حرب موارد بين عدن وصنعاء … سجائر كمران أبرز مظاهرها (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 17 أبريل, 2018 - 09:56 مساءً
حرب موارد بين عدن وصنعاء … سجائر كمران أبرز مظاهرها  (تقرير)

[ الحكومة احتجزت شاحنات شركة التبغ في ميناء عدن بسبب دفعهم الجمارك للحوثيين ]

في زمن المليشيات تتوسع دائرة الأزمات، ومعها تتوسع دائرة الهموم والأحزان لدى اليمنيين، ويوما بعد آخر، وفي ظل غياب الحلول والمعالجات، تتحول الأزمات إلى معاناة إنسانية كبيرة، فمن أزمة الغاز إلى أزمة المشتقات، إلى أزمة الغذاء، إلى أزمة الأدوية، إلى أزمة الرواتب وانقطاعها، وغيرها من الأزمات التي يكتشف اليمنيون أن كل أزمة تنتج أزمة جديدة، وكل مشكلة تقود إلى مشكلة أخرى.
 
أزمة السجائر 
 
وعلى الرغم من حجم معاناة الناس في مواجهة تلك الأزمات والصمود أمامها، إلا أن هناك أزمة من نوع آخر، يقول اليمنيون إن مواجهتها تبدو صعبة للغاية، وهي أزمة السجائر، تلك التي أخذت في التطور مؤخرا في البلاد، خصوصا سجائر كمران، التي اختفت من السوق اليمني، وأخذت أسعارها في الارتفاع بشكل خيالي، حيث وصل سعر الباكت الواحد إلى 1200 ريال في صنعاء وبعض المدن اليمنية الأخرى، في حين وصل سعر الباكت الواحد إلى 1500 ريال في بعض مناطق الريف، طبقا لحديث سكان محليين لمحرر "الموقع بوست".
 
هذا الاختفاء ولد أزمة كبيرة لدى المدخنين، الذين ارتفعت نسبتهم منذ بداية الحرب بنسبة 50% طبقا لتقديرات مهتمين ومراقبين للشأن الاقتصادي في البلاد.
 
وبحسب خبراء علم النفس فإن معدلات التدخين تزيد بشكل طبيعي في حالات الحروب والاضطرابات، نتيجة القلق الذي يعصف بالناس والمخاوف بشأن حياتهم ومستقبل أولادهم.
 
ما وراء الاختفاء؟
 
"الموقع بوست" تتبع تفاصيل أزمة سجائر كمران، باحثا عن الأسباب، والأبعاد، والأطراف، وتوصل من خلال حديثه مع بعض المصادر المطلعة، إلى أن السبب الرئيسي لاختفاء سجائر كمران من السوق، هو اتخاذ حكومة الشرعية قرارا بحجز شاحنات التبغ والكبريت والمواد الخام في ميناء عدن، واشترطت على الشركة دفع الجمارك إلى مصلحة الجمارك في عدن، حتى يتم توريدها إلى بنك مركزي عدن، إضافة إلى اشتراطها بدفع الضرائب التي يتم تحصيلها في فترة البيع إلى البنك المركزي في عدن وليس إلى البنك المركزي في صنعاء، الأمر الذي عمل على توقيف إنتاج السجائر، لعدم قدرة الشركة على تنفيذ الشروط المطروحة من قبل حكومة الشرعية، خصوصا وأن الشركة تعمل في مركزها الرئيسي تحت سلطة وقبضة الحوثيين، وهم من يتحكمون بسير المؤسسات ومن يفرضون ويتحكمون على كل الإيرادات منذ انقلابهم على الدولة، وسيطرتهم على صنعاء، وعلى المؤسسات والقطاعات الاقتصادية والاستثمارية.
 
وبحسب مصادر "الموقع بوست"، فإن هذه الخطوة تأتي في سياق الحرب بين الحكومة الشرعية وبين حكومة صنعاء على القطاعات الخدمية، والتي تعتبر مصدرا مهما في اقتصاد الدولة وفي تحصيل الإيرادات، وبحسب المصادر، فإن حكومة الشرعية، ركزت على شركة كمران بحكم الأموال الكبيرة والعائدات التي كانت تحصل عليها الحكومة من هذا القطاع.
 
احتجاز شاحنات التبغ 
 
وتشير المصادر إلى أن الحكومة الشرعية، نجحت نوعا ما في فرض حصارها على سلطة صنعاء فيما يتعلق بهذا القطاع، وأنها الآن تخطط لقطاع الاتصالات، وسعيها لنقله ونقل التحكم به إلى عدن، حتى تستطيع استعادة بعض القطاعات الخدمية التي تمثل مصدرا في دعم الخزينة العامة للدولة التي تمر في أصعب حالاتها بسبب احتكار سلطات الانقلاب في صنعاء لإيرادات كثير من تلك القطاعات.
 
