عام الانتكاسات والمؤامرات.. كيف كان أداء التحالف في اليمن خلال 2020؟
- خاص الاربعاء, 06 يناير, 2021 - 04:30 مساءً
عام الانتكاسات والمؤامرات.. كيف كان أداء التحالف في اليمن خلال 2020؟

[ صورة من مراسم توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي ]

اتسم أداء التحالف السعودي الإماراتي في اليمن خلال عام 2020 بالفشل على كافة المستويات، ومن أوجه ذلك الفشل أنه بعد ما يقارب ست سنوات من الحرب، تمكنت جماعة الحوثي من تحقيق اختراقات ميدانية مكنتها من السيطرة على عدد من المواقع في جبهات الجوف ومأرب ونهم بصنعاء بدون أن يبذل التحالف تحركات عسكرية كبيرة لإسناد الجيش الوطني خلال تلك المعارك، كما شن الحوثيون عددا كبيرا من الهجمات بواسطة الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة على مواقع حيوية في العمق السعودي.

 

وفي الوقت الذي حاول فيه الجيش الوطني استعادة أنفاسه واستمات دفاعا ضد محاولات الحوثيين السيطرة على مدينة مأرب، واستعاد عددا من المواقع في جبهات نهم والجوف، واصل التحالف فرض حصار غير معلن على الجيش، يتمثل في إيقاف الرواتب، وإيقاف التغذية، وعدم تزويده بالسلاح، ومنع السلطة الشرعية من شراء أسلحة حديثة، وفي نفس الوقت استمرار تعطيل موارد البلاد حتى لا تتمكن السلطة الشرعية من شراء أسلحة جديدة وصرف رواتب أفراد الجيش، كما اتخذ مزيدا من الإجراءات لإضعاف السلطة الشرعية، من خلال السيطرة على بعض المناطق الحيوية في المحافظات الجنوبية والشرقية.

 

مفاوضات بين السعودية والحوثيين

 

مع بداية العام 2020، كان التطور اللافت فيما يتعلق بالموقف السعودي من الحوثيين، ما كشفت عنه مصادر إعلامية بإجرائها محادثات سرية معهم، وهي محادثات سبق أن تكررت في الأعوام الماضية التي تلت عملية "عاصفة الحزم"، لكنها لم تفضِ إلى نتائج ملموسة.

 

وفي نوفمبر، أي بعد عدة أشهر من الحديث عن مفاوضات سرية سعودية حوثية، نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر قولها إن السعودية أبلغت جماعة الحوثي في اليمن، خلال محادثات رفيعة المستوى، بأنها ستوقع على اقتراح للأمم المتحدة بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد إذا وافقت الجماعة على إقامة منطقة عازلة على طول حدود المملكة.

 

وذكرت الوكالة أن الرياض طلبت مزيدا من الضمانات الأمنية من الحوثيين، ومنها منطقة عازلة على طول الحدود مع شمال اليمن، إلى أن يتم تشكيل حكومة انتقالية تدعمها الأمم المتحدة.

 

وقالت إن "الرياض تريد من قوات الجماعة مغادرة ممر على طول الحدود السعودية لمنع التوغلات ونيران المدفعية. وفي المقابل، ستخفف المملكة حصارا جويا وبحريا في إطار اقتراح الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار".

 

خذلان الحكومة الشرعية

 

وفي مقابل المساعي السعودية للتقارب مع الحوثيين من خلال المفاوضات السرية معهم، فقد اتسم العام 2020 بخذلان التحالف للسلطة اليمنية الشرعية، رغم الهدف المعلن من التدخل العسكري في البلاد لنصرتها والقضاء على الانقلاب الحوثي وعودة الحكومة إلى العاصمة صنعاء.

