"نشأت".. قصة طفل فر من الجنة إلى نار التهمته وأكثر من 20 منزلا في مخيم للنازحين بمأرب
- مأرب - محمد حفيظ الأحد, 04 أبريل, 2021 - 09:14 مساءً

[ حريق يلتهم مخيمات ومساكن النازحين في مأرب ]

بللت دموعها جلبابها الأسود باكية طفلها الذي فر من بين يديها إلى النار التي التهمته أمس السبت دون رحمة، تجلس بأياد ملطخة بالسواد من آثار الحريق أم الطفل "نشأت" على أطلال ما خلفته النيران من بقايا مسكنها وخيمتها دون أن تتحدث بكلمة، تنظر إلى ما حواليها وما خلفته النيران في 27 منزلا من جيرانها في مخيم الجفينة للنازحين بمأرب.

 

وتوفي الطفل "نشأت العاقل" (5 سنوات) بعد فراره من بين يدي والدته التي حاولت إخراجه من وسط الحريق برفقة أختيه لكنه استطاع الفرار من جنة والدته إلى النار التي لم ترحم جسده الطفولي وحولته إلى جثة وجدها المنقذون متفحمة بعد السيطرة على النيران من قبل الإطفاء بعد مرور ساعة تقريبا منذ اندلاع الحريق، حسب قول المنقذين الذين شاركوا في إنقاذ النازحين.

 

 

ليس وحده "نشأت" ضحية الحريق بل فإن ست نساء أصبن جميعا بحروق مختلفة في أجسادهن إحداهن والدة "نشأت" التي حاولت مرارا المغامرة بجسدها لانتزاع طفلها من وسط النيران لولا منعها من قبل الجيران.

 

الحرائق خلفت دمارا هائلا والتهمت أثاث ومقتنيات 27 منزلا في أحد مربعات مخيم الجفينة للنازحين الأكبر في مأرب والذي يضم حوالي 5540 أسرة وبمساحة قدرها 2661 كم، بحسب منظمة الهجرة الدولية.

 

 

فر "نشأت" من الجنة إلى النار"، قال بسام عايض الحديدي مالك المنزل الذي اندلعت منه النيران إلى منازل جيرانه، ويقول إن النيران التهمت منزله بالكامل ثم انتشرت إلى بقية منازل جيرانه وبات مشردا في العراء مع أسرته الصغيرة التي قدموا إلى مأرب نازحة بسبب الحرب من محافظة الحديدة قبل خمسة أعوام، حد قوله.

 

 

في حديثه لـ"الموقع بوست" يضيف الحديدي أن الحريق شب أولا في خيمته التي يستخدمها كمطبخ ويوضح أن زوجته كانت تعد وجبة العشاء على تنور الحطب داخل الخيمة التي تطايرت حبات صغيرة من الجمر ثم اشتعلت النار في الخيمة دون القدرة على السيطرة على النار.

 

 

ويتابع "قمنا على الفور بإخراج الأطفال من الخيمة ونجينا بأنفسنا وأرواحنا واحترق المنزل بكل ما فيه وأصيبت زوجتي بحروق في وجهها".

 

أدت تلك الحرائق إلى وفاة الطفل "نشأت" وإصابة ست نساء بحروق مختلفة، ويشير الحديدي إلى أن أم "نشأت" حاولت "إخراج ابنها لكنه فر من يدها ودخل إلى أحد الغرف ولم يستطيع المنقذون إخراجه بسبب النيران المشتعلة بكثافة، ولم يخرجوه إلا بعد ما جاء الإطفاء بعد مرور حوالي نصف ساعة وسيطر على الحريق وأخرجنا الطفل وكان قد تفحم تماما".

 

 

ويصف الحديدي الحادثة بملامح حزينة بالقول إن "النيران التهمت المنازل بما فيه وأن تلك الحادثة سابقة لم تحدث من قبل في المخيم"، مشيرا إلى أن الأسر المتضررة باتت نازحة مجددا في مدرسة الوحدة في ذات المخيم دون فرش ولا دفاء ولا طعام.

 

وأردف "لم نخرج من المنازل بشيء خرجنا مثلما دخلنا لم يبق لنا شيء".

 

 

وفي السياق ذاته ناشدت إدارة مخيمات النازحين بمأرب المنظمات العاملة في المجال الإغاثي في المحافظة إلى حشد الجهود لإغاثة المتضررين من الحرائق وتوفير المأوى والغذاء لهم في أقرب وقت.

 

وقالت إدارة مخيمات النازحين -في بيان لها- إن من أسباب انتشار الحرائق في مخيم الجفينة هي المواد القابلة للاشتعال التي يعتمد النازحون عليها في بناء مساكنهم مثل القش والخيام وكذا تقاربها بل والتصاق بعضها ببعض مما يزيد من انتشار الحرائق بشكل سريع وواسع.


التعليقات