الملف الاقتصادي والأمني والخدمات أبرز التحديات
بين متفائل حذر ومتشائم محبط.. يمنيون يتحدثون لـ"الموقع بوست" عن الحكومة الجديدة (استطلاع)
- تعز - أكرم ياسين / عدن - ليلى العامري الاربعاء, 06 يناير, 2021 - 05:28 مساءً
بين متفائل حذر ومتشائم محبط.. يمنيون يتحدثون لـ

[ أول اجتماع للحكومة اليمنية الجديدة في عدن ]

بعد ترقب طويل، ومفاوضات ماراثونية استغرقت عاماً كاملاً، وصلت الأربعاء الماضي إلى العاصمة المؤقتة عدن الحكومة اليمنية المشكلة وفقاً لاتفاق الرياض الموقع بين السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا.

 

 الحكومة التي شكلت مناصفة بين الشمال والجنوب، شقت طريقها وسط عشرات القتلى والجرحى من الذين حضروا لاستقبالها في قصف صاروخي استهدف مطار عدن بعد لحظات من هبوط الطائرة التي تقل رئيس وأعضاء الحكومة، بينما وجهت الحكومة أصابع الاتهام فيه لجماعة الحوثي المدعومة من إيران.

 

"الموقع بوست" رصد انطباعات بعض المواطنين وأبرز مطالبهم من حكومة معين عبد الملك الجديدة وخرج بالتقرير التالي:

 

تفاؤل سيئ

 

حسين البيتي طالب في كلية الإعلام بجامعة عدن عبر لـ "الموقع بوست" عن انطباعاته قائلاً: "تعد عودة الحكومة بكامل أعضائها إلى العاصمة المؤقتة عدن بشارة خير لطي صفحة التمزق التي صبغت المشهد السياسي منذ بداية الحرب وسببت تدهوراً مريعا في مختلف الصعد".

 

وأضاف: "لم نكن نتوقع تلك المراسم الدامية لاستقبال الحكومة وسقوط عشرات الضحايا الأبرياء، لقد كان عملا وحشياً وطالع شؤم يضع الحكومة أمام تحديات جسام".

 

بدوره يبدو "محمد أحمد سعيد" المهندس المدني من أبناء عدن أكثر تفاؤلاً بعودة الحكومة، مستبشرا بقدوم عدن والمناطق المحررة على مرحلة جديدة يسودها الأمن والأمان والتنمية.

 

واعتبر سعيد أن "الأمن" التحدي الأكبر على طاولة حكومة معين عبدالملك، فلابد -حسب قوله- من القضاء على المظاهر المسلحة وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية تحت قيادة وزارة الداخلية.

 

الملف الاقتصادي وانهيار العملة

 

يعد الملف الاقتصادي وغلاء الأسعار بالإضافة لتدهور قيمة الريال اليمني مقابل العملات الأخرى (بلغ سعر الدولار 722 ريالاً في محال الصرافة بالعاصمة المؤقتة عدن أثناء إعداد هذا التقرير مساء الثلاثاء 5يناير/كانون ثاني الجاري) من الملفات العاجلة والمهمة على طاولة الحكومة في نظر المواطنة "صفاء الحكيمي" من أبناء العاصمة المؤقتة عدن.

 

في حديثها لـ "الموقع بوست" قالت الحكيمي إن "غلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية الجنوني ينهك كاهل السواد الأعظم من اليمنيين، في ظل تضاؤل فرص العمل وعدم انتظام صرف الرواتب".

 

وأشارت إلى أن الانطفاءات المتكررة للكهرباء في عدن والتي تستمر لساعات عديدة وخصوصاً في فصل الصيف مشكلة مهمة وعاجلة يجب على الحكومة عمل حلول عاجلة لها.

 

وعبرت الحكيمي عن تفاؤلها وتمسكها بالأمل من الحكومة الجديدة، وقالت: "نتمنى للحكومة التوفيق والنجاح حتى يجد المواطن أثراً طيباً في التخفيف من معاناته ولو بالحد الأدنى، فنحن ندرك أن تركة الحرب ثقيلة ومحو آثارها يحتاج عقوداً من الزمن والجهد والمال، لكن عودة الحكومة هي خطوة في طريق الألف ميل".

 

الجيش الوطني عنوان المعاناة الكبرى

 

المقدم منيف الحزيمي من ضباط المنطقة العسكرية الثالثة لخص في تصريح لـ"الموقع بوست" مطالب الجيش الوطني من حكومة الجديدة قائلاً: "أولاً نقدم خالص تعازينا للشهداء الأبرياء الذين سقطوا في جريمة قصف مطار عدن ولا ذنب لهم غير أنهم حضروا للتعبير عن فرحتهم بوصول الحكومة واستقبالها".

