أين تلتقي مصالح حزب الإصلاح والإمارات العربيّة المتّحدة وأين تتعارض؟
- عمار الأشول - المونيتور الأمريكية الثلاثاء, 11 ديسمبر, 2018 - 11:46 مساءً
أين تلتقي مصالح حزب الإصلاح والإمارات العربيّة المتّحدة وأين تتعارض؟

[ محمد بن زايد وقيادات حزب الإصلاح ]

يصف الكثير من المتابعين علاقة الإمارات العربيّة المتّحدة وحزب الإصلاح في اليمن بـ"الزواج الموقّت"، فيما يرى آخرون أنّها لم تبلغ حتّى صفة الزواج، ولو موقّتاً، كونها سرعان ما تتعارض وتلتقي لتنفصل من جديد، نتيجة الانتهازيّة التي تطغى عليها، وعدم الثقة من جانب الطرفين. فقد أثبتت التجارب أنّ لا جدّيّة لدى الإمارات العربيّة المتّحدة وحزب الإصلاح في إذابة جبل الجليد بينهما، ولقاء أبوظبي المفاجئ في 14 من نوفمبر الماضي بين الطرفين لا يخرج عن كونه تكتيكاً موقّتاً من قبل الإصلاح والإمارات لكسب بعض المصالح السياسية، سيعقبه استئناف تبادل الضربات بين الجانبين.
 
فقد سبق واجتمع الطرفان في الرياض، في حضور وليّ العهد السعوديّ محمّد بن سلمان، في منتصف كانون الأوّل/ديسمبر 2017 للعمل على تقارب وجهات النظر بين الإصلاح والإمارات برعاية سعودية، لكنّه أعقب ذلك وقوف حزب الإصلاح إلى جانب قوّات الشرعيّة ضدّ القوّات الموالية للإمارات العربيّة المتّحدة المتمثّلة في المجلس الانتقاليّ الجنوبيّ في نهاية يناير الماضي، في مدينة عدن، عندما اندلعت معارك بين المجلس الإنتقالي والقوات الحكومية التابعة للرئيس عبدربه هادي، تلى ذلك ما كشفه موقع "بازفيد" الأميركيّ في 16 أكتوبر الماضي، من استئجار أبوظبي مرتزقة لتنفيذ عمليّات اغتيال لكوادر وقيادات من حزب الإصلاح.
 
حزب الإصلاح مرتبط ارتباط وثيق بحركة الاخوان المسلمين العالمية، ومن الصعب تخليه عن جذوره، ولكن ونتيجة لتصنيف الاخوان حركة إرهابية من الإمارات ومصر وغيرها، اضطر الاصلاح أن يعلن عدم ارتباطه بها.
 
يدرك المتابع للأحداث في اليمن حجم العداء بين الإمارات العربيّة المتّحدة وحزب الإصلاح، حيث أن الإمارات العربية لم تكن لها ارتباط قوي بالإخوان المسلمين في الخمسينات، فيما كانت قطر تمول بعض أنشطتهم وتبنّت دعمهم باكراً. وقد وجهت للإخوان في الإمارات تهمة محاولة القيام بانقلاب، واعتقل على إثر ذلك العديد من الاخوان، منهم يمنيون قبل بضعة أعوام. وعلى الرغم من الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس الحزب محمّد اليدومي والأمين العامّ عبد الوهاب الآنسي، إلى دولة الإمارات العربيّة المتّحدة، ولقائهما وليّ عهد أبوظبي محمّد بن زايد، إلّا أنّ هذه الزيارة لن تخرج حزب الإصلاح من دائرة الاستهداف الإماراتيّ، كما أنّها لن تشفع للإمارات العربيّة المتّحدة من التوجّس الإصلاحيّ وحملاته الإعلاميّة الصاخبة، فالزيارة هدفت من جانب قيادة حزب الإصلاح إلى استرضاء أبوظبي، ومطالبتها بوقف دعم خصوم الحزب واستهداف قياداته وكوادره، فيما ابتغت أبوظبي من الزيارة، الضغط على قيادة الحزب لتقديم تنازلات مثل إعطاء القوات الموالية للإمارات، والمتمثلة بالتيار السلفي، مساحة سياسية وجغرافية بمحافظة تعز، خاصة بعد أن نجح حزب الإصلاح مؤخراً من دحر السلفيين من مدينة تعز.
 
