شبوة: من مدينة آمنة وتنمية فعّالة إلى ميدان للاقتتال .. ما المستقبل الذي ينتظرها؟ (تقرير)
- فارس محمد الخميس, 11 أغسطس, 2022 - 05:27 مساءً
شبوة: من مدينة آمنة وتنمية فعّالة إلى ميدان للاقتتال .. ما المستقبل الذي ينتظرها؟ (تقرير)

[ مليشيا الانتقالي بعد سيطرتها على مقر قوات الأمن الخاصة بشبوة وتنكيس علم الوحدة واستدلته بعلم الانفصال ]

شبوة المحافظة التي شهدت فترة من الهدوء والتطور الاقتصادي في عهد المحافظ السابق محمد صالح بن عديو تعيش حاليا انفلات أمني وفوضى غير مسبوقين ومواجهات وأحداث دامية منذ مطلع الأسبوع الجاري بين القوات الحكومية  وألوية محسوبة على الانتقالي الانفصالي المدعوم إماراتيا وبدعم ورعاية  من المحافظ الجديد عوض العولقي

 

في ديسمبر الماضي تم اقالة بن عديو بفعل ضغوط إماراتية على خلفية مطالبته للقوات الاماراتية بمغادرة منشاة بلحاف الغازية بالمدينة من أجل استئناف عودة تصدر النفط، الأمر الذي قوبل باستياء شعبي واسع.

 

وأحدث المحافظ السابق بن عديو خلال رئاسته للمحافظة نقلة تنموية وخدمية جعلت منه محل تقدير واحترام  وامتنان من ابناء المحافظة والوطن بشكل عام،  وفي الوقت نفسه كانت تلك الانجازات مصدر قلق لبعض التيارات المناوئة لمشروع التنمية في المحافظة من الداخل والخارج.

 

أسباب العنف

 

يعود سبب الفوضى الأمنية الأخيرة بالمحافظة لانتشار قوات ما تسمى بـ دفاع شبوة وأخرى محسوبة على قوات العمالقة  داخل شوارع مدينة عتق وكلها مدعومة إماراتيا تحت حماية القوات التابعة للحكومة الشرعية  في محاوله للسيطرة عليها.

 

بدأت المواجهات حين قامت قوات تابعة لألوية العمالقة يقودها نزار اليافعي واللواء الثالث ابو على الضالعي  باستحداث نقاط في عتق في خطوة تهدف لتفجير الوضع عسكريا.

 

ووفقا لمصادر محلية أكدت تمركز الدوريات العسكرية في جولة الثقافة وأمام ديوان المحافظة وبالقرب من منزل قائد القوات الخاصة عبده ربه لكعب، واستهدف الانتشار حسب المصادر القائد لعكب في محاولة اغتيال فاشلة قتل وأصيب على اثر الكمين أربعة من مرافقي لعكب، مما دفع القوات الحكومية بالقيام بحماية المدينة بناء على توجيهات رئاسية.

 

أيضا استهدفت تلك القوات العميد أحمد لشقم العولقي قائد كتيبة الطوارئ والتدخل السريع بالمحور، فأوقفته تلك القوات فرفض  فحصل الاختلاف ودارت الاشتباكات وقتل على إثرها القائد وهو ما خلق أزمة كبيرة بين القوات الحكومية التي تضم النجدة والقوات الخاصة وألوية محور عتق وبين القوات الموالية للانتقالي المدعومة إماراتيا، وتحظى  الأخيرة بدعم محافظ شبوة المدعوم إماراتيا.

 

الانتشار العسكري للقوات المدعومة إماراتيا جاء بعد صدور قرار من محافظ شبوة يقضي بإقالة العميد لكعب وهو القرار الذي ألغاه وزير الداخلية العميد إبراهيم حيدان، معتبرا إياه غير قانوني، واتهم حيدان المحافظ بتجاوز صلاحياته ومعارضته للتوجيهات الرئاسية.

 

وكان رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي قد وجه محافظ شبوة بإيقاف التحشيد واعادة ألوية العمالقة ودفاع شبوة إلى مواقعها العسكرية وتسليم حماية المدينة إلى قوات النجدة والأمن العام، إلا أن المحافظ أصدر قرارات معارضه لتوجيهات العليمي. 

