لماذا ذهب الحزب الاشتراكي اليمني الى الرياض؟
- وئام عبدالملك الخميس, 05 مايو, 2016 - 07:16 مساءً
لماذا ذهب الحزب الاشتراكي اليمني الى الرياض؟

[ الرئيس هادي مع قيادات الجزب الاشتراكي في الرياض ]

بعد أكثر من عام على انطلاق العملية العسكرية لدول التحالف العربي في اليمن والمعروفة بعاصفة الحزم، والرامية لاستعادة الشرعية اليمنية، وصلت قيادات الحزب الاشتراكي اليمني، ثالث أكبر الاحزاب السياسية في البلاد، إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث يقيم الرئيس عبدربه منصور هادي.
 
وصول قيادات الحزب يأتي في وقت تشهد فيه البلاد مشاورات سياسية تستضيفها دولة الكويت، وفي ظل تصعيد عسكري في الداخل من قبل المليشيا الانقلابية، ممثلة بالمخلوع صالح وحلفائه من جماعة الحوثي.
 
الموقف الاشتراكي يعد آخر المواقف بالنسبة للقوى السياسية اليمنية التي كانت شريكة في التوقيع على المبادرة الخليجية، وفي حكومة الوفاق الوطني، ومؤتمر الحوار، و التي أيدت لاحقاً الشرعية السياسية للرئيس هادي، بعد الانقلاب المشؤوم الذي نفذته جماعة الحوثي والمخلوع صالح داخل اليمن في الـ21 من سبتمبر/ايلول 2014م.
 
 ويكون الحزب بهذا الموقف قد التحق  ببقية الأحزاب السياسية التي دانت الانقلاب، وأعلنت تأييدها للرئيس هادي كحزب التجمع اليمني للإصلاح، والتنظيم الوحدوي الناصري، والمؤتمر الشعبي العام الموالي للرئيس هادي.
 
وتعد هذه الخطوة تطورا ملفتاً في مسيرة الحزب، الذي وجهت له الاتهامات في السابق بالتواطؤ مع جماعة الحوثي والتماهي مع انقلابها في البلاد.
 
في الرياض
 
 في الرياض التقى الوفد بالرئيس هادي، الذي ذكر الحزب بمواقفه الوطنية، ودوره السابق في العمل الوطني.
 
 وأصدرت قيادات الحزب بيانا جددت فيه تأكيدها على دعم الشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس كرمز "باعتبار ذلك ضرورة وطنية لاجتياز المخاطر المحدقة باليمن، والناجمة عن العملية الانقلابية لتحالف مليشيات المخلوع والحوثي، الذي اغتصب مؤسسات الدولة ونهبها، ونفذ اجتياحا عسكريا شمل كافة مناطق اليمن لفرض حالة من الغلبة والاستعلاء على أبناء الشعب اليمني في مختلف المناطق" وفق تعبير البيان الذي جاءت لغته مختلفة تماما عن تلك التي كتبت وقيلت في صنعاء.
 
كان اللقاء بالرئيس هادي كما وصفه بيان الحزب صريحا وواضحاً، أعلن فيه الحزب عن "تأييده المطلق للمقاومة الشعبية" التي قال بأنها "تصدت في المناطق المختلفة لآلة العدوان الغاشمة لقوى الانقلاب".
 
والملفت في الأمر أكثر هو ترحيب الحزب وتأييده لما أسماه "الدور الأخوي لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، التي لم تتوانَ عن تقديم الدعم للشعب اليمني، والتصدي للآلة العسكرية لقوى الانقلاب، وذلك من خلال إطلاق عاصفة الحزم والامل، التي حدت من افتئات قوى السلاح والغلبة للتحالف الانقلابي".
 
توضيح مقاصد
 
كان هذا البيان كافياً لتوضيح موقف الحزب، وتعزيز مقاصده الوطنية، وتحديد قناعاته الجديدة، وعكس قابليته للتناغم مع المستجدات الجديدة والقادمة، وقطع فيه الحزب علاقته بالماضي الذي خلفه في صنعاء، وأعرب عن جاهزيته للإخصاب السياسي من جديد.
 
ولعل أهم ما يلفت الانتباه في بيان الحزب، هو التعبير بوضوح عن موقفه من الأحداث التي شهدتها وتشهدها اليمن منذ أكثر من عامين، وانتقاله من مربع المبادرات والرؤى والبيانات السياسية التي قدمها وأعلنها الحزب من حين لآخر، وهو يقف في الوسط بين الأطراف، إلى مربع الشراكة الفعلية والانحياز الواضح لموقف الشرعية.
 
