[ أفراد من الجيش الوطني في تعز ]
أعلن محافظ تعز، اليوم الخميس، عن بدء التعبئة العامة لتحرير كافة مديريات المحافظة من قبضة مليشيات الحوثي.
وفي لقاء موسع حضره قادة تعز ووجهاؤها، أعلن الجميع القسم على نبذ الخلافات وتوحيد الصف العسكري والشعبي خلف قيادات الجبهات لاستكمال تحرير المحافظة.
جاء هذا اللقاء عقب انطلاق معارك كبيرة في الريف الغربي للمحافظة شهدت تحرير مناطق واسعة وسط تهاوٍ غير مسبوق للمليشيات التابعة للحوثيين.
واستطاعت تشكيلات عسكرية من كافة ألوية المحافظة تحرير قرابة 20 كم غربا، واستعادة أسلحة ومعدات عسكرية هائلة خلال العمليات التي شهدت التفافا شعبيا واسعا من مختلف المكونات.
ودفع هذا الالتحام الشعبي بقيادات المحافظة لتوحيد الصف ونبذ الخلافات جانبا، خصوصا عقب انتشار صورة لمحافظ الحوثيين وهو يتفاخر بحصارهم للمدينة منذ 4 سنوات.
ويرى مراقبون للشأن اليمني أن هذه العملية ليست كسابقاتها ومن شأنها أخيرا إزاحة الكابوس الجاثم على صدر المدينة، كونها تحظى بالتفاف شعبي واسع وبمباركة الحكومة والتحالف، خصوصا عقب المستجدات السياسية الدولية التي انتهجتها الولايات المتحدة، وهجوم الحوثيين الكبير للسيطرة على مأرب، آخر معاقل الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف.
توحيد الصف التعزي
بدأت المعركة ظاهريا بتحريك الجبهات لغرض تخفيف الضغط على مأرب التي يستميت الحوثيون على أسوارها، رغم تكبدهم خسائر هائلة، وفقدانهم لقدرات بشرية وعسكرية كبيرة.
وإذ دفعت قوات الحكومة في تعز بمئات الجنود لرفد مأرب، بدأت منذ حوالي أسبوع بتحريك جبهات المحافظة، استغلالا لسحب الحوثيين مقاتليهم صوب معركتهم المصيرية في مأرب، وتخفيفا عنها في آن معا.
رغم أن المعلوم أن تتجه قوات الحكومة نحو المعبرين الشرقي والغربي لفتحها أمام المواطنين، غير أن هذه الإستراتيجية مكشوفة وجغرافيتها صعبة وخسائر المدنيين أكبر، فكان التوجه غربا إلى الريف والبدء من هناك.
هناك في غرب المحافظة، تحركت كافة ألوية تعز بمختلف توجهاتها على قلب رجل واحد، متناسين كافة الخلافات السابقة التي لطالما ظلت سدا منيعا أمام تحرير المدينة، مصوبة قوتها تجاه عدو جامع وواضح للوطن.
مساندة شعبية غير معهودة
لم يكن حضور القيادات العسكرية في الميدان وحده اللافت، بل الزخم الشعبي المساند، الذي تاق لفك الحصار والانعتاق، حيث شرعت قيادات حكومية ومواطنون نساء ورجالا لجمع تبرعات كبيرة لمساندة كتائب الجيش لتحقيق هذا التوق المعمر لسنوات.
فزخم الانتصارات والتلاحم الذي بدا جليا خلال أيام المعركة الأولى أشعر الحاضنة الشعبية بالفرح والأمل معا باقتراب ساعة الانتصارات، التي تزامنت مع مارس الذي لن ينساه التعزيون عندما فتحوا معبر الدحي وصولا إلى مقر اللواء 35 مدرع قبل أربعة أعوام.
فمنذ بدء المعركة، أوصل مواطنون قافلتين غذائيتين كبيرتين إلى الجبهات، كما أعلن مسؤولون حكوميون اليوم عن تبرعهم برواتبهم الشهرية، فضلا عن فاعلي خير وتجار أعلنوا عن مبالغ مالية كبيرة وسيارات إسعاف للجرحى وسواها.
هذا المشهد تكرر مرة قبل هذه في مثل هذا الوقت من مارس قبل 4 سنوات، عندما اتحد الجميع وحرروا أجزاء واسعة من مدينتهم وفكوا الحصار جزئيا عنها عبر فتح خط الضباب، غير أن التحالف وقتها لم يكن راضيا عن المعركة، في حين أنه حاليا خلافا لذلك.
تنسيق عسكري مع بقية الجبهات
ليس التوافق بين ألوية 35، 17، 22، والحرس الرئاسي وحسب، بل إن ذلك التنسيق يبدو أنه ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، في الوقت الذي تعد فيه قيادات الجيش بمفاجآت مدوية.
ففي معركة اليومين الماضيين، التحمت ألوية تعز الحكومية بألوية العمالقة والساحل الغربي، وسط مباركة رئاسية وحكومية تكشف عن تنسيق عسكري كبير ربما تشهده الأيام المقبلة.
فرغم التخوف الذي تبديه قوات الساحل التي يقودها نجل شقيق صالح والمدعومة من الإمارات، والناتج عن ضخ إعلامي وتغذية حوثية عن كون المعارك موجهة صوب المخا الخاضعة لسيطرتها، إلا أن هذه التخوفات لم تلاقِ صدى لدى قوات العمالقة المحاذية مباشرة لما تم تحريره خلال المعركة.
وقد أرسلت ألوية تعز وإعلامها وحاضنتها رسائل تطمينية لألوية العمالقة وطارق صالح مفادها أن وحدة صف المناوئين سيشكل قوة هائلة وهذا هو السبيل الوحيد لتركيزها نحو العدو الأوحد، ونبذ الخلافات جانبا.
وكشف الحوثيون عن وجه آخر أكثر وحشية ودون فلاتر، خصوصا فيما يخص علاقتهم بإيران التي يقود سفيرها لدى الجماعة معركة مأرب المصيرية، الأمر الذي جعل جميع المناوئين يستشعرون الخطر الذي يستفرد بالمدن اليمنية، ولن يسلم من سطوتها أحد شمالا أو جنوبا.
ويرى مراقبون وعسكريون، وفقا للمعطيات السابقة، أن المعركة القائمة غرب تعز مصيرية وفرصة مؤاتية لتحرير المدينة الرازحة تحت سيطرة الحوثيين، وأن زخمها المتسارع يكشف ضعف عدوهم، ويجعل من تحرير المحافظة في متناول اليد في حال استمرت المعركة على هذه الوتيرة.