[ لحظة تسليم الانتقالي للمنشآت الحكومية في عدن إلى يد مليشيات تابعة له ]
في الثاني عشر من مايو/آيار من العام الجاري، نفذت جماعة الحوثي، مشهداً هزلياً لعملية إعادة انتشار في موانئ الحديدة، وذلك بعد عملية استلام وتسليم بين عناصرها والذين اختلفت بزاتهم، بين من ارتدى ملابس مدنية وآخرين ارتدوا بزات عسكرية تخص قوات "خفر السواحل".
تسليم جماعة الحوثي ميناء الحديدة لعناصرها المرتدين بزات قوات خفر السواحل، وتسمية ذلك بالانسحاب أحادي الجانب، والذي يستدعي إشادة أممية بمدى حرص مليشيات الحوثيين على السلام وتنفيذهم اتفاق الحديدة، شبيهٌ تماماً بما يجري في العاصمة المؤقتة عدن من تسليم مليشيات المجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات المنشآت الحكومية لأحد الألوية التي شكلتها دولة الإمارات تحت مُسمى لواء حماية المنشآت.
ففي الثاني عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، بثت قناة الحدث -إحدى أبرز القنوات الفضائية الإخبارية التابعة للمملكة العربية السعودية- تقريراً تحدثت فيه عن تنفيذ أولى بنود اتفاق الرياض والذي يختص بالملحق الأمني، واستلام المرافق الحكومية من قبل ما سُمي بلواء حماية المنشآت، وهو أحد ألوية قوات الحزام الأمني التي شكلتها دولة الإمارات ومولتها.
تشابهت التواريخ، واختلفت المنشآت والمحافظات، لكن تشابهت حبكة السيناريو الهزلي والذي لم ينطلِ على أحد، فما سمته مليشيات الحوثيين بالانسحاب أحادي الجانب لم ينتج عنه أي تحرك في ملف اتفاق الحديدة، ويبدو أن ما تشهده العاصمة المؤقتة عدن من مسرحية هزلية وبرعاية من المملكة العربية السعودية؛ سيجعل من اتفاق الرياض الهش قابلاً لأن يكون مثيلاً باتفاق الحديدة والذي لم يُبارح أوراق الاتفاق الموقعة في 13 ديسمبر.
ويُعد اللواء الذي يقوده المدعو أحمد مهدي بن عفيف، أحد الوية الحزام الأمني، إحدى أهم التشكيلات العسكرية المنضوية ضمن مليشيات المجلس الانتقالي والتي أنشأتها وتمولها دولة الإمارات، وتم إيكاله بمهمة تأمين محطات توليد الكهرباء وذلك قبل نحو عامين.
وبحسب مصادر مطلعة، فقد دعمت الإمارات اللواء مؤخراً بعشرات الأطقم العسكرية والعتاد العسكري واللوجيستي، ليظهر بما هو عليه الآن.
وأشارت المصادر في إفادتها لـ"الموقع بوست" إلى أن قائد القوات الإماراتية العميد راشد أبو محمد الغفلي زار قيادة لواء حماية المنشآت وذلك قبل اندلاع الأحداث الأخيرة بشهر.
وتأتي هذه التحركات للقفز على الملحق الأمني الذي تضمنه الاتفاق، وهو ما يُشير لوجود نوايا مبيتة لدى المجلس الانتقالي لإفشال الاتفاق في مهده.
وأكد قائد اللواء الرابع حماية منشآت العميد الركن سليم حيدان، أن ما يجري حالياً من استلام وتسليم للمنشآت في العاصمة المؤقتة عدن، لا علاقة له باتفاق الرياض بل هو تجاوز للاتفاق فما يجري يتم داخلياً بين قوات تتبع المجلس الانتقالي.
وأشار العميد حيدان في تصريح خاص لـ"الموقع بوست" إلى أن ما اقدم عليه المجلس الانتقالي من تجاوز لاتفاق الرياض وما يتعلق بحماية المنشآت قد يؤدي لفشل الاتفاق وهو ما لا نُريده.