 

معالجات أم ترحيل للأزمة؟

 

عقب أحداث الاثنين الدامي وسعيا منه لاحتواء الموقف عقد مجلس القيادة مساء ذلك اليوم  8 أغسطس جلسة طارئة لمعالجة الاوضاع في المحافظة، وخرج الاجتماع بحزمة من القرارات قضت بإقالة كلا من: قائد محور عتق قائد اللواء 30 العميد عزيز ناصر العتيقي، ومدير عام شرطة شبوة العميد عوض مسعود الدحبول، وقائد قوات الأمن الخاصة  العميد عبد ربه لعكب، وقائد اللواء الثاني دفاع شبوة العقيد وجدي باعوم الخليفي وتعيين كلا من: العميد الركن عادل علي بن على هادي  قائد محور عتق قائد اللواء  30مدرعوالعميد مهيم سعيد محمد ناصر قائد  قوات الامن الخاصة  فرع شبوة، العميد الركن فؤاد محمد النسي مدير عام شرطة محافظة شبوة .

 

قوبلت تلك القرارات باستياء شعبي واسع  من قبل  المتابعين لمجريات الأحداث في المحافظة، كونها غير عادلة وجاءت منحازة للطرف المحسوب على مليشيا الانتقالي الجنوبي ولا تصب في احتواء الأزمة.

 

ويرى محللون عسكريون ومراقبون أن تلك القرارات لم تعالج جذور المشكلة واعتبروها مجرد حلا نسبيا أو ترحيل للأزمة ليس أكثر.

 

المحلل العسكري على الذهب وفور إعلان تلك القرارات سواء قرارات إقالة أو التعيينات، حذر من تبعاتها وانعكاساتها على الواقع العسكري والأمني في شبوة.

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يرى الذهب أن هناك خلل في المعالجة وخلل أيضا في توصيف هذه القوات والقرارات التي اتخذت ليست عادلة، كونها  لم تشمل جميع أطراف المواجهة"، مشيرا إلى أنها استثنت ما يسمى بقوات دفاع شبوة التي تعد تشكيلات غير حكومية، وكان لها دور في تلك المواجهات، وأيضا كان يجب إقالة المحافظ بوصفه طرفا مصعدا لأن القرارات التي اتخذها ارتجالية لا تتوافق دستوريا ولا قانونيا ولا مع بيان انتقال السلطة وفق مشاورات الرياض.

 

وتابع الذهب حديثه "القرارات والتعيينات الجارية لن تولّد استقرار، وإن وجد  فهو نسبي على المدى القريب، فهو وضع نسبي أملته القوة لكن في المستقبل أتصور بانه عملية "ترحيل للعنف" بما لا يزيد عن عام أي يمكن أن  يتكرر هذا العنف خلال عام".

 

نائب رئيس مجلس النواب "عبد العزيز جباري" بدوره اتهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بالعمل على اقصاء وملاحقة الذين دافعوا على اليمن الكبير، حسب وصفه.

 

تخادم وتخاذل

    

يقول الباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي في حديث  خاص لـ "الموقع بوست": إن التحالف وضع  كل ثقله خلف مهمة الميلشيات الانفصالية والمحافظ عوض الوزير لاستحداث واقع جديد مأزوم ومضطرب في هذه المحافظة والمحافظات الجنوبية بشكل عام.

 

وكان وزير الداخلية السابق أحمد المسيري قد أكد أيضا عن وجود مشروع  تخادم ما بين المجلس الانتقالي والإمارات من جهة وبين الانتقالي وجماعة الحوثي من جهة أخرى يهدف المشروع الى تقسيم وتشطير البلاد.

 

وأضاف الميسري ـ في كلمة تلفزيونية مساء الأربعاء تعليقا على الأحداث في شبوة ـ أن هذا المشروع يدار من قبل النظام الإماراتي عن طريق توزيع الادوار والمهام بين الانتقالي والحوثي، وما الأحداث في شبوة إلا نموذج لهذا التخادم، مشيرا إلى أن تحريرها المزعوم من قبضة الحوثيين على يد قوات العمالقة الإماراتية لم يكن إلا من أجل تسليمها للانتقالي في تخادم مكشوف" ـ حسب قوله.

 

واتهم المسيري، رشاد العليمي رئيس المجلس الرئاسي بشرعنة الحرب ضد القوات الحكومية وضد ومؤسسات الدولة في شبوة، محملا إياه مسئولية الدماء التي سالت وتسيل بالمحافظة سواء جراء المواجهات الميدانية أم التي سالت بفعل قصف الطيران الإماراتي.

