[ تحذيرات دولية من استمرار الحرب في اليمن ]
منذ أكثر من شهر يعيش اليمنيون أوضاعا اقتصادية وإنسانية وصفتها تقارير أممية ودولية بأنها "الأسوأ" في العالم، جراء الحصار الذي فرضته قوى التحالف العربي على اليمن، عقب إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا باتجاه الرياض.
الصاروخ الذي شكل تهديدا صريحا على أمن المملكة العربية السعودية، كونه أول صاروخ يستهدف الرياض بعد ثلاث سنوات من انطلاق عمليات التحالف في اليمن، استفز الجارة الكبرى، ولم تجد بدا من إقرار حصارا كليا شمل جميع منافذ اليمن البرية والبحرية والجوية على المدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وأبقت على تلك الواقعة تحت سيطرة الحكومة ضاربة عرض الحائط بكل ما سيترتب عليه من أوضاع مزرية تطال البلد الذي تربع على عرش الفقر لسنوات كثيرة ولا يزال.
تسبب الحصار إلى جانب الحرب في تراكم الأزمات الاقتصادية والإنسانية وصولا للمجاعة وانتشار العديد من الأمراض كـ"الكوليرا "و"الدفتيريا".
وفي الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي ، وبعد تنديدات ومطالبات قادتها هيئات أممية شددت على ضرورة الإسراع بفك الحصار ، وحذرت من مآلات كارثية حقيقية على وشك الحدوث في المجالات الصحية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، أعلن التحالف العربي رفع الحصار جزئيا وأعاد فتح ميناء الحديدة لاستقبال المواد الإغاثية والإنسانية الطارئة، كما قرر فتح مطار صنعاء لاستقبال طائرات الأمم المتحدة الخاصة بالأعمال الإغاثية والسماح لشحنات الإغاثية فقط بالدخول إلى اليمن دون السماح للشحنات التجارية، غير أن وكالات إغاثية أكدت أن هذه المساعدات لا تغطي سوى نسبة ضئيلة من احتياجات البلاد.
النتائج والتداعيات
على المستوى الإنساني تقول الأمم المتحدة إن نحو ربع سكان البلاد البالغ عددهم 28 مليون نسمة يعانون من الجوع وسط الحرب الأهلية الدائرة منذ نحو ثلاثة أعوام، أي أن حوالي 8.4 ملايين شخص باتوا على شفا المجاعة، ناهيك عن الحصار الذي يزيد من صعوبات نقل المواد الغذائية والمساعدات الطبية في أنحاء البلاد نتيجة انعدام الوقود.
وكشف تحليل أجرته رويترز لبيانات الحركة في الموانئ وتتبع السفن أن أكبر موانئ اليمن لم يستقبل أي شحنات وقود منذ أكثر من شهر مع تشديد حصار تقوده السعودية على البلاد رغم المطالبات الدولية بإنهاء الحصار.
وفي السياق ذكرت منظمة أوكسفام الخيرية أن 8 ملايين شخص في اليمن لا يمتلكوا المياه الجارية النظيفة في غضون أيام عندما ينفذ الوقود بسبب الحصار الذي يفرضه التحالف السعودي على الموانئ الشمالية للبلاد وبذلك سينضم 8 ملايين إلى ما يقرب من 16 مليون شخص في اليمن الذين لم يتمكنوا بالفعل من الحصول على مياه نظيفة، مما يترك أكثر من 4 من كل 5 أشخاص دون إمدادات مستمرة من المياه النظيفة، مشيرة أن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على تدفق المياه النظيفة.
وفي وقت سابق صرحت وزارة المياه والبيئة أن سبعة مدن قد نفدت بالفعل من الوقود وسوف تنفد اثنتان أُخريتان قريباً، في حين تعتمد إمدادات المياه في أماكن مثل ميناء الحديدة على الوقود الذي توفره الأمم المتحدة وقد وافقت المنظمات الإغاثية في اليمن على دعم شبكات إمداد المياه ولكنها لن تتمكن من الاستمرار في ذلك حينما يصبح الوقود نادراً وأكثر تكلفة.
وكشفت الأمم المتحدة أن 8.4 ملايين شخص باتوا على شفا المجاعة، مطالبة أطراف النزاع في اليمن الى السماح بوصول المساعدات الإنسانية.
وأشارت إلى أن الحصار المستمر على الموانئ من قبل التحالف يتسبب في الحد من توفر الوقود والغذاء والدواء الأمر الذي سيكون له تبعات كارثية على الأوضاع الإنسانية.
من جهتها أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن القيود الموسعة للتحالف بقيادة السعودية على المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية ومنعها من بلوغ سكان اليمن المدنيين، من شأنها أن تؤدي إلى تدهور الكارثة الإنسانية في البلاد.
وعلى المستوى الصحي شهدت اليمن بزوغ أوبئة ساهم في انتشارها إغلاق المرافق الصحية بسبب الحرب، علاوة على انعدام الوقود نتيجة الحصار، فإلى جانب "الكوليرا" ظهر وباء "الدفتيريا " الذي بلغت وفياته 35 حالة مع تسجيل أكثر من 300 حالة إصابة بالوباء.
وحذرت منظمة أوكسفام أن تعطيل إمدادات الوقود بهذه الوتيرة سيؤدي إلى حدوث طفرة جديدة لوباء الكوليرا الذي حصد أرواح ما يزيد عن 2200 شخص، فيما اقتربت الحالات التي يشتبه إصابتها بالمرض من مليون حالة، منذ 27أبريل /نيسان الماضي بحسب آخر إحصائية لمنظمة منظمة الصحة العالمية من هذا العام والتي كانت قد بدأت بالانخفاض في الأسابيع الأخيرة.
مطالبات بإنهاء الحصار
نددت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية باستراتيجية التحالف بقيادة السعودية في اليمن التي فاقمت من الوضع الكارثي للبلاد، داعية أطراف النزاع في اليمن إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية.
وفي بيان لها طالبت (هيومن رايتس ووتش) بفرض حظر سفر على كبار قادة التحالف وتجميد أصولهم، ومنهم ولي العهد السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان، ما لم يكف التحالف فورا عن منع المساعدات والسلع التجارية من بلوغ المدنيين بالأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقال جيمس روس، مدير قسم القوانين والسياسات في هيومن رايتس ووتش: "استراتيجية التحالف بقيادة السعودية في اليمن ارتبطت بشكل مطرد بمنع المساعدات والسلع الأساسية من بلوغ المدنيين، ما يعرّض ملايين الأرواح للخطر. "
وتتهم المنظمة التحالف بقيادة السعودية بفرض قيودا متزايدة على وصول المساعدات الإنسانية إلى صنعاء، أكبر مدن اليمن، والواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
من ناحيته دعا وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون السعودية إلى "إنهاء الحصار المفروض على اليمن".
وأشار إلى أن فتح الموانئ اليمنية يجب أن يطبق ليس فقط على المساعدات الإنسانية بل أيضا على الواردات التجارية، حيث إن 80 بالمئة من الغذاء يصل في شحنات تجارية.
وطالبت الخارجية الأمريكية بتسليم شحنات برنامج الأغذية العالمي إلى اليمن، وتركيب روافع جديدة لميناء الحديدة على البحر الأحمر.