إقرأ أيضا: معهد واشنطن: ماذا وراء لقاء قادة "إصلاح" اليمن وابن زايد؟

يرى عضو مجلس النوّاب عن حزب المؤتمر عبد الرحمن معزب، أنّ "علاقة حزب الإصلاح بالإمارات العربيّة المتّحدة منتهية من وقت سابق"، مشيراً إلى أنّ "ما يجمع بين الطرفين هو المخاطر فقط".
 
واعتبر معزب في حديثه إلى "المونيتور" أنّ "الزيارة الأخيرة حملت رسالة سياسيّة من جانب الإمارات العربيّة المتّحدة إلى القوى السياسيّة المختلفة، مفادها أنّ البديل موجود، في إشارة إلى حزب الإصلاح"، كاشفاً أنّ "الإمارات العربيّة المتّحدة تبحث عن حليف قويّ، وقد يضطرّها ذلك إلى عقد صفقات موقّتة مع حزب الإصلاح".
 
اللافت أنّ زيارة اليدومي والآنسي أعقبها إبعاد وزيرين مهمّين من أهمّ وزراء حزب الإصلاح من حكومة الشرعيّة في 26 نوفمبر الماضي، بقرار جمهوري من الرئيس عبدربه منصور هادي، والخطوة ليست بعيدة عن السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة اللتين قايضتا، بحسب معلومات خاصّة بـ"المونيتور"، مكوّن الحراك الجنوبيّ بإعطاء القياديّ في الائتلاف الجنوبيّ علي هيثم حقيبة وزاريّة، مقابل اعتراف الحراك برئيس الوزراء الجديد معين عبد الملك، والعمل إلى جانبه، وذلك بهدف إيجاد نموذج جيّد في المناطق المحرّرة، لبعث رسائل تطمين إلى المناطق التي هي تحت وطأة المعارك.
 
من جهته، قال مدير الدائرة الإعلاميّة في حزب الإصلاح علي الجرادي لـ"المونيتور"، إنّ "علاقة حزب الإصلاح بالإمارات العربيّة المتّحدة، هي ضمن علاقة السلطة الشرعيّة اليمنيّة بدول التحالف العربيّ بقيادة السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة التي جمعتهما لحظة دفاع وجوديّ عن أمن الإقليم في وجه الاستعمار والزحف الفارسيّ".
 
وأكّد الجرادي أنّ "علاقة حزب الإصلاح بالإمارات العربيّة المتّحدة، تمليها ضرورات الدفاع المشترك عن أمن شبه الجزيرة العربيّة واستقرارها وعروبتها"، لافتاً إلى "أهمّيّة هذه العلاقة في مواجهة الأخطار، والتعاون في مواجهة الانقلاب الحوثيّ، وبناء اليمن كدولة تكون مصدر أمان لجيرانها والعالم".
 
واعتبر الجرادي "الزيارة مفتتح لعلاقات ودّيّة وإيجابيّة يمكن البناء عليها، وتعهّد للانتقال من دائرة الشكوك المتبادلة إلى دائرة المشتركات، وتقديم نموذج ناجح لعلاقات عربيّة بينيّة تتّسم بالتعاون والتكامل، وفق محدّدات الأخطار والمصالح والمصائر المشتركة".
 