 

وتطرق الميسري إلى وجود تواطؤ من قبل رشاد  العليمي حول الاحداث في شبوة، متسائلا: هل لرشاد العليمي موقف هل يجرئ  يخرج ببيان يفسر استخدام طيران الإمارات في ضرب الجيش هل كان ضمن توجيهاتهم الرئاسية أم أن يقول انه ضد هذه الضربة؟ متابعا "يخرج بكلمة فقط أما الفعل فهو معروف بأنه ليس له، حسب وصفه.

 

وأفاد "تركي عمر با شيبة" عضو المجلس المحلي بشبوة واحد ابناء المحافظة الذين صاحبوا الأحداث بالمحافظة عن استعانة  الانتقالي بالطيران المسير الإماراتي في معركته ضد القوات الحكومية الأربعاء بعد أن كانت قاب قوسين من النصرـ حسب قوله.

 

 وقال تركي في حديث لـ "الموقع بوست": التغيير في مسار المعركة جاء بضوء أخضر من مجلس الرئاسة والسماح  باستخدام الطيران المسير لحسم المعركة عسكريا لصالح قوات الانتقالي والإمارات، مؤكدا أن "استخدام الامارات للطيران في قصف الجيش في شبوة  أمر لا يخفى على أي مواطن شبواني".

 

وأشار انه عقب اقتحام القوات التابعة للانتقالي للمعسكرات قامت بنهبها وسلبها أمثال اللواء مشاة جبلي عزان مديرية ميفعة.

 

وتابع  تركي "حاولنا أن نوقف النهب والسلب  لكن الوضع خرج عن السيطرة".

 

وقالت المصادر إن الطيران المسير الاماراتي شن اكثر من 30 غارة جوية على مواقع الجيش بمحيط مقر السلطة المحلية  واخرى في معسكر النجدة وفي أماكن أخرى مخلفا قتلى وجرحى. 

 

مستقبل الازمة

 

وتابع الدكتور الذهب الحديث حول مستقبل الازمة في شبوة بالقول إن للمعركة في شبوة سيناريوهين: الاول يقول انه  لن تهدئ المواجهات إلا بإقالة المحافظ أو خروجه من سدة الحكم للمحافظة وإعادة النظر في المعينين في المناصب، لأن هناك شخصيات غير مرغوب فيهم ومنهم قائد المحور فهو انفصالي وله مشاركات مع المجلس الانتقالي ومن جانب أخر  قد يستمر التصعيد وتدخل في مفاوضات ويبقى المحافظ على ما هو عليه ويعاد النظر في مسألة القرارات بحيث تشمل القوات المناوئة للقوات الحكومية.

 

أما السيناريو الثاني: يقول الذهب إن قادة القوات الذين أقيلوا والذين يمثلون الحكومة ربما يمتثلون لهذه القرارات في حال وجود وساطات أو تأثير في مواقفهم، وهذا السيناريو قد يعرضهم لخيانات أو لاستهداف  من قبل الطيران المسير ما يضعف قوتهم بأي طريقة أمام التشكيلات المسلحة التي يقودها المحافظ والمجلس الانتقالي ومن معه من الأطراف الخارجية الداعمة لهذه القوات، وبهذا تقوم تلك القوات بحسم المعركة عسكريا.

 

وفي السياق ذاته يقول التميمي "إن شبوة تسير بخطى حثيثة نحو الفوضى الإماراتي والمشروع الانفصالي بمباركة من التحالف العربي".

 

وأصدر رئيس مجلس القيادة الرئاسي مساء الأربعاء، بيان أعلن فيه عن تشكيل لجنة برئاسة وير الدفاع وعضوية وزير الداخلية وخمسة من أعضاء اللجنة الأمنية والعسكرية، وفقا لإعلان نقل السلطة، وستقوم هذه اللجنة بتقصي الحقائق  ومعرفة الأسباب والرفع للمجلس لاتخاذ الاجراءات المناسبة بما يحفظ للدولة مكانتها، حسب وصف البيان.

 

وبانتظار ما ستسفر عنه نتائج تحقيق اللجنة المعلنة باتجاه سيطرة القوات المدعومة اماراتيا على المحافظة، فإن مجريات الاحداث في شبوة  بالنسبة لمراقبين ومحللين تشير إلى حقيقة وجود مخطط مدعوم إقليميا يهدف إلى إفراغ المحافظة  ومحافظات أخرى من أي قوات تدين بالولاء المباشر للشرعية والسعي لتمزيق البلد وإثارة الفتنة والاقتتال خدمة لأجندات ومشاريع خارجية.


التعليقات