 

ففي الوقت الذي سحب فيه التحالف قواته العسكرية من بعض الجبهات في مأرب والجوف ونهم بصنعاء، فإنه دفع بتعزيزات عسكرية كبيرة تشمل جنودا وأسلحة حديثة إلى محافظات بعيدة عن جبهات الحرب، فالسعودية دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى محافظة المهرة لإحكام السيطرة عليها، كما دفعت بتعزيزات أخرى إلى محافظتي عدن وأبين، بينما دفعت الإمارات بتعزيزات عسكرية إلى جزيرة سقطرى ومهدت لمليشيات الانتقالي السيطرة عليها.

 

كما أن التحالف خذل السلطة الشرعية من حيث استمراره في تعطيل موارد البلاد ومطاراتها وموانئها الحيوية، وأوقف رواتب أفراد الجيش الوطني وكذلك التغذية، في حين واصل تمويل مليشيات المجلس الانتقالي والتغاضي عن إجراءاتها الانقلابية، وإقدامها على نهب حاويات نقود تحمل أموالا كبيرة طبعت في الخارج وكانت في طريقها للبنك المركزي.

 

وقد استغلت جماعة الحوثي الاختلالات السابق ذكرها، فحققت تقدما نوعيا في بعض جبهات نهم والجوف ومأرب، قبل أن تتراجع في بعض المواقع بعد استعادة الجيش الوطني أنفاسه واستعادته عددا من المواقع التي خسرها بسبب خذلان التحالف له.

 

كما كان مفاجئا إعلان جمهورية السودان تخفيض عدد جنودها في اليمن من خمسة آلاف جندي إلى 657 جنديا فقط، وهي الشريك الرئيسي للتحالف السعودي الإماراتي في الحرب على الحوثيين.

 

لم يكتفِ التحالف بخذلانه للجيش الوطني في معاركه مع الحوثيين في عدة جبهات، بل فقد شن هجمات على مواقع للجيش متذرعا بأنها كانت عن طريق الخطأ، وتسببت بخسائر في صفوف الجيش أكثر من خسائر الحوثيين جراء غارات التحالف على مواقعهم، وكان أبرزها الهجمة التي طالت معسكرا للجيش في مأرب، في يناير، وراح ضحيتها 116 قتيلا من أفراد الجيش.

 

وكادت تلك الهجمة أن تتسبب بأزمة دبلوماسية بين الحكومة الشرعية والتحالف، بعد أن طالب وزير الداخلية حينها، أحمد الميسري، من التحالف التوضيح بشأن القصف على معسكر للجيش في مأرب.

 

تنامي السخط الشعبي

 

وُوجه أداء التحالف السعودي الإماراتي في اليمن بتنامي السخط الشعبي في عدة محافظات يفترض أنها تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وخرجت مظاهرات في عدة محافظات تندد بممارسات التحالف ومليشيات المجلس الانتقالي المدعومة إماراتيا، وتؤكد الدعم الشعبي للسلطة الشرعية.

 

ومن أهم التطورات التي جعلت السخط الشعبي يتنامى إزاء التحالف، والمطالبة برحيل قواته من المحافظات المحررة، إقدام السعودية على التصعيد في محافظة المهرة، منتصف فبراير، واصطدامها بالأهالي هناك، خاصة بعد نشرها نقاط تفتيش عقب سيطرتها على المنفذ الحدودي للمحافظة. يضاف إلى ذلك، سيطرة مليشيات الانتقالي على جزيرة سقطرى، في 20 يوليو، بدعم إماراتي وتواطؤ سعودي، وطرد السلطة المحلية من الجزيرة، وازدادت حدة السخط الشعبي بعد تسريبات إعلامية، أواخر أغسطس، تفيد بترتيب إماراتي إسرائيلي لإنشاء مرافق استخباراتية في جزيرة سقطرى، بعد إعلان الإمارات تطبيع علاقتها مع إسرائيل.

 

توتر مستمر

 

كان التوتر هو سيد الموقف فيما يتعلق بأداء التحالف السعودي الإماراتي في اليمن خلال العام 2020، والبداية عندما سادت مخاوف من التصعيد غير محمود العواقب عندما أعلنت السعودية اعتراضها صواريخ حوثية قبل اجتماع مجموعة العشرين في المملكة في شهر فبراير، وما يحمله ذلك من مؤشرات عن مساع حوثية لإفشال القمة.