وتعليقاً على ذلك، قال الناشط السياسي نبيل عبدالله "ما يُتداول من أخبار تتحدث عن استلام وتسليم فهي تأتي لتؤكد استمرار الألاعيب المضحكة والفاشلة للمجلس الانتقالي ودليلٌ واضح على أن الاتفاق سيفشل، ولم يُنظر له من جهة الانتقالي له إلا كاستراحة محارب".
وأضاف عبدالله في حديثه لـ"الموقع بوست": "نرى أن الانتقالي ليس طرفاً في هذا الاتفاق حتى وإن أدى هذا الدور، ولكن الإمارات العربية المتحدة هي صاحبة القرار والسؤال المناسب هو هل ستعمل الإمارات على إنجاح الاتفاق أو ستعمل على إعاقته؟".
الناشط السياسي نبيل عبدالله
وأردف: "شخصياً غير متفائل، ولكن نتمنى أن يكون لها وللتحالف بشكل عام دور إيجابي وملموس فالوضع المعيشي لملايين المواطنين في انحدار مستمر ووصل لحدٍ لا يُطاق".
وأشار الناشط السياسي نبيل عبد الله إلى أن منظومة التحالف للأسف باتت جزءاً من المشكلة اليوم، فهو من صنعها وهو من يصنع الحل ليقولوا للعالم ها نحن ذا نُحقق إنجازاً ولا يصاحبنا الفشل باستمرار.
العميد سليم حيدان قائد اللواء الرابع حماية منشآت – الأول من اليمين
بدوره، قال رئيس التحالف الوطني الجنوبي الشيخ وليد ناصر الفضلي، إنه وبعد مرور نحو أسبوعين على اتفاق الرياض لم يظهر على السطح ما يُشير لوجود نوايا صادقة لدى المجلس الانتقالي وهو الممُثل الرسمي للسياسة الإماراتية في المحافظات الجنوبية، وما سكوت الحكومة الشرعية عما يجري إلا تعبيرٌ عن حالة الرضا التي تُبديها المملكة العربية السعودية والتي باتت وصية على الحكومة اليمنية التي تستضيفها.
الشيخ وليد الفضلي - رئيس التحالف الوطني الجنوبي
وأضاف الشيخ الفضلي أن "السعودية ومعها دولة الإمارات تتعاملان مع الأطراف اليمنية من منطلق الوصي، وهو سبب تحفظنا نحن في التحالف الوطني الجنوبي على الاتفاق المبرم في الرياض".
وأوضح أنه في الحقيقة يأتي هذا الاتفاق ضمن سياسة تبادل الأدوار بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات وكنتيجة لتصادم مشاريع التحالف بجناحيه في اليمن، مُشيراً إلى أن "هذا الاتفاق هو وسيلة لتدارك الخلافات التي يبدو أنها وصلت إلى آخر مراحلها واستغلت فيها الأطراف اليمنية المتنازعة لتمرير مشاريعها التوسعية؛ لذلك كان من الواجب علينا الاصطفاف بعيداً عن تلك المشاريع الواهية البعيدة عن حفظ السيادة للبلاد والمواطنين، وإبداء موقفنا المتحفظ من هذه المفاوضات الهزلية".
وعن فشل الاتفاق من نجاحه، قال رئيس التحالف الوطني الجنوبي الشيخ وليد ناصر الفضلي إن "هذا يعتمد على ما تُريده المملكة العربية السعودية ومعها الإمارات، فكلا الطرفين مسلوبي الإرادة ومن المستبعد أن يخرجا عن النص المُرتب له مسبقاً، حتى وإن كان لدى الحكومة الشرعية طرف معارض لسياسة الحكومة الشرعية الخاضعة للسياسة السعودية، إلا أنه يظل بعيداً عن دائرة صنع القرار وهو مهددٌ على أية حال بإخراجه من مسرح الشرعية، بل واعتباره متمرداً".