تأزم قبلي في شبوة بعد إخفاء قبليين لدى قوات النخبة بحضرموت (تقرير)
- أدهم فهد الإثنين, 24 أبريل, 2017 - 12:42 صباحاً
تأزم قبلي في شبوة بعد إخفاء قبليين لدى قوات النخبة بحضرموت (تقرير)

[ أرشيفية ]

تنتظر قبائل محافظة شبوة، جنوب شرقي البلاد، نتائج جهود اللجنة المشكلة من مسؤولين محليين وآخرين أمنيين بالمحافظة، لمتابعة قضية اثنين من أبناء قبيلة النسيين تعرضوا للاعتقال والإخفاء القسري، منذ ما يربو على العام، من قِبَل قوات النخبة الحضرمية بمدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.
 
وكان اثنان من أبناء قبيلة بشبوة يعملان على سيارة أجرة، اعتقلا من قبل قوات النخبة الحضرمية، في أبريل من العام المنصرم، بالتزامن مع عمليات تحرير مدينة المكلا جنوب شرقي البلاد.
 
وحاولت قبائل النسيين التواصل مع السلطات المحلية والأمنية في حضرموت، لمعرفة مصير أبنائها المختطفين، لكن دون جدوى، حيث أكدوا أن المختطفين ليسوا في سجون السلطات الأمنية بالمحافظة، حسبما تحدثت مصادر قبلية.
 
وأضافت المصادر في حديثها لـ"الموقع بوست" أن المختطفين الاثنين من قِبَل قبائل النسيين، اعتقلتهما قوات النخبة الحضرمية، وأودعتهما سجن معسكر الريان التابع للقوات الإماراتية المشاركة ضمن عمليات التحالف العربي.
 
وبعد أن استنفدت قبائل النسيين كل أوراقها الساعية لمعرفة مصير اثنين من أبنائها المخفيين قسريا في سجن الريان بالمكلا، عمدت إلى إقامة "تقطع قبلي"، ومنع صهاريج المشتقات النفطية من الدخول إلى مدينة عتق بشبوة، محاولة بذلك الضغط على السلطات الحكومية، في سبيل الكشف عن مصير أبنائها.
 
ورفعت قبائل النسيين التقطع القبلي في الخامس من أبريل الجاري، بعد أن تدخلت وساطات حكومية وقبلية، أفضت إلى رفع "التقطع" وتشكيل لجنة من قيادات في السلطة المحلية وأخرى أمنية، برئاسة الوكيل محمد بن ناصر القميشي، للتواصل مع الجهات العليا، ومتابعة قضية أبناء النسيين المخفيين قسريا في المكلا.
 
تقطع بحثا عن حل
 
وفي سياق ذلك، قال الشيخ القبلي ناجي المدلول النسي "ذهبنا إلى الإخوة الذين قاموا بالتقطع القبلي ومعنا عدد كبير من أبناء خليفة والمرادعة والقراميش وآل حنم، وتحدثنا معهم حول رفع التقطع، وذكروا لنا في شكواهم كونهم يجهلون مصير أبنائهم المخفيين قسريا".
 
النسي في حديثه لـ"الموقع بوست" أضاف "كان رد قبائل النسيين المنفذين للتقطع القبلي بأن لهم فترة طويلة في هذا المكان، فقد نفذوا تقطعا قبليا آخر قبل أشهر، حيث قاموا برفعه بعد تلقي وعود رسمية بمتابعة قضيتهم، لكن دون جدوى، ما استدعاهم لتنفيذ تقطع قبلي آخر".
 
وذكر "تم رفع التقطع القبلي مطلع الشهر الجاري، على أن تشكل لجنة رسمية برئاسة الوكيل محمد بن ناصر القميشي، وتعمل في نطاق زمني حدد بشهرين، وقمنا نحن مشائخ القبائل بتحرير التزام خطي لهم، بمتابعة قضية أبنائهم المخفيين قسريا منذ أكثر من عام".
 
وأشار الشيخ النسي إلى أن هذه القضية هي قضية شبوة بأجمعها، وليست قضية قبائل النسيين فحسب، مطالبا أبناء شبوة بمزيد من التعاون وتكثيف الجهود.
 
