رفيق السلم والحرب.. السلاح يسابق الحقائب على أكتاف طلاب جامعة مأرب (تقرير)
- مأرب - محمد حفيظ الإثنين, 28 ديسمبر, 2020 - 08:44 مساءً
رفيق السلم والحرب.. السلاح يسابق الحقائب على أكتاف طلاب جامعة مأرب (تقرير)

[ ظاهرة حمل السلاح في مأرب لدى طلاب الجامعة ]

على مدخل جامعة إقليم سبأ في محافظة مأرب، يتزاحم الطلاب وعلى أكتافهم حقائب الجامعة وأسلحة الكلاشنكوف في مظهر وكأنك في أحد أسواق السلاح الرائجة في البلاد.

 

طلاب وطالبات شباب بحيوية وبنهم يكتظون في قاعات الجامعة الضيقة، ذلك ما تبدو عليه الصورة في الجامعة من الداخل لكن خارج أسوارها تتضح حقيقة أخرى لا تظهر على العابرين بل على الباحثين عن حقيقة أعمق مما تراها العين في أول نظرة.

 

على بوابة الجامعة يتجمع الطلاب أثناء الصباح وعند مغادرتهم من الجامعة بشكل كبير أمام المحال التجارية والمكتبات يحملون الأسلحة المختلفة، يضعونها في تلك المحال بتأمين مادي حتى خروجهم ثم يرتدونها عائدين إلى مبتغاهم.

 

وعند الظهيرة يحتشد الطلبة حاملين على أكتافهم أسلحة وحقائب في مشهد وكأنك أمام مؤسسة عسكرية دعت للتعبئة العامة في منطقة حرب.

 

 

اعتاد طلاب الجامعة حمل السلاح إلى جوار حقائبهم أثقالا يبحثون من خلالها عن أمان لبناء مستقبلهم الضبابي في ظل الحرب التي تشهدها محافظة مأرب.

 

طلاب ترافق مستلزمات تعليمهم، أسلحة لا تفارقهم إلا أمام قاعات محاضراتهم ترص بعشوائية على أدراج البقالات والمكتبات إلى جوار المواد الغذائية وملازم الطلبة.

 

تتزاحم قطع السلاح المتنوعة في أدراج وقاعات المحال التجارية أمام بوابة الجامعة والمخصصة لتأمين سلاح الطلاب، ليجني التجار من خلفها الآلاف من الأموال كل يوم دون تصريح أمني من جهة الاختصاص لبعض المحال التي تعمل على تأمين أسلحة الطلبة.

 

 

ظاهرة حمل الأسلحة والتجول بها داخل عواصم المدن، مخالف للقانون، لكن القانون لم يحدد نصا من يحق له تنظيم عملية تأمين الأسلحة وكيفية عملية التأمين لكنه يحدد نصا بتحريم حمل الأسلحة داخل عواصم المدن والمنشآت الحكومية والعامة إلا بتصريح حمله من قبل وزير الداخلية أو من ينوبه أو يقوم بتكليفه وزير الداخلية، وفقا للقانون.

 

خمسة محال تجارية من بقالات ومكتبات هي التي تعمل على تأمين سلاح الطلبة أمام جامعة مأرب كل محل يأمن كل يوم من 30 إلى 40 قطعة سلاح على كل قطة منها يدفع الطلبة مئة ريال كل يوم، حسب تصريح عدد من ملاك المحال التجارية التي تعمل على تأمين الأسلحة.

 

ويستطيع أي محل تجاري العمل في تأمين الأسلحة لكسب المال دون أي عائق قد يواجهه من قبل جهة مختصة أو رسمية وذلك ما قد يؤدي إلى فوضى حرب أو تعرض أحد تلك المحال لهجوم من جهة ما بسبب الأسلحة، مما قد يؤدي إلى مجازر في أوساط المدنيين والطلبة.

 

 

 (م . ع) -فضل عدم الكشف عن هويته- أحد العاملين بتلك المحال التجارية أمام الجامعة التي تأمن السلاح للطلاب يقول لـ"الموقع بوست"  إنه يجني كل يوم ما لا يقل عن ثلاثة آلاف ريال وتزيد أحيانا، وأيام الامتحانات غالبا إلى أربعة آلاف ريال في اليوم الواحد، وذلك مقابل تأمين من 30  إلى 40 قطعة سلاح في اليوم.

 

ويتكرر عدد القطع نفسها في الخمسة المحال التي تعمل على تأمين السلاح أمام الجامعة والتي مررنا بها وأحصينا عدد قطع السلاح فيها حيث يكون مجموع قطع سلاح طلبة جامعة مأرب في المحال أمام الجامعة  يصل في اليوم الواحد من 150 إلى 200 قطعة سلاح كل يوم حسب الإحصائية المحصورة لأحد أيام الأسبوع الأخير من العام 2020.

 

يتقاسم المصروف مع سلاحه

 

"حمل السلاح بات أمرا طبيعيا بالنسبة لنا كطلاب نعيش في محافظة مأرب" يقول الطالب في كلية العلوم الإدارية بالجامعة صقر الصريم (22 عاما) والذي يحمل سلاح كلاشنكوف.

