الهدنة في اليمن بين مفاجأة التوقيت ودلالة الأهداف (تقرير)
- وئام عبدالملك الأحد, 20 نوفمبر, 2016 - 12:53 صباحاً
الهدنة في اليمن بين مفاجأة التوقيت ودلالة الأهداف (تقرير)

[ اللواء احمد عسيري ]

أعلن التحالف العربي امس السبت، عن هدنة مشروطة بالتزام الحوثيين، وصِفت بالمفاجئة، وهي السابعة منذ  بدء الحرب في اليمن، في مارس/آّذار 2015، بين القوات الشرعية المسنودة من التحالف بقيادة السعودية، والانقلابيين المدعومين إيرانيا.
                                             
وجاءت الهدنة بغرض السماح بدخول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وفي مقدمتها مدينة تعز، ورفع الحصار عنها، وحضور ممثلي الطرف الانقلابي في لجنة التهدئة والتنسيق إلى ظهران الجنوب.
 
لم تصمد الهدنة في الدقائق الأولى كما يحدث كل مرة، إذ خرقها الانقلابيون باستهدافهم للأحياء السكنية بتعز، ما تسبب بسقوط أكثر من 22 قتيلا وجريحا، وكذا استقدام تعزيزات عسكرية إلى جبهات القتال، ليؤكدوا بذلك، وفق مراقبين، أنهم دعاة حرب، ومليشيا تريد التدمير لا غير، ولا تطمح  لسلام، نزولا عند رغبة طهران.
 
هدنة مفاجئة
 
الهدنة المفاجئة كانت كذلك نتيجة لتزامنها مع" اتفاق مسقط" المثير للجدل، والذي تم بين الحوثيين والولايات المتحدة الأمريكية، وتصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، التي قال فيها، إن جميع أطراف الصراع اتفقت على العمل من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية يمنية، بحلول العام الجاري.
 
وبالنظر إلى تلك المعطيات، يمكن التأكيد على أن إعلان الهدنة، جاء بعد تزايد حجم الضغوط التي تقوم بها الإدارة الأمريكية الحالية، على الشرعية والتحالف، والتي تريد من خلالها تحقيق مكاسب للحزب الديمقراطي في آخر أيامه، وإنقاذ الحوثيين الذين أوشكوا على الانهيار مع استمرار تلقيهم الضربات القوية في تعز، وحجة، وصنعاء، وبالتالي فإن الهدنة جاءت تماشيا مع تلك الضغوط، ولا يُعتد بها، خاصة أن فريق أوباما بات يلعب بالوقت بدل الضائع.
 
ومع استمرار الحوثيين بالتصعيد على الأرض وخرق الهدنة، تعاملت قوات الجيش ومقاتلات التحالف العربي بحزم مع تلك الخروقات، إذ وجه الرئيس عبدربه منصور هادي، القيادات العسكرية بالتحلي بمزيد من اليقظة، والتصدي لأي محاولات اعتداء، يقوم بها الانقلابيون.
 
التفرغ للداخل
 
ويقول مراقبون إن كيري والحوثيين بمحاولتهم التخفيف من المعارك على الحدود، يسعون لتوقف الحرب بين الحوثيين والسعودية، لتتفرغ المليشيا لحروبها في الداخل اليمني.
 
لكن آخرون يرون أن السعودية الداعمة للشرعية في اليمن، لا يمكنها التخلي عن اليمن، وتحويله الى مسرحا لإيران، تعبث به عبر" الحوثيين"، لزعزعة أمن واستقرار دول الخليج العربي، والاستمرار بمشروعها التوسعي في المنطقة، بعد أن صارت لاعبا أساسيا في كلٍ من سوريا، والعراق، ولبنان.
 
ورغم أن الهدنة أعلنت من قبل التحالف العربي فقد قبلها الحوثيين في بادئ الأمر بقبولهم لاتفاق مسقط، ثم انقلبوا عليها في أكثر من جبهة، وسجلت قيادة التحالف العربي خروقات واسعة داخل اليمن وخارجه.
 
وقال ناطق التحالف اللواء احمد عسيري أن الميليشيات لم تتجاوب مع الجهود الدولية للسلام، وخرقت الهدنة 155 مرة في الداخل وأكثر من 30 مرة على الحدود السعودية.
 
وعلى خلاف الهدن السابقة، فقد استمرت الهدنة في مختلف الجبهات بالنسبة للجيش الوطني، لكن قابلها تصدي واضح من قبل قيادات الجيش والمقاومة والتحالف العربي.
 
وتحمل الهدنة العديد من الدلات، فإعلانها عقب فشل اتفاق مسقط، جاء ليعكس بأن التحالف العربي هو الطرف الأهم في فرضها، خاصة أن المبعوث الاممي أعرب عن دعمه لها، وحث الأطراف على احترامها، ووعد بتمديدها في حال نجحت.
 
امتصاص الضغوط
 
ويرى الباحث السياسي عبدالملك اليوسفي، أن الهدنة المعلنة،  ولدت ميتة، مع استمرار الحوثيين بخرقها في مختلف المحافظات التي تشهد معارك بين القوات الشرعية، والانقلابيين.
 
ويؤكد لـ(الموقع بوست) أن الجيش الوطني والتحالف العربي، بإعلانهم الهدنة، يكشفون" عن استخدامهم المزدوج لوسائد امتصاص الضغط السياسي، بالموافقة على الهدنة بيد، وتكثيف الضغط على الصاعق باليد الأخرى"، كما اعتاد الحوثيون على فعل ذلك.
 
ويوضح الباحث اليمني" أن الجيش الوطني مسنودا بالتحالف العربي، بدأ يجيد التعاطي مع تلك المتغيرات، وتوظيف الفخاخ الناتجة عن منهجية الانقلابين المرتكزة على الخداع، ونقض العهود، و توظيف تلك الفخاخ في صنع تفوق ميداني لعمل عسكري تمركزه العملياتي دفاعي التوقيت، وهجومي التموضع".
 
ويضيف أن الجيش الوطني استفاد من كل الخروقات التي قام بها الانقلابيون، وعمل على التقدم الميداني في مختلف الجبهات.
 
ويشير" اليوسفي" في ختام حديثه إلى أن كيري والإدارة الحالية، يسعون إلى تحرير الرهائن الأمريكيين المختطفين بأي طريقة، وتعاطيهم مع الانقلابيين بذلك الشكل، يكشف القناعات السلبية الاستثنائية التي وصل إليها صناع القرار الغربيين تجاه الحوثيين.
 
استمرار استعادة الدولة
 
وبينما يستمر الحوثيون بالتصعيد في مختلف الجبهات على الرغم من موافقتهم على الهدنة، تواصل القوات الشرعية مسنودة بالتحالف العربي، الرد على خروقات الانقلابيين في مختلف الجبهات، وتحديدا جبهتي نهم بصنعاء، وجبهة تعز وسط البلاد.
 
وقالت مصادر في المنطقة العسكرية الرابعة لـ"الأناضول"، إن" قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، أرسلت اليوم عددًا من الآليات العسكرية، بينها مدافع ودبابات وعربات مصفحة، وعليها المئات من الجنود، إلى جبهة باب المندب غرب عدن، والتي تحاول قوات الحوثي وصالح اختراقها بين الحين والآخر".
 
وتأزمت الأوضاع في اليمن منذ سبتمبر / أيلول 2014، عندما استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء، وعلى سلاح البلاد، رافضين تسليمه، وهو ما يعني خوضهم لعدة حروب ضد اليمنيين، باستمرار بقاء السلاح خارج سيطرة الدولة.
 
 


التعليقات