اليمنيون في الذكرى الـ31 للوحدة.. بين مبتهج متشبث بالحلم ومحبط مصاب بخيبة الأمل (استطلاع)
- تعز - أكرم ياسين / عدن - رأفت سعيد السبت, 22 مايو, 2021 - 12:01 صباحاً
اليمنيون في الذكرى الـ31 للوحدة.. بين مبتهج متشبث بالحلم ومحبط مصاب بخيبة الأمل (استطلاع)

[ مراسم توقيع الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990 ]

واحد وثلاثون عاماً مرت منذ تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو/أيار 1990، تلك الوحدة التي أنهت عقوداً من التشطير، ومثلت تحولاً سياسياً وجغرافياً في تاريخ اليمن الحديث، وعلق عليها اليمنيون آمالاً كبيرة في إنهاء حقب التمزق والاحتراب وبداية عهد يمني جديد يتسم بالوئام والنهوض الاقتصادي في ظل يمن موحد آمن ومستقر.

 

الوحدة التي دمجت جمهوريتين ونظامين شموليين متناقضين هما الجمهورية العربية اليمنية الشمالية ذات النظام القبلي المحسوب على المعسكر الرأسمالي حينها بقيادة الرئيس على عبد الله صالح وحزبه المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية بنظامها الشيوعي بقيادة الرئيس على سالم البيض وحزبه الاشتراكي اليمني الحاكم، خيبت آمال اليمنيين في الشطرين، إذ لم تكن سوى محطة أخرى في تاريخ اليمن المليء بالحروب والمؤامرات.

 

ثماني حروب وأوضاع سياسية واقتصادية مضطربة منذ تحقيقها قبل ثلاثة عقود، تمثل الحرب الحالية المستعرة منذ ست سنوات وآثارها المدمرة على اليمن وحدةً وإنساناً واقتصاد... إلخ، أخطر تلك الحروب وأشدها دماراً بإعادتها اليمن إلى حقب التشرذم والجوع والبؤس المظلمة بحسب وصف بعض من استطلع "الموقع بوست" آراءهم.

 

بين مبتهج متشبث بالحلم، ومحبط مصاب بخيبة الأمل، تحل الذكرى الـ31 للوحدة اليمنية في أجواء وظروف يغلب عليها طابع الحسرة على وطن تحولت أعياده الوطنية إلى مآتم حزينة، تمزقه مدى المطامع الخارجية ويغرق أبناؤه في مستنقع احتراب بلا قرار.

 

حقيقة أزلية

 

يقول الأكاديمي عبد الله الغزالي أستاذ التاريخ بجامعة عدن إن التاريخ اليمني القديم والحديث يؤكدان أزلية وحدة اليمن والتقسيم والتشطير هو صناعة الحملات والغزوات الاستعمارية التي تعاقبت على احتلال اليمن، ويمكن هنا الحديث عن عوامل وحدة اليمن الأربعة الرئيسية، وهي العامل الجغرافي والعامل الاجتماعي والعامل الديني والثقافي والعامل السياسي.

 

في حديثه لـ"الموقع بوست" اعتبر الغزالي أن تلك العوامل الثلاثة مثلت وتد الترابط الوثيق في وحدة اليمن عبر التاريخ، فالترابط الاجتماعي والجغرافي وأيضاً المذهب الديني الواحد أبقت على حالة التواصل رغم عوازل التشطير الذي شهدته اليمن عبر التاريخ كان سياسياً، وقال "هنا يمكننا فهم الإخفاقات التي اعترضت مسار الوحدة اليمنية باعتبارها سياسية صرفة ومن صنع السياسيين".

 

يضيف الغزالي أن الوحدة التي تحققت بطريقة سلمية في 22 مايو 1990 لبت الرغبة الشعبية الجامعة في شطري اليمن شمالاً وجنوباً، إذ وجد الشعبان حلمهما الوحدوي الذي ظل مسكوناً في النفوس لعقود طويلة حقيقة معاشة، لكن مع الأسف وكما ثبت لاحقاً أن شريكي الوحدة في الشطرين كان لهما حسابات سياسية مضمرة بعيدة عن الإجماع الشعبي وتسبح ضد اتجاه تياره.

 

اغتيال الحلم

 

في سياق مختلف يرى شهاب فضل، طالب العلوم السياسية بجامعة عدن، أن الوحدة اليمنية اغتيلت في حرب صيف 1994 تلك الحرب التي فرضت وحدة مختلفة عن الوحدة التي حلم بها شعبا الجنوب والشمال.

 

ووفقاً لشهاب فالعالم كله يعرف أن الجنوبيين كانوا الأكثر حباً واندفاعاً للوحدة وسلموا دولة بكامل هياكلها الإدارية الكفوءة والمؤهلة وقبل رئيسها على سالم البيض بمنصب نائب الرئيس رغبة في إيجاد دولة ديمقراطية تتسم بالشراكة والمساواة، لكن نظام على عبد الله صالح بطابعه القبلي المتخلف رأى في الوحدة مشروع استحواذ وعاملاً لترسيخ نظامه والانفراد بالحكم، فغدر بالوحدة وقاد حرباً لاستباحة الجنوب ونهب ثرواته وأقصى الآلاف من الكوادر الجنوبية من الوظائف الحكومية ومؤسسة الجيش.

