من قبل التحالف بكل الإمكانيات الضرورية، ولكن ما هو ملاحظ بعد شهرين ما يلي:

 

- أن الحكومة تم استقبالها بأربعة صواريخ، وهي رسالة مِن مَن؟ ومن له مصلحة في تخويف الحكومة وإبقائها حبيسة المعاشيق.

 

- لم يقدم أي دعم ولا موازنة ولا أي مبلغ إسعافي لتدارك المشكلات الحادة الآن.

 

- وقفت الوديعة السعودية التي كانت عامل توازن العملة في السوق، والتي يمكن أن توقف انهيار سعر الصرف.

 

- ما زالت التوترات الأمنية بين الطرفين قائمة، والحكومة التي أنيط بها تنفيذ الشق العسكري هي واللجنة السعودية عاجزتان عن التقدم خطوة واحدة، بل فشلتا.

 

لهذه الأسباب وغيرها الحكومة الحالية لن تقدم أي جديد وستكون كسابقاتها.


التعليقات