كل هذا المعطيات تذهب للتأكيد بأن الحزب بات على موعد مع دور سياسي قادم في اليمن، في إطار المنظومة السياسية للشرعية اليمنية التي يقودها هادي، بعد إزالة سوء الفهم الذي حام حول الحزب في السابق.
 
ويبدو أن التطورات المتسارعة في المشهد اليمني منذ تعيين الفريق الركن على محسن الأحمر نائباً للرئيس، وإعفاء نائبه ورئيس الحكومة السابق خالد محفوظ بحاح قد فرضت واقعاً جديداً، وعجلت بعملية التقارب بين مختلف القوى السياسية، وبالتالي فإن جزء كبيرا من عملية التباحث التي ستكون في أجندة الحزب بالرياض لن تذهب بعيدا عن هذه النقطة، إن لم تكن هي محورها.
 
انخراط الحزب الاشتراكي والتئامه مع الشرعية في هذا التوقيت، يشير إلى دور سياسي سيلعبه الحزب في القريب، وهو دور يتناسب مع طبيعة الحزب التي لم ترتبط بالأعمال العسكرية ميدانياً سواء في إطار المقاومة الشعبية، أو الجيش الوطني للدفاع عن الشرعية.
 
هذا الدور سيعزز بشكل كبير جناح الشرعية السياسية للرئيس هادي، وسيقلص من حجم القوى المحسوبة على الانقلابيين، وسيشجع في المضي نحو صياغة علاقات جديدة للمنظومة السياسية ترتكز على الشراكة في الحكم من منطلق سياسي بحت.
 
رؤية
 
يقول المحلل السياسي فتحي أبوالنصر :" في ظل الظروف المعقدة، تشير التوقعات إلى احتدام المنافسة على السلام، فالحرب أرهقت الجميع، وهي فرصة مواتية لإدراك الأولويات"، لكن "انعدام الثقة في أطراف الشأن العام هو ما يفسد المساعي حتى اللحظة".
 
مضيفا:" من هنا فإن تلبية القيادة العليا للحزب الاشتراكي لدعوة الرئيس، تأتي في سياق تفعيل محاولات صد العوائق، فالحرب أفضت إلى نتيجة ثابتة بالنسبة للانقلابيين والشرعية على حد سواء، وهي حرب تدور في نقطة واحدة، وهذا هو الواقع، فيما فاقمت من الأزمة وخطورتها".
 
وأوضح أبوالنصر في تصريحه لـ(الموقع): "الأسوأ من ذلك هو عدم عودة السياسة، ذلك ان السياسة عندما تتصلب الحرب، بإمكانها التعبير اللائق عن فضاعات وخسائر ما وراء استمرار الحرب، فضلا عن الايجابيات الممكنة من ما وراء استعادة السياسة".
 
 ويواصل أبو النصر حديثه، وهو أحد القيادات في الحزب الاشتراكي:"ولعل الغريب في هذا كله، هو أن هناك وسائل إعلام غير منصفة تتحدث أن الحزب الاشتراكي، انضم للشرعية الآن فقط، وهذا كلام مجافٍ للحقيقة، فالاشتراكي لديه تصوراته لحل الأزمة الوطنية قبل الجميع، وتحت سقف القرار الأممي 2216". حد قوله.
 
ويؤكد على ضرورة "أن يعرف الجميع جذر الصراع الناشب في البلد وطبيعته السياسية، والأهم كما يأمل الاشتراكي إدراك مخاطر تطييف الصراع وحرفه ليصير صراعا بين مشروع اللادولة واللادولة، بدلا من أن يكون صراعا بين مشروع اللادولة والدولة".
 
اتجاه آخر
 
بالنسبة للمحلل السياسي عبدالرقيب الهدياني فإنه يرى أن:" موقف الحزب الاشتراكي الجديد لن يفيد الشرعية، ولن يضعف الانقلاب، لكنه مفيد للحزب نفسه، وهو يحاول أن يسجل نقاطا سياسية، وأن كانت في الوقت بدل الضائع، لكنها مهمة في حسابات الاتفاقات القادمة ومسار التسوية، الذي ستفضي اليها المفاوضات إن نجحت، أو الحسم العسكري لصالح الشرعية الذي لابد منه".
 
ويوضح الهدياني في سياق تصريحه حديثه لـ(الموقع):" هناك تصدعات في قرار الاشتراكي، بعد أن سمعنا بيانات من قياديين أمثال محمد غالب أحمد عضو مكتبه السياسي، ينتقد مواقف حزبه المتماهية مع الانقلابيبن، وهناك استقالات