نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحافي سعيد البطاطي، حول انتشار مرض الكوليرا، وعدم وجود الإمكانيات اللازمة لعلاجه في اليمن، في ظل الحرب والحصار، من خلال رواية قصة عبد السلام، من قرية المنصوري في محافظة البيضاء.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن أستاذ اللغة العربية عبدالسلام، وهو في منتصف العمر، شك أهله بأنه وقع ضحية لمرض الكوليرا، الذي فتك بأربعة من أبناء القرية.
ويقول الكاتب إن اليمن، الذي تمزقه الحرب، يقاتل في معركة أخرى ضد الكوليرا، التي انتشرت منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2016، ومات بسببها 11 من 180 حالة مؤكدة، في الوقت الذي وصل فيه عدد الحالات المشتبه بكونها إصابات بالكوليرا إلى 15658 في 11 كانون الثاني/ يناير، بحسب فريق من وزارة الصحة وعدة مؤسسات تابعة للأمم المتحدة.
ويلفت الموقع إلى أن محافظة البيضاء تقع في معظمها تحت سيطرة الحوثيين، الذين يقاتلون حكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا، ويدعمها تحالف تقوده السعودية منذ آذار/ مارس 2015.
ويذكر التقرير أن عائلة عبد السلام قامت بنقله عبر المناطق، التي يسيطر عليها الحوثيون، ويفرضون منع التجول في الليل للحد من هجمات تنظيم القاعدة، لمحاولة علاجه بوصفة شعبية مكونة من اللبن الرائب والأعشاب، لكنها لم تنجح في علاجه، وعندما وصلوا إلى المركز الصحي كان عبد السلام قد وصل إلى حالة العجز التام، حيث أن نوبات الإسهال والتقيؤ تسببت له بالجفاف.
ويبين البطاطي أن عائلة عبد السلام سافرت على شوارع وعرة وخطرة حتى وصلت إلى المركز الصحي الوحيد في مكيراس، إلا أن المركز كان خاليا من الأطباء، ويقول عبد السلام إن الممرضات "قمن بحقنه بأدوية، لكن دون جدوى".
وبحسب الموقع، فإن هناك أكثر من 14 مليون يمني يعانون من انعدام الخدمات الصحية، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي حذرت من أن نقل الطواقم الطبية وعلاج الجرحى يزداد صعوبة، مستدركا بأنه رغم قلة الأطباء في المناطق النائية، إلا أن الكثيرين منهم غادروا مواقعهم منذ بدء الحرب، خاصة مع عدم دفع رواتبهم.
وينوه التقرير إلى أن عبد السلام نقل بعد ذلك إلى مستشفى خاص في مدينة البيضاء، حيث أدخل إلى العناية المركزة، وأخبر الأطباء أخاه بأنه أصبح يعاني من فشل كلوي نتيجة المرض، وبأنه سيعتمد دائما على جهاز غسيل كلى، مستدركا بأنه رغم ذلك، فإن عائلته كانت سعيدة بأنه أخيرا يتلقى العلاج المناسب، إلا أن غلاء أسعار المستشفى، التي تصل إلى 110 دولارات في الليلة، يعني أن عائلته لم تستطع إبقاءه في المستشفى مدة أطول.
ويفيد البطاطي بأن عبد السلام انتقل إلى عدن بعد مغادرته للمستشفى؛ ليكون قريبا من مركز غسيل كلى، وهو ما لا يجده في القرية، مشيرا إلى أنه الآن يأمل بأن تنتهي الحرب، وأن يتم تعيينه مدرسا في عدن؛ ليستطيع الذهاب إلى مركز غسيل الكلى.
ويكشف الموقع عن أن المكتب الصحي الإقليمي قام بإرسال فريق من الطواقم الطبية لتقدير الوضع في المنطقة، بعد التقارير حول الوفيات بسبب الكوليرا في قرى محافظة البيضاء العام الماضي، وضم الفريق أطباء وممرضين وفنيين، وقاده الدكتور جلال سناح، الذي تحدث فيما بعد عن ظروف صحية بائسة في قرية المنصوري والقرى المجاورة.
وينقل التقرير عن سناح، قوله: "عندما وصلنا كانت الكوليرا قد قتلت عددا من الناس، وأصيب عشرات آخرون بالمرض، وكانوا يعانون من الإسهال والتقيؤ"، وأضاف بأن خمس سكان مكيراس، "البالغ عددهم خمسة آلاف نسمة"، يعانون من أعراض المرض، حيث أنه مع بداية العام كان حوالي 1145 منهم يعانون من الإسهال المائي الحاد، وهو أحد أعراض الكوليرا.
ويقول الكاتب إن الفريق تنقل في المنطقة لعلاج المصابين، وقام بإرسال الحالات الصعبة منهم إلى مدينة البيضاء، في الوقت الذي قام فيه بنشر التوعية للوقاية والحد من انتشار المرض بين القرويين، ما أدى إلى تحسن ملموس، حيث تراجع عدد حالات الكوليرا في مكيراس من 56 في اليوم إلى 18، وتراجعت الوفيات بسبب الكوليرا إلى صفر مع انتهاء الفريق من مهمته.
وقال سناح للموقع بأنه بالرغم من الوصول إلى عشرات الناس، إلا أن فريقه لم يتعد كونه كشف عن المشكلة، مشيرا إلى أن هناك حاجة لمزيد من الجهد لإزالة أسباب المرض، وقال: "إن الأسباب الرئيسة للوباء لا تزال موجودة.. فلا يوجد نظام صرف صحي أو ماء شرب نظيف، حيث تترك الآبار دون حماية"، وأضاف: "لا توجد حمامات، ويقوم الناس بقضاء حاجتهم في الخلاء، لكن لا يمكنك الطلب من الناس أن يبنوا حمامات إن كانوا لا يستطيعون دفع ثمن الغذاء لأطفالهم"، وأوضح أنه دون معالجة قضايا البنى التحتية فإن المرض سيستمر في الانتشار في البلد.
ويورد التقرير أن آلاف اليمنيين عانوا من الكوليرا في أوائل العام؛ بسبب تردي الخدمات الصحية نتيجة للحرب، لافتا إلى أنه بحسب منظمة الصحة العالمية، فإنه لم يبق من مرافق الخدمات الصحية للبلد سوى 45% منها يعمل بشكل كامل، وتم تدمير 274 مرفقا خلال الصراع.
وينقل البطاطي عن مدير المكتب الصحي في البيضاء فؤاد إدريس، قوله إن الأدوية لا تصل بسبب الحصار، بالإضافة إلى أن عينات الدم تأخذ وقتا طويلا لتصل إلى صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون، وهي المكان الوحيد الذي توجد فيه مختبرات متخصصة.
وبحسب الموقع، فإنه يتم توقيف الفريق الطبي وتفتيشه عندما يدخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ليقوم بعلاج المرضى هناك، ويتم توقيفه وتفتيشه عندما يدخل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة أيضا.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى قول منظمة الصحة العالمية إن ندرة الأدوية والوقود والكهرباء والمتخصصين، مثل أطباء وممرضات العناية المركزة، زاد من تفاقم وضع العناية الصحية في اليمن.