تزيين المقابر والاحتفاء بالقتيل.. ثقافة حوثية مستوردة تستهدف طمس الهوية اليمنية (تقرير)
- خاص الخميس, 23 فبراير, 2017 - 08:08 مساءً
تزيين المقابر والاحتفاء بالقتيل.. ثقافة حوثية مستوردة تستهدف طمس الهوية اليمنية (تقرير)

[ يسعى الحوثيون لترسيخ ثقافة مستوردة في أوساط المجتمع ]

يتساءل العديد من المواطنين في اليمن، كلما مروا من أمام مقبرة تتبع ميليشيات الحوثي، عن الهدف الذي يدفع الجماعة لتزيين مقابر قتلاها وماذا تريد من هذه الثقافة الجديدة التي يرونها دخيلة على مجتمع ظل آلاف السنين يضع الميت سواء أكان مات قتلاً أو موت طبيعي في قبره ثم يهيل عليه التراب، وأحيانا تلجأ بعض الأسر على سبيل الندرة لزراعة بعض أشجار الطيب مثل المشاقر وغيرها على قبر الميت.
 
بيد أن جماعة الحوثي لم تكتفِ بتزيين المقابر فحسب، بل لجأت مؤخراً إلى إجبار أسر وأقارب القتلى الذين يُؤتى بهم من جبهات قتال الجماعة على استقبال فقيدهم المقتول بالاحتفال والزغاريد، والإعداد لزفته إلى المقبرة، ويجهزون لهذا الغرض فريقا من النساء التابعات للجماعة، يقمن بإطلاق الزغاريد داخل منزل المقتول لإجبار أسرته على الاحتفال رغم أحزان الفراق ووجع الفقد.
 
وكانت آخر الثقافات التي تسعى الجماعة لترسيخها في أوساط المجتمع اليمني احتفالها الأسبوع الماضي بما أسمته "فعاليات أسبوع الشهيد" كذكرى سنوية دخيلة تغرق فيها الجماعة المقابر والمعارض والشوارع بصور قتلاها من خلال طباعتها وتوزيع الآلاف منها.
 
وأطلقت الجماعة حملات دعائية وميدانية مطلع الأسبوع كلفت الملايين في المؤسسات والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها بدءاً من محافظة صعدة التي أنشأت أربع معارض للصور الفوتوغرافية وأيضاً في منطقة الطويلة وبني معاذ وسودان بمديرية سحار وكذا افتتاح معارض للصور في محافظة ريمة وذمار وحجة ومديرية الحيمة الخارجية ومحافظة المحويت وفي العاصمة صنعاء وأمانة العاصمة.
 
تقديس الحياة الأخرى
 
وتعليقًا على ذلك، قال أستاذ علم الاجتماع السياسية في جامعة صنعاء د. عبدالباقي شمسان لـ"الموقع بوست" إن "تصدير الثورة الإيرانية أو تجذيرها محليا تطلب جماهير تصور لها الاعتقاد بشرعية الحاكم".
 
وأضاف "كذلك تصور للحياة والموت ومشروع ولاية الفقيه يتأسس على ثنائية تقديس الإمام والحياة الأخرى القائمة على ثنائية الجنة والنار بيد الإمام أو السيد".
 
وتابع شمسان "ونظرا لأن مشروع تثبيت الثورة الإيرانية كان حتما يتطلب معارك وضحايا فلا بد من تزيين ذلك الإقدام ومنحه صورة للجنة الذاهب إليها (الشهيد)"، مؤكداً أن ذلك الاعتقاد الراسخ بالجنة تطلب أن تكون المقابر تستدعي لا شعوريا صورتها.
 
الحوثيون وتزيين المقابر
 
يرى الكاتب والسياسي اليمني محمد الغابري أن الحوثيين يتسببون في إرساء ثقافة جديدة هي ثقافة الحفاوة بالموت.

وأشار الغابري في تصريح لـ"الموقع بوست" إلى أن تلك الثقافة  تشير إلى رغبة عارمة في دفن الشعب تحت الثرى وتؤكد بأنها جماعة الموت لليمن واليمنيين وأنها جماعة قبورية تعظم القبور وتحتقر الحياة وتعبر عن نزعة وثنية صارخة للقبور فيها مكانة عظيمة.

واعتبر الغابري أن "ما تقوم به الجماعة الحوثية هو خروج سافر على الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها من كراهية الموت والحزن المشروع على الموتى، لقد بكت النساء على قتلى أُحد حتى قال صلى الله عليه وسلم وهو حزين ولكن حمزة لابواكي له، وحين توفي ابنه إبراهيم دمعت عيناه وقال قولته المشهورة التي صارت تشريعا: إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون".
 
وقال الغابري إن "الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لطم الخدود وشق الجيوب، أما الحوثيون فيجبرون الأمهات والآباء على الاحتفاء بفقدان أعزائهم، فهم يعذبون الناس مرات يتختطفون أولادهم ويكرهونهم على كتمان أحزانهم ويجبرونهم على الاحتفال، فأي جماعة هؤلاء حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعجبهم".
 
 
تحقيق حق السلطة والسيادة
 
ويعتبر الصحفي رداد السلامي أن جماعة الحوثي تحاول أن تنقل قدسية الله إلى قدسية البشر لتحقيق عائد عقدي وسياسي يجذر مفهوم الشرك المتنافي مع توحيد الله بجعل البشر أندادا له.
 
وأضاف السلامي في تصريح لـ"الموقع بوست" أن هذا التوجه ينقل البشر من مصاف العباد العاجزين الى المعبودين القادرين في الذهنية العامة والجاهلة، فيصبح القبر إلها به يستنجد ومنه يطلب العون والمدد وهو ما يفعله الشيعة في كل مكان.
 
وأكد السلامي أن "العائد السياسي يهدف إلى تحقيق حق السلطة والسيادة لهم، بحيث يتم التذكير الدائم لأتباعهم أن الهدف من موت هؤلاء كان فرض السيادة لمن ماتوا من أجلهم، وبالتالي على الجميع الوفاء بالهدف الذي قدم قتلاهم أرواحهم من أجله، وهي سيادة السلالة التي يعتقدون أنها تنحدر من جينٍ متعالٍ لا يمت إلى  جينات البشر في شيء سوى أنه يشبههم من ناجية الشكل فيما مضامينه مختلفة".
 


التعليقات