 

في حديثه لـ"الموقع بوست" يقول صقر إن "حمل السلاح بات بشكل يومي كرفيق درب لا يفارقه إلا أمام قاعات المحاضرات، كون ذلك ممنوع عنهم إدخاله إلى الجامعة، لكنه رفيق ينتظر على بوابة الجامعة".

 

 

وفي كل صباح ينطلق صقر برفقة سلاحه وجعبة مخازن ذخيرة ذلك السلاح بجوار كتبه وأقلامه إلى الجامعة ليبقى رفيقه السلاح في أحد المكتبات في التأمين حتى الخروج من الجامعة ظهرا، ليتقاسم مع سلاحه أيضا صرفته اليومية التي يدفع منها مئة ريال كتأمين للسلاح، ثم يعود برفقة السلاح إلى المنزل أو الذهاب إلى جبهات القتال، حد قوله.

 

وتحدث صقر عن أسباب حمل السلاح كونه جندي التحق في أحد المعسكرات وأحد جنود الجيش في جبهة مأرب المشتعلة.

 

يعتبر صقر حمله للسلاح هو للدفاع عن مأرب وعن الوطن بالإضافة إلى استمراره في بناء مستقبله في مواصلة التعليم الجامعي، هو واجب وطني وديني في ذات الوقت، بالإضافة إلى الثارات القبلية التي عملت على استمرار طلاب جامعة إقليم سبأ في حمل السلاح ومرافقته لهم إلى أبواب جامعتهم.

 

ويعتبر صقر أن سلاحه الكلاشنكوف هو أحد مستلزمات يومه المعتاد إلى الجامعة أو العمل أو جبهات القتال بالإضافة الى الكتب والأقلام وحقيبته الجامعية.

 

يشير إلى أن حمل السلاح بواسطة الشباب الجامعي في مأرب أصبح ثقافة من الصعب التخلي عنها أو تركها، ولا يمكنه الخروج من منزله إلى أي مكان دون رفقة سلاحه الكلاشنكوف الذي يتفاخر بنوعيته وشكله وتأريخ تصنيعه القديم بين زملائه الذين يحملون الكلاشنكوف حديثة مثل الجتري والإم فور والصربي، بينما سلاحه يسميه "حمدي" وهو مسمى يمني يطلق على نوعية قديمة من الكلاشنكوف الروسي الصنع.

 

يرجع صقر أسباب حمله وزملائه السلاح أثناء ذهابهم إلى الجامعة قرب جبهات القتال من المدينة وفي أطراف المحافظة، وذلك يستدعي حمل السلاح باستمرار حيث قد تستدعي الضرورة الخروج من الجامعة إلى جبهة قتال معينة أذا ما اشتدت المعركة ضد الحوثيين الذين يحاولون دخول مأرب، حد وصفه.

 

تلبية نداء الوطن والثأر

 

يقول صقر إن ثقافة حمل السلاح في أوساط المواطنين بمأرب ليست وليدة اللحظة، بل متجذرة في نفوس الأجيال بسبب التكوين القبلي القديم في مأرب وبعض المحافظات اليمنية التي تطغى عليها التكوينة القبلية، ولكن -حسب صقر- فإن الوضع الراهن في البلد الذي يشهد حربا عنيفة منذ ست سنوات زاد من حمل السلاح في أوساط الجميع دون استثناء، وأن الحرب أوجدت العديد من أنواع الأسلحة الرشاشة الخفيفة، وليس الطلاب ببعيدين من ذلك بل باتوا الفئة الأكثر حملا للسلاح في كل مناحي حياتهم.

 

 

الطالب صقر وجدناه برفقة أربعة آخرين من زملائه في ذات الكلية وجميعهم كانوا يرتدون أسلحتهم المختلفة من أمام محل كانوا قد وضعوها فيه مقابل تأمين مالي صباحا أثناء دخولهم الجامعة.

 

وفي الشأن ذاته عبد الحميد الشريفي، طالب في جامعة إقليم سبأ، هو الآخر يرافقه سلاحه إلى الجامعة كل صباح مع حقيبة مستلزماته الدراسية.

 

يعتبر الشريفي أن حمل السلاح بالنسبة له ضرورة يومية ولا يمكنه التخلي عن سلاحه ليوم واحد، موعزا ذلك أن المرحلة التي تشهدها مأرب والوضع العسكري والثارات القبلية كلها تتطلب ضرورة حمل السلاح للدفاع عن النفس أو تلبية نداء الوطن والأرض والعرض لحماية مأرب من محاولة الحوثيين دخولها في أي وقت قد يحدث.

 

وبصفته طالب لم تسقط تلك الصفة عن الشريفي فواجبه الأهم هو الحماية والدفاع عن محافظة مأرب وعليه أن يخوض معركته من أجل مستقبله ومعركة حماية مأرب والدفاع عنها من الحوثيين في آن معا، بمعركتين يخوضها في بناء مستقبله ومعركة الدفاع عن استمرار بناء ذلك المستقبل بحماية المحافظة من الجماعة الحوثية التي فتحت عدة جبهات حول مأرب وعلى أطرافها وجهاتها الأربع.


التعليقات