[ جماعة الحوثي واستحواذها على البرلمان ]
سعى الحوثيون مؤخرا لتغيير هيئة رئاسة البرلمان، الذي كان برئاسة يحيى الراعي القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام الجناح الذي أصبح لاحقا تابعا للجماعة.
في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني، تم إجراء انتخابات غير علنية لتجديد رئاسة هيئة البرلمان، تنافس فيها على الرئاسة الراعي والناشط الحقوقي أحمد سيف حاشد.
فاز الراعي في تلك الانتخابات، وعبده بشر نائبا لرئيس المجلس، خلفا للقيادي ناصر باجيل الذي انضم للحكومة، إضافة إلى انتخاب أكرم عطية وعبد السلام الأشول في هيئة نواب المجلس.
وبرغم وضوح نتائج الانتخابات، إلا أنها كما يبدو لم تنل رضا جماعة الحوثي، فقد تم إغلاق مقر البرلمان وتعليق أعماله من قِبل الجماعة.
وتحدثت سابقا مصادر برلمانية لـ"الموقع بوست" عن وجود خلافات حادة بين الحوثيين وقيادات حزب المؤتمر هناك، ورغبة الجماعة بالسيطرة على البرلمان.
اللافت في الأمر أن هذه الانتخابات هي مخالفة للوائح الداخلية للمجلس كونها جرت دون اكتمال النصاب الذي يتطلب ما يزيد عن 153 عضوا من القادرين على الحضور، فضلا عن أن الحوثيين يعقدون جلسات البرلمان دون توفر ذلك الشرط.
وعاد البرلمان في صنعاء لاستئناف جلساته في الخامس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في ظل حديث إعلامي عن حل الخلافات بين الحوثيين والقيادي في المؤتمر الراعي.
إهانة رمزية البرلمان
برغم أن البرلمان أصبح تحت سيطرة الحوثيين وأغلبهم أصبحوا أتباعا للجماعة ومن بينهم حتى قيادات وأعضاء في حزب المؤتمر الذي تفكك كثيرا بعد مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إلا أن تلك الجماعة تصر على الاستحواذ عليه والاستمرار بعقد جلساته وإن كان دون اكتمال النصاب القانوني لانقسام الأعضاء بين مؤيدين لهم أو للحكومة.
يفسر ذلك المحلل السياسي محمد الغابري بقوله إن ما يجري في البرلمان هو بدافع محافظة الحوثيين على واحدة من الشكليات المخاطب بها الخارج لتعزيز حضورهم.
واستغرب الغابري في حديثه لـ"الموقع بوست" من تدخل الحوثيين بطرق تعلو حتى على البرلمان بطريقة معلنة، آخر تلك الممارسات كان إغلاق مقر المجلس.
وقال إن الجماعة لم تدعُ إلى انتخاب هيئة رئاسة المجلس، وهي تريد تشكيلها بأوامر من خارج البرلمان (يقصد قيادات الحوثيين).
ورأى الغابري أن الجماعة تمارس سلطتها على ما تبقى من مجلس النواب، مؤكدا أن الإهانة لرمزية البرلمان مقصودة من الجماعة التي تعتقد أن سلطتها فوق سلطات الدولة جميعا بما فيها النيابية.
وخلص الغابري إلى القول إن جماعة الحوثي تريد إثبات أن سلطتها فوق سلطة المجلس، وليس مهما تفاصيل الصراع على موقع رئيس المجلس الذي ربما كان سبب التداعيات الأخيرة.
إزاحة المؤتمر ومصالح الحوثيين
ومن وجهة نظر الصحفي كمال السلامي، فإن الخلافات داخل برلمان صنعاء "غير الشرعي" تأتي استكمالا لسيطرة الحوثيين على تركة حزب المؤتمر الشعبي العام، وإزاحة أو تحييد ما تبقى من عناصر قوة أو شخصيات فاعلة لحزب المؤتمر في كل المؤسسات، وعلى رأسها البرلمان.
وذكر لـ"الموقع بوست" أنه مؤخرا جرت انتخابات لهيئة رئاسة البرلمان، واشترط الحوثيون مقابل بقاء الراعي رئيسا لبرلمان صنعاء، أن يتم تعيين أغلبية نواب رئيس البرلمان من الأعضاء المحسوبين عليهم، لكن الأعضاء المحسوبين على المؤتمر انتخبوا آخرين ما تسبب في سقوط نواب المؤتمر.
أدى ذلك -وفق السلامي- إلى توجيه رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي مهدي المشاط إلى تعليق جلسات البرلمان، كون الجماعة شعرت بأن نواب المؤتمر لم يستوعبوا حقيقة أن المطلوب منهم مشاركة صورية فقط، أما شراكة حقيقية فالجماعة تعتقد أن الحزب لا يستحقها، خصوصا بعد ما حدث في ديسمبر 2017 وقتلها للرئيس السابق صالح الذي كان رئيسا للمؤتمر.
ويعتقد السلامي أن الحوثيين يحتاجون البرلمان لمنح سلطتهم شرعية شعبية، من خلال إظهار أنهم والمؤتمر (جناح صنعاء) في خندق واحد، إضافة إلى أن الجماعة حريصة على تفعيل البرلمان، لاستصدار قرارات تصب في مصلحة الجماعة، مثل تشكيل هيئة الزكاة، التي تضمن الخمس وغيرها من القرارات التي تسعى الجماعة لشرعنتها عبر البرلمان.
وبالرغم من أن جلسات البرلمان في صنعاء غير شرعية، إلا أن دلالة استمرار عقد الجلسات يحسب للحوثيين، في مقابل فشل الشرعية في عقد جلسات البرلمان في مناطق سيطرتها، على حد قوله.
ومنذ سيطرة الحوثيين على الدولة عام 2014، توقف عمل البرلمان فترة طويلة ثم عاود استئناف جلساته وهو منقسما، فقد انضم كثير من أعضائه إلى الحكومة اليمنية، وظل آخرون من المؤتمر مؤيدين للرئيس صالح لكن بعد موته أصبح الكثير منهم أتباعا للجماعة.
ونقلت الحكومة مقر البرلمان إلى عدن منتصف 2017، لكنها لم تقم بتفعيله برغم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسات، وهناك مخاوف من أن يتم توظيف المجلس في قضايا لا تخدم البلاد كما تفعل جماعة الحوثي في ظل ضعف الدولة الحاصل.