حزب الإصلاح الذي بدا كـ"حصان طروادة"، مقابل الدعم الإماراتيّ اللامحدود للتيّار السلفيّ لمواجهته في تعز والمحافظات الجنوبيّة، يجد نفسه مضطرّاً إلى التماهي مع الإمارات العربيّة المتّحدة، وكمحاولة لإثبات حسن النيّة بعد الزيارة الأخيرة، هنّأ اليدومي الإمارات العربيّة المتّحدة حكومة وشعباً باليوم الوطنيّ الـ47، مضيفاً الكثير من عبارات الشكر والثناء مقابل ما تقدّمه أبوظبي إلى اليمن.
 
بدوره، رأى نقيب الصحافيّين اليمنيّين الأسبق عبد الباري طاهر أنّ "علاقة حزب الإصلاح بالإمارات العربيّة المتّحدة علاقة جزر وجزر"، مشيراً إلى أنّ "اللقاء تكتيكيّ، ولا يتجاوز التهدئة والعمل السياسيّ من قبل الإمارات العربيّة المتّحدة والسعوديّة".
 
وأضاف طاهر، في حديثه إلى "المونيتور"، أنّ "الإخوان المسلمين اليمنيّين، سواء اعترفوا بإخوانيّتهم أم أنكروها، يتعرّضون إلى محنة قاسية"، موضحاً أنّهم "عرضة للتصفيات والاعتقالات والاغتيالات في غير منطقة يمنيّة، خصوصاً في مناطق نفوذ الإمارات العربيّة المتّحدة".
 
وختم طاهر، في حديثه إلى "المونيتور": "ليس هناك من أفق لعلاقات جدّيّة وصحيحة، فلكلّ طرف أهدافه ومراميه الخاصّة، التي لا تتقاطع إلّا لتفترق، والبون بينهما شاسع جدّاً"، مؤكّداً: "حتّى لو جرى الاتّفاق على بعض القضايا، فإنّ الشكوك والخصومات أكبر من أن يردمها لقاء عابر".
 
كشفت مصادر سياسية موثوقة فضّلت عدم ذكر اسمها، لـ"المونيتور"، أنّه "تمّت في الزيارة الأخيرة مناقشة مسائل عدّة، من بينها القبول بتسوية سياسيّة تنقل بموجبها صلاحيّات الرئيس عبدربّه منصور هادي، إلى نائب تتوافق عليه الإمارات العربيّة المتّحدة والسعوديّة، وإزاحة نائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر"، الذي يمثّل قائد الجناح العسكريّ للحزب، والمظلّة الحامية لأنشطته.
 
لا شك في أنّ علاقة الإمارات العربيّة المتّحدة وحزب الإصلاح تلتقي تحت عنوان واحد فقط، هو هزيمة الحوثيّين، لكنّها تتصادم في العديد من التفاصيل، تبدأ بنظريّة أبوظبي في محاربة الإسلام السياسيّ، واعتبارها العمل السرّيّ خيانة للأوطان، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، استحالة انسلاخ حزب الإصلاح فكراً وسياسة عن جذوره الأمّ تنظيم الإخوان المسلمين، إضافة إلى تشبّثه بالعباءة القطريّة والباب العالي، اللذين لا تطيقهما الإمارات العربيّة المتّحدة ولا حليفتها السعوديّة.
 
أمّا على المستوى المحلّيّ، فإنّ تجميد معركة نهم وصرواح يعود إلى عدم ثقة الإمارات العربيّة المتّحدة والتحالف، بحزب الإصلاح، هذا ما أكّده أخيراً نائب رئيس الوزراء المستقيل عبد العزيز جباري، في لقاء تلفزيونيّ مع قناة اليمن اليوم، حيث قال إنّ "التحالف لا يريد أن يذهب الحوثيّ ويأتي الإصلاح بديلاً له".
 
من خلال كلّ هذه المعطيات، يتبيّن أنّ الإمارات العربيّة المتّحدة وحزب الإصلاح بعد هذه الزيارة لا في حرب ولا في سلام، الأقرب إلى الواقع أنّهما في حرب باردة.


التعليقات