 

ومع مطلع العام، ساد نوع من التوتر في العلاقة بين السعودية والإمارات، بعد إعلان الإمارات انسحابها من اليمن، رغم عدم جديتها في ذلك، لكن بدا الموقف الإماراتي بمثابة تقارب مع إيران والحوثيين، وقد أزعج ذلك السعودية، التي بدأت بتكثيف حضورها عسكريا في عدد من مدن جنوب اليمن، بما فيها العاصمة المؤقتة عدن، وزاد التوتر الاحتكاك الذي حصل بين قوات سعودية وقوات موالية للإمارات في مطار عدن، في منتصف مارس، بعد أيام من منع السعودية قيادات انفصالية من العودة إلى عدن.

 

وبالتزامن مع إعلان التحالف وقف العمليات العسكرية في اليمن لمدة نصف شهر، ثم تمديدها إلى شهر، بذريعة الإفساح للجهود الأممية لمواجهة وباء كورونا في البلاد، في 8 أبريل، كانت الأوضاع في جنوب اليمن تتجه نحو مزيد من التصعيد، خاصة بعد إعلان ما يسمى المجلس الانتقالي الإدارة الذاتية، لكن السعودية رفضت ذلك الإعلان الذي تراجع عنه الانتقالي فيما بعد، واستدعت قادة الانتقالي إلى الرياض، في 21 مايو، والإعلان، في 23 يونيو، عن اتفاق الحكومة الشرعية والانتقالي على هدنة وإجراء محادثات، لكن حدث أن تجددت المواجهات العسكرية بين الطرفين في محافظة أبين من حين لآخر، وسط عجز اللجنة العسكرية السعودية لمراقبة وقف إطلاق النار عن إيقاف تلك المواجهات.

 

عبث وتوتر إلى أين؟

 

وسط هذه الأجواء، كان ملف عبث المسؤولين السعوديين في اليمن يتصدر التداولات الإعلامية والسياسية، مما جعل قيادة المملكة تقيل عددا من كبار المسؤولين في وزارة الدفاع، في بداية سبتمبر، بتهم فساد وتعاملات مالية مشبوهة، بينهم قائد التحالف في اليمن، لكن التعويل على هذه الخطوة لم يدم كثيرا من ناحية إمكانية حدوث تحول إيجابي في إدارة المملكة للأزمة في اليمن، خاصة بعد الحديث عن تواطؤ سعودي مع إيران لتسهيل دخول سفير طهران لدى الحوثيين إلى صنعاء عبر طائرة خاصة، في منتصف أكتوبر، لكن لم يتم نفي أو تأكيد هذه المعلومة سواء من قبل السعودية أو إيران.

 

حدث عقب ذلك توتر في محافظة شبوة، إثر المطالبات الشعبية بإخلاء منشأة بلحاف النفطية من القوات الإماراتية، غير أن الإمارات واجهت تلك المطالب بمزيد من التعنت. وتزامن التوتر في شبوة، مع توتر آخر في العلاقات السعودية الإماراتية، في أعقاب تسريبات إعلامية كشفت عن خلافات سعودية إماراتية حول إدارة ملف اليمن استخباراتيا، واتهام السعودية للإمارات بتضليلها فيما يتعلق بالعمليات العسكرية في اليمن.

 

ومع نهاية العام 2020، كثفت السعودية من ضغوطها على السلطة الشرعية والمجلس الانتقالي للتسريع بتنفيذ اتفاق الرياض المتعثر منذ أكثر من عام، وتم الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة مناصفة بين شمال اليمن وجنوبه، واتسمت تشكيلتها بالمحاصصة المناطقية والحزبية، والسؤال هنا: هل تشكيل الحكومة الجديدة وعودتها إلى العاصمة المؤقتة عدن سيطوي مرحلة التوتر في جنوب البلاد أم إنه إيذان بمرحلة جديدة من التوتر والصراعات والاغتيالات السياسية وجعل الأزمة اليمنية مفتوحة على كافة الاحتمالات؟!


التعليقات