شن الحوثيون المتحالفون مع إيران هجومين صاروخيين على الإمارات في أسبوع فيما يزيد مخاطر حرب مدمرة ومعقدة.
وأحبطت صواريخ باتريوت الاعتراضية الأمريكية الصنع الهجوم الذي وقع يوم الاثنين، والذي قالت جماعة الحوثي إنه استهدف قاعدة تستضيف الجيش الأمريكي. وكان الهجوم الأول الذي سبق هذ الهجوم بأسبوع، والذي أصاب مستودعا للوقود في أبوظبي، قد أودى بحياة ثلاثة أشخاص.
وقال الحوثيون إنهم يعاقبون الإمارات، عضو التحالف الذي تقوده السعودية ويحارب الحركة في اليمن منذ عام 2015، لأنها تدعم جماعات مسلحة انضمت إلى القتال ضدهم في محافظة مأرب الغنية بالنفط، وهي المعقل الأخير للحكومة اليمنية المدعومة من السعودية في شمال اليمن.
وأدى التصعيد من الجانبين إلى مزيد من تراجع بوادر السلام في الصراع الذي سيدخل عامه السابع في مارس آذار.
* معركة مأرب
في العام الماضي ركزت واشنطن، التي وصلت إلى سدة الحكم فيها إدارة جديدة، على حقوق الإنسان، وألقت بثقلها إلى جانب جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة والأمل يراودها في التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأنهت دعمها للعمليات الهجومية التي ينفذها التحالف. وألغت تصنيفها لجماعة الحوثي منظمة إرهابية.
وقوبلت المساعي الجديدة من أجل السلام بالتعنت من الجانبين.
وفي العام الماضي تقدم الحوثيون في مأرب، المنطقة الوحيدة المنتجة للغاز في البلاد، واندفعوا في معظم المناطق باستثناء مدينة مأرب عاصمة المحافظة والمواقع المنتجة لنفط والغاز القريبة منها. وبدد تقدم الحوثيون الآمال في نجاح الجهود التي تقودها الأمم المتحدة في الوقت الذي عزز فيه الجانبان عملياتهما العسكرية.
ويسكن مأرب قرابة ثلاثة ملايين نسمة منهم نحو مليون وصلوا إليها فرارا من القتال في أماكن أخرى.
وانضمت الجماعات المسلحة المدعومة من الإمارات إلى المعركة ضد الحوثيين في مأرب مما أدى إلى تصعيد جديد في الصراع في الوقت الذي أدار فيه الحوثيون قوتهم النيرانية صوب الإمارات.
* دولة مقسمة
تعززت الانقسامات الداخلية في اليمن على مدى سنوات.
اتحد اليمن الشمالي واليمن الجنوبي في دولة واحدة عام 1990 ولاقى انفصاليون جنوبيون حاولوا إعادة دولة اليمن الجنوبي الهزيمة عام 1994 الأمر الذي ركز السلطة في الشمال.
وفي عهد الرئيس الراحل علي عبد الله صالح الذي حكم الشمال من عام 1978 واليمن الموحد من 1990 إلى 2012، تفشى الفساد وسيطرت أسرته على كثير من قطاعات الجيش والاقتصاد.
تكونت جماعة الحوثي بين الطائفة الزيدية، وهي طائفة شيعية أثارها البؤس الذي صارت تعيش فيه مناطقها في أقصى شمال اليمن. وفي أواخر التسعينيات حاربوا الجيش اليمني وتقربوا إلى إيران.
وقويت شوكة الإخوان المسلمين وجماعات إسلامية سنية أخرى خاصة تحت قيادة اللواء علي محسن الأحمر الذي أسس قاعدة نفوذ في الجيش. وأسس الجهاديون المتمردون تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
* الربيع العربي
عمق سقوط صالح في عام 2012 الانقسامات في اليمن. وعندما اندلعت الاحتجاجات الحاشدة المطالبة بالديمقراطية في عام 2011 انقلب بعض حلفاء صالح السابقون عليه. وانقسم الجيش. ونظم انفصاليون مظاهرات في الجنوب. وسيطر الحوثيون على مزيد من المناطق. وأقنع جيران اليمن في الخليج صالح بالتنحي.
وانتُخب عبد ربه منصور هادي نائب الرئيس رئيسا في عام 2012 لفترة سنتين ليشرف على انتقال ديمقراطي، لكن الأوضاع تدهورت بسرعة. ويُعد هادي على نطاق واسع ضعيفا وإدارته فاسدة. وقوض أنصار صالح الانتقال. وأقام تنظيم القاعدة في جزيرة العرب دولة صغيرة وشن حملة تفجيرات دموية في صنعاء.
وفي أواخر عام 2014 سيطر الحوثيون على صنعاء بمساعدة وحدات من الجيش موالية لصالح. وفي البدء أرغموا هادي على تقاسم السلطة ثم ألقوا القبض عليه في أوائل 2015.
وفر هادي من محبسه ولجأ إلى عدن في الجنوب. وشكلت السعودية تحالفا مدعوما من الغرب ضم الدول السنية للقتال باسم حكومة هادي. ويمثل التحالف المناوئ للحوثيين طيفا واسعا من الجهات اليمنية من بينها الانفصاليون في الجنوب وعشائر شمال شرق البلاد والإسلاميون السنة وفلول الجيش الموالية للأحمر.
* الطريق المسدود
تم طرد الحوثيين وقوات صالح من عدن والمناطق المحيطة بها في جنوب اليمن في عام 2015. وأعقبت ذلك سنوات من الجمود في الوضع العسكري مع سيطرة الحوثيين على معظم المناطق المرتفعة التي يسهل الدفاع عنها وميناء الحديدة على البحر الأحمر.
وواصل التحالف تصعيد ضرباته الجوية الكثيفة هادفا إلى فصل الحوثيين عن صالح. وفرض حصارا جزئيا هدفه وقف التسليح الإيراني للحوثيين، وهو ما تنفيه إيران.
في عام 2017 تخلى صالح عن الحوثيين يراوده الأمل في صفقة لاستعادة الحكم لأسرته. وقُتل صالح وهو يهرب من صنعاء وانقلب أتباعه على الحوثيين.
ومن أجل قصم ظهر الحوثيين، حاول التحالف في عام 2018 السيطرة على ميناء الحديدة، شريان الحياة الرئيسي للجماعة، لكنه لم يفلح في مسعاه هذا. وحذرت منظمات الإغاثة من أن شن هجوم شامل على الميناء يمكن أن يعطل دخول الأغذية والمساعدات.
وبعد أن تراجعت الحلول العسكرية وتعرضت الرياض لتدقيق شديد من الغرب بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، دعم التحالف المحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة في ديسمبر كانون الأول عام 2018.
وسرعان ما تعثرت جهود السلام. وفي عام 2019 قلصت الإمارات وجودها في اليمن إلى حد بعيد في محاولة للنأي بنفسها عن حرب لا تحظى بشعبية.