وفي تصريح مقتضب لـ"الموقع بوست"، قال وكيل محافظة شبوة محمد بن ناصر القميشي إن "اللجنة وبعد مرور قرابة العشرين يوما على تشكيلها، ما تزال تتواصل مع القيادات العليا في البلد"، دون أن يوضح ما توصلت إليه اللجنة منذ بدء تشكيلها وحتى اليوم.
 
خلفية قانونية
 
وفي هذا السياق يتحدث المستشار القانوني والناشط الحقوقي أكرم الشاطري قائلا "عرَّفت المحكمة الجنائية الدولية الاخفاء القسري بأنه: إلقاء القبض على أي أشخاص أو احتجازهم أو اختطافهم من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة".
 
ويتابع حديثه لـ"الموقع بوست" قائلا "عرفت الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري على أنه: الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون، مقرة بأنه لا يجوز تعريض أي شخص للإخفاء القسري، ولا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان، سواء تعلق الأمر بحالة حرب أو التهديد باندلاع حرب، أو بانعدام الاستقرار السياسي الداخلي، أو بأي حالة استثناء أخرى، لتبرير الاختفاء القسري".
 
ويمضي المستشار القانوني والناشط الحقوقي الشاطري حديثه لـ"الموقع بوست" بالقول إن "نطاق هذه الجريمة قد عرفناه منذ أن اعتلى الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح رأس الحكم، واتسع بعد أن أحكم قبضته على الشمال والجنوب، في العام 1990، والذي ترك وراءه كثيرًا من الأفراد الذين تعرضوا للقبض والخطف والإخفاء ولا زال يقبع بعضهم في سجون سرية والبعض الآخر هلك ونرى نفس الممارسة اليوم".
 
ويفيد "يتم القبض على الشخص من المنزل أو من الشارع أو من مكان عمله، والنمط السائد في توقيت القبض يكون ليلا (زوار الفجر)، وخلال فترة الاحتجاز السري يتم تعذيب الأشخاص المُختَطفين بالصعق بالكهرباء في جميع أنحاء الجسد وتحديدا الأماكن التناسلية، والتعليق الخلفي، وتعليق الذبيحة، وهو ربط اليدين والقدمين وغيرها من الأعمال المنافية للقانون والشرائع السماوية، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية المتكررة".
 
الإخفاء جريمة إنسانية
 
ويرى بأن الإخفاء القسري يعد أحد أكبر أشكال انتهاكات حقوق الإنسان سوءا، مدللا بالمادة 1 من "الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، فإن عمل الإخفاء القسري يحرم الشخص الذي يتعرض له من حماية القانون، وينزل به وبأسرته عذاباً شديدا، وهو ينتهك قواعد القانون الدولي التي تكفل، ضمن جملة أمور، حق الشخص في الاعتراف به كشخص في نظر القانون، وحقه في الحرية والأمن، وحقه في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، كما ينتهك الحق في الحياة أو يشكل تهديداً خطيراً لها".
 
وعن آثار الإخفاء القسري يقول الشاطري بأن ذلك يؤثر على النساء والأطفال بشكل رئيسي، فالزوجات والأمهات والأطفال هم الذين يتحملون في معظم الأحيان عواقب الإخفاء القسري وهم الأشخاص الأكثر تضرراً منه ناهيك عما يمكن أن يتعرضوا له إذا ما اختفوا هم أنفسهم من اعتداء جنسي وغيره من أشكال العنف الأخرى.
 
ويختتم المحامي والحقوقي الشاطري حديثه لـ"الموقع بوست" بذكر نتائج الإخفاء القسري قائلا بأنها تنتزع الثقة بين أجهزة النظام والناس، بسبب تلك السلوكيات التي ينعكس أثرها ع المجتمع، بل وتكون سببا لزعزعة الاستقرار العام، لعدم احترام سيادة القانون من قبل السلطات القائمة لتمارسها حتى على المناوئين، وبالتالي فإن آثاره وخيمة وتشكل زعزعة للثقة بين السلطات والمواطن.
 


التعليقات