القبول في الجامعات الحكومية.. سخط طلابي ومحدودية مقاعد (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 29 أغسطس, 2017 - 07:27 مساءً
القبول في الجامعات الحكومية.. سخط طلابي ومحدودية مقاعد (تقرير)

[ حذر خبراء من إضعاف التعليم العام على حساب بروز نظامي الموازي والنفقة الخاصة ]

"عبدالله صالح" خريج ثانوية عامة حاصل على معدل نجاح 90%، للعام الثاني يتقدم لامتحانات القبول في كلية الهندسة بجامعة صنعاء، ولم يحالفه الحظ خلال العامين. ففي السنة المنصرمة حصل في امتحان القبول على نتيجة 71%، بينما كان آخر طالب في كشف المقبولين حاصلا على 72%، إلا أنه -وكونه أحد الطلبة المجتهدين- لم يصبه الإحباط ولم يتسلل اليأس إلى روحه وطموحه، على آمل أن يتقدم في هذا العام، ولكنه للمرة الثانية أيضاً لم تكتب له فرصة المنافسة على أحد المقاعد المحددة في القدرة الاسيعابية للكلية. فحصل على نتيجة 73% في امتحان القبول، وفي المقابل حصل آخر طالب مقبول على نتيجة 75%.

قصة الطالب "عبد الله" وغيره من عشرات الآلاف من خريجي الثانوية العامة يعانون من هذه المشكلة التي تتحكم بحياتهم العلمية والمستقبلية، وفي ظل محدودية القدرة الاستيعابية للجامعات وكثافة خريجي الثانوية تضيع الكثير من الآمال والطموحات لآلاف الطلبة اليمنيين الذين لا يستطيعون الالتحاق بالجامعات الخاصة أو نظامي الموازي والنفقة الخاصة في الجامعات الحكومية، نظراً لعدم قدرتهم المالية على دفع الرسوم الباهضة.

ففي جامعة صنعاء وحدها، كبرى الجامعات اليمنية، يتقدم أكثر من 70 ألف طالب وطالبة يتنافسون جميعهم على 15 ألف مقعد في الجامعة، وغالبيتهم يتم قبولهم في كليات العلوم الإنسانية. ففي قسم الطب البشري في كلية الطب تنافس هذا العام قرابة 9 آلاف طالب وطالبة على عدد 150 مقعدا فقط في نظام العام.

في هذ التقرير حاولنا الاقتراب من هذه القضية التي أصبحت حديث كل طالب يمني، آملًا في إبراز هذا الموضوع في سبيل الوصول إلى أي حلولٍ أو معالجات تضمن للطالب اليمني حقه في المنافسة العادلة التي تُتيح له وضع بصمته في حياة الأجيال القادمة.

المقاعد تعتمد على إمكانيات الكليات

وفي تصريخ خاص لـ"الموقع بوست" أوضح الدكتور محمد شكري نائب رئيس جامعة صنعاء لشؤون الطلاب أن "موضوع محدودية المقاعد تعتمد على الطاقة الاستيعابية التي تحددها الكليات حسب قدراتها على استيعاب عدد الطلاب، وحسب الإمكانيات المادية للكليات، خاصة الكليات العلمية، والكلية هي من تحدد ومجلس الكلية يرفع بذلك ونصادق عليها نحن في مجلس شؤون الطلاب ونرسلها لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي".

وفي رده على أن امتحانات القبول معقدة حسب وصف الطلبة قال شكري "بالنسبة للامتحانات لا يوجد فيها أي صعوبة، لكن الطلاب غير متعودين على طريقة الامتحانات".

وعن إشكالية تراكم طلبة الأعوام السابقة من خريجي الثانوية قال إن هذه القضية ليست لها حلول تضمن الحد من المنافسة الكثيفة للطلبة، مشيراً إلى أن هذه الإشكالية في جامعة صنعاء تكمن في أن بعض الطلاب يدرسون في كلية معينة ويتقدمون للمنافسة في كلية أخرى، مما يشكل ضغطاً في المنافسة بين الطلبة.

وأضاف أن "النظام الموازي بدأ باتفاق بنسبة 15% وعلى أن يكون لهم فترة منفصلة مسائية، والآن وصلنا إلى صيغة بنسبة 50%"، في إشارة منه إلى دور نظام الموازي في تحجيم المقاعد في النظام العام.

خبراء يحذرون من إضعاف التعليم ومقدراته

أكاديميون يحذرون من إضعاف نظام التعليم العام في الجامعات الحكومية على حساب بروز نظامي الموازي والنفقة الخاصة الذي تصل مقاعده في كليات علمية كالكليات الطبية أكثر من المقاعد المخصصة للنظام العام، وهذا ينذر بكارثة خصخة التعليم الجامعي برعاية رسمية وحكومية.

ويعزي خبراء بقاء خريجي الثانوية العامة خارج الجامعات الحكومية إلى أمرين رئيسين: الأول وهو مادي ومتعلق بإمكانيات الأسر وذوي الطلبة غير القادرين على دفع رسوم أبنائهم في الكليات الخاصة وأنظمة التعليم مثل الموازاي والنفقة الخاصة، والأمر الثاني تراكم خريجي الأعوام الدراسية واستمرارهم في الانتظار إلى العام القادم ومنافستهم الخريجين الجدد، مما يشكل عبئاً على القدرة الاستيعابية لدى الجامعات، وبذلك تقل فرص الخريجين الجدد.

ويرى أكاديميون أن القصور بالأداء التدريسي وعدم استخدام الإستراتيجيات الحديثة في التدريس التي تعمل على التعليم التفاعلي والتعليم الذاتي، وعدم الإيفاء بفترة التدريس المحددة للسنة الدراسية نتيجة تدهور الوضع التعليمي ككل هو أحد أهم الأسباب

وحذر أكاديميون من مغبة الاستمرار في السير الممنهج لتدمير العملية التعليمية من قبل السلطات التعليمية والتربوية في البلد. 

وفي إطار المعايير المتبعة لسياسة القبول في الجامعات يرى مراقبون بأن الانخفاض الملحوظ في اشتراط نسبة معدل الثانوية العامة في الجامعات أمر يثير الدهشة والاستغراب خاصة مع محدودية القدرة الاستيعابية لديهم، إذ أصبح شائعاً لدى الكثير أن مثل هذا الأمر ما هو إلا جباية لأموال الطلبة التي يدفعونها كرسوم للتنسيق، حيث يتقدم في بعض الكليات العلمية لامتحانات القبول ضعف المقرر قبولهم بـ60 مرة، ليتنافس كحد أعلى 9 ألاف طالب وطالبة على 150 مقعدا فقط.

رأي طلابي

الطالب ياسين أحد المتقدمين لامتحانات القبول يقول بأن الوضع القائم غير عادل، حيث يتنافس عدد كبير جداً مقارنةً بأعداد المقبولين.

ويضيف في حديثه لـ"الموقع بوست" أن الأسئلة معقدة وكثيرة وأن الحرب زادت من معاناتهم وأثرت على مستوى تحصيلهم العلمي.

ويتمنى ياسين أن تغير الجامعات من سياسة القبول وأن يتيحوا فرص أكثر للطلبة الراغبين الالتحاق في مختلف التخصصات، متمنياً أن تكون هناك بدائل للطلبة الذين لم يتمكنوا من الالتحاق في الجامعات، خاصة وأن الغالبية غير قادرين على الالتحاق بالجامعات والمعاهد الخاصة بسبب الأزمة المالية التي يمر بها الجميع نتيجة الحرب الدائرة في اليمن.


التعليقات