مصادر خاصة، أكدت لـ "الموقع بوست" إجراء محاولات مع حكومة الشرعية من أجل إطلاق سراح الشاحنات مقابل تعهدات وإيجاد حلول وسطية، ولكن سلطات عدن والحكومة ما تزال ترفض كل الوساطات وتبدي إصرارها على دفع الجمارك والضرائب إلى بنك مركزي عدن.
 
وأكدت هذه المصادر الخاصة بأن هناك محاولات تقوم بها حكومة الشرعية، من أجل نقل الإنتاج إلى خارج البلاد، ومن ثم تكون تمكنت من فرض حصارها على الانقلابيين واستعادة أهم قطاع يوفر للدولة أموالا كبيرة، سترفد وستدعم الموازنة.
 
سيطرة حوثية على الشركة
 
ومنذ أحكمت المليشيات قبضتها على صنعاء، أحكمت قبضتها على شركة كمران للصناعة والاستثمار، التي تحتكر تسويق التبغ ومنتجاته وتصنيعه في معظم محافظات اليمن، واستغلت مواردها في مسألة المجهود الحربي، ومنذ فرضها السيطرة على هذه الشركة، يتم التحكم على عوائد وإيرادات الشركة من قبلهم، واتخذت سلطة الحوثي العديد من الإجراءات على هذا الطريق بغية فرض السيطرة الكاملة على شركة كمران.
 
وأصدر رئيس ما يسمّى المجلس السياسي الأعلى رئيس المكتب السياسي للحوثيين، صالح الصمّاد، قراراً بتعيين أحمد علي عبد الله الصادق رئيساً لمجلس إدارتها، بدلاً من عبد الحافظ السمّة، الموالي للرئيس السابق، رئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح.
 
وفي إطار إحكام السيطرة على الشركة، أصدر فرع البنك المركزي اليمني في صنعاء تعميماً إلى المصارف بوقف الصرف واتّخاذ الإجراءات اللازمة لنقل الحسابات الخاصة بستّ شركات حكومية، وهي: "شركات كمران للصناعة والاستثمار والخطوط الجوية اليمنية ويمن موبايل وميون للصناعات المحدودة ومأرب اليمنية للتأمين وأساس العقارية المحدودة"، وجاءت هذه الخطوة، طبقا لمعلومات، استناداً إلى مذكّرة وزير المال في حكومة الانقلاب صالح شعبان.
 
وتتحدث معلومات مؤكدة، بأن شركة كمران ترفد الخزينة العامة والصناديق المخصّصة ببلايين الريالات سنوياً، من خلال الرسوم والعائدات التي تفرضها القوانين السارية على منتجات التبغ ومشتقّاته، من جهة، والعائدات من مساهمة الدولة في الشركة وضرائب الدخل والأرباح، من جهة أخرى.
 
53 مليون دولار عائدات كمران
 
وكشف مصادر في كمران، أن الشركة ورّدت إلى خزينة الدولة 23.944 بليون ريال (53.2 مليون دولار) عام 2015، ضرائب ورسوم جمركية وأرباح الدولة والزكاة ورسوم الصناديق، مشيرة إلى أن "الأموال التي ستورّدها الشركة سنوياً إلى الخزينة العامة، ستذهب إلى تمويل ما يسمّى بالمجهود الحربي للحوثيين".
 
من هي شركة كمران؟
 
تأسست كمران للصناعة والاستثمار عام 1963، كشركةً مساهمةً يمنيةً مختلطة، باسم "شركة التبغ والكبريت الوطنية"، قبل تغيير اسمها عام 2012 من جانب الجمعية العمومية غير العادية للشركة، لتتمكّن من الاستثمار في مشاريع متنوّعة، وفق ما ينصّ عليه قانون الشركات اليمنية.
 
وتنتج الشركة الأكبر والأشهر في اليمن 5 أصناف من السجائر لتلبّي حاجات المستهلك المحلّي، وتصدّر إلى بعض دول الجوار، فيما تنتج "شركة صناعة السجائر والكبريت الوطنية المحدودة عدن" 4 أصناف من السجائر.
 
وطبقا لمعلومات، تملك الشركة مصنّعين للسجائر، وفروعاً في أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعدن والحديدة وعمران وذمار وحضرموت وتعز وإب، والتي تمارس من خلالها عملية بيع منتجاتها. وتستحوذ الحكومة اليمنية على 27.81 في المئة من رأس مال الشركة، البالغ 7 بلايين ريال.
 
فيما تبلغ حصة "الشركة البريطانية الأميركية للتبغ" (بات) 25 في المئة، و "البنك اليمني للإنشاء والتعمير" 13.66 في المئة، والاكتتاب العام 33.53 في المئة.


التعليقات