 

وبحسب فضل فإنه وبإقصاء الشريك الأكثر تضحية من أجل الوحدة، أدرك الجنوبيون أن صالح غدر بهم، ومن لحظتها بدأت فكرة استعادة الدولة الجنوبية مطلباً لا مناص منه.

 

لا خوف على الوحدة

 

من جهته يرى السياسي اليمني والقيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة تعز عبد الله على الشيباني أن لا  قلق على الوحدة اليمنية فهي راسخة في نفوس كل اليمنيين شماليين وجنوبيين على حد سواء.

 

وقال الشيباني في حديثه لـ"الموقع بوست" إن "اليمنيين جميعا بوعيهم الوحدوي والوطني يدركون أن الوحدة بريئة براءة الذئب من دم يوسف من كل الأخطاء والممارسات الضارة التي ارتكبها نظام على عبد الله صالح، ويدركون أيضاً أن هناك قوى إقليمية يقلقها وجود يمن موحد آمن ومستقر، فتسلك كل السبل وتحيك المؤامرات للنيل من وحدة اليمن وجعله غارقاً في لجة الصراعات والتشرذم".

 

ونوه بأن الأصوات المطالبة بالانفصال (في إشارة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا) هي أصوات نشاز يصدح بها قلة ممن ارتضوا بأن يكونوا أدوات لدولة خارجية ذات أطماع استعمارية ترى مصالحها في تمزيق اليمن وإضعافه، وبالرغم من الأموال الطائلة والدعم اللامحدود الذي تقدمه تلك الدول لأدواتها المحلية إلا أن أثر ذلك ظل محدوداً مهما تشدقوا بالمظالم عن لسان حال أغلب الجنوبيين المؤيدين للوحدة.

 

واختتم الشيباني تصريحه بحتمية انقشاع سحب المخاطر السوداء المحدقة باليمن مهما تكاثفت، فهي -حد قوله- عوارض زائلة يظل الرهان في إزالتها، معلقاً آماله بالجيش الوطني الذي يتوجب على كل الوطنيين الشرفاء محبي اليمن من دول العالم دعمه في معركته المصيرية فهو وحده بعد الله القادر على استعادة الجمهورية والوحدة والأمن والاستقرار للمنطقة.

 

في رأيه المتطابق مع ما قاله السياسي الشيباني يعبر العقيد عبد الباسط البحر في حديثه لـ"الموقع بوست" عن صلابة الوحدة اليمنية كونها ثابتة، فيما التشطير متغير غير راسخ في الوجدان اليمني والدعوة له تضمحل ودعاته يحترقون ويخيب داعموهم على مر التأريخ.

 

وأضاف "غالبا فإن مشكلة اليمنيين وتباينهم ليس الوحدة كثابت راسخ، بل كيفيتها وسوء استخدامها من قبل الأنظمة الحاكمة التي تسببت في إحداث شرخ نتيجة شخصنة المنجز وسوء إدارته معاً".

 

وتابع "لعل الدعوات التي تبناها مؤخرا المجلس الانتقالي وما آلت إليه من الرفض لدى السواد الأعظم من أبناء جنوب الوطن، لهي دليل على رسوخ الوحدة الوطنية في الوجدان اليمني الشعبي ولدى النخب السياسية الضليعة في فهم الواقع والشخصية اليمنية، فلم نرَ أيا من الساسة المخضرمين ضمن مكونات المجلس وغلب عليه المتحولون نتيجة فقدان المصالح أو أصحاب الأهواء الذين لم يضربوا حساب الرغبة الشعبية والمزاج العام، إضافة إلى سوء الاستغلال والمتاجرة بشعارات الانفصال والتكسب الشخصي منه والذي فاق سوء استغلال الوحدة ذاتها، ولإزالة ذلك التباين في كيفية الوحدة فإن مخرجات الحوار الوطني عالجت القضية الجنوبية بعدالة".

 

‏ودعا العقيد البحر الى وحدة الصف الوطني ومواجهة المشروع الأكثر تمزيقا للصف اليمني الجمهوري ولنسيجه الاجتماعي المتجانس والمتعايش، مشيرا إلى أن الأخطر على الهوية والثوابت اليمنية بشكل عام المشروع الإمامي السلالي الظلامي المريض الذي تجاوز كل الخطوط ومزق كل الوشائج والاتجاه نحو يمن اتحادي جديد يتسع لكل أبنائه.

 

مجرد ذكرى

 

وفي الشأن ذاته ترى التربوية نبيلة محمد أن الاحتفال بالذكرى الـ31 للوحدة اليمنية لا يختلف عن الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر احتفال لا طعم له ويناقضه الواقع.

 

وأضافت محمد في حديثها لـ"الموقع بوست" أنه كما عاد العهد الإمامي ليحكم العاصمة صنعاء صار الانفصال حقيقة تؤكدها ممارسات مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ويمارس سلطة انفصالية تعزز مطالبه باستعادة دولة الجنوب، تلك المطالب التي يعلو صوتها ويتعزز حضورها مع مرور الزمن، بفضل قوة الدعم الذي تقدمه له الرياض وأبو ظبي التي ترى في وحدة اليمن قوة تهدد وجودها.


التعليقات