 

وأضاف: "تمنى الشفاء العاجل للجرحى، وتلك الجريمة الغادرة والجبانة بغض النظر عن منفذها ومن يقف خلفه تكشف الطبيعة الإجرامية لمرتكبيها واستخفافهم بأرواح الأبرياء لأجل تحقيق مكاسب سياسية وانتصار معنوي، فالمطار مدني والضحايا كذلك واستهدافهم جريمة حرب يجب عدم تقييدها ضد مجهول".

 

وأضاف الحزيمي أن صبغ مطار عدن بالدماء الطاهرة بدلا عن الموكيت الأحمر لحظة وصول الحكومة إلى عدن ناقوس خطر يجب أن يفيق الحكومة من سباتها الطويل وإدراك أن إهمال الجيش الوطني خلال الفترة الماضية كان خطئا فادحاً يجب تصحيحه.

 

فالجيش هو السلاح الأمضى بيد الحكومة في الانتصار على المليشيات الحوثية واستعادة الدولة، لكنه البطل المغدور والمخذول عن سبق إصرار وترصد، فأفراده يقاتلون في أكثر من جبهة في ظروف معيشية صعبة وانقطاع رواتبهم لشهور طوال، يقول الحزيمي.

 

وتابع أن "الانتصار في معركة استعادة اليمن وجمهوريته لن يتأتى إلا بإعادة الاعتبار لأفراد الجيش الوطني، ودعم الجبهات بكل متطلبات المعركة، بالإضافة لدمج كل الألوية غير الخاضعة للشرعية في الجيش الوطني وتحت قيادة وزارة الدفاع، وهو ما ينتظره كل أفراد الجيش الوطني من الحكومة التي استبشروا بعودتها متمنين أن تكون طوق النجاة من الغرق في يم الفوضى المتلاطم".

 

تغير المكان ولم تتغير النوايا

 

سميرة عبد الغني، ربة بيت، من محافظة تعز المحاصرة، عبرت في حديثها لـ"الموقع بوست" عن عدم اكتراثها بعودة الحكومة إلى عدن، فلا شيء سيتغير سوى انتقال أعضاء الحكومة من الإقامة في فنادق الرياض والقاهرة إلى قصر معاشيق، فيما سيظل اليمنيون غارقين في مستنقع صراع طويل ما دامت الدول الخارجية تتخذ من الساحة اليمنية ساحة صراح مستباحة.

 

وتساءلت: "ماذا سيقدم معين عبد الملك وحكومته لمدينة كتعز التي تعيش في الظلام تحت رحمة الحصار والقصف والعبث والفوضى الأمنية، وتفتك بسكانها الأوبئة والأمراض وينهش الفقر أجسادهم بلا هوادة؟".

 

المراحل طويلة

 

على عكس أغلب من رصد الـ"لموقع بوست "انطباعاتهم من اليمنيين حول عودة الحكومة إلى عدن والذين لم يجدوا بداً من التفاؤل، يرى الصحفي من محافظة تعز أحمد عبد المنعم الشيباني أن القفز على الحقائق والإفراط في التفاؤل له انعكاسات سلبية على نفسية العامة.

 

وبحسب الشيباني فإن عودة الحكومة الجديدة إلى عدن لا يعتبر العامل الحاسم في حل مشكلات اليمن الشائكة (الاقتصادية والسياسية والعسكرية).

 

وقال: "نحن ندرك جيداً أن تشكيل الحكومة وعودتها إلى عدن هو بند واحد من بنود اتفاق الرياض السياسية، في حين لا تزال بقية البنود وخاصة دمج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الأمنية والعسكرية تحت قيادة وزارتي الداخلية والدفاع وإعادة انتشارها لم يتم حتى اللحظة مع الأسف، وأعتقد أنه لن يتم، كون الأمر تتحكم به أطراف خارجية".

 

وأكد أن نجاح الحكومة مرهون ببسط سيطرتها الكاملة على المؤسسات الحكومية وفي مقدمتها الموانئ والمطارات وإعادة حركة الاستيراد والتصدير وخصوصاً النفط والغاز.

 

واختتم الشيباني تصريحه بالقول إن الأمور ليست بالبساطة التي يتصورها الناس، وإن المراحل طويلة للوصول إلى مشارف تفاؤل حقيقي.

 

المنطقة الفاصلة

 

ما بين متفائل حذر ومتشائم محبط وفاقد الأمل، ينظر اليمنيون لعودة حكومة "اتفاق الرياض" تاركين القول الفصل للأشهر المقبلة، غير أن الحقيقة المجردة من العواطف تتمثل في أن حكومة معين عبد الملك تقف الآن في المنطقة الفاصلة بين بحر التحديات الهائج تتحكم في مده وجزره رياح أقطاب الصراع الإقليمي، وبين بر أمان مزروعة كل خطوة فيه بألف لغم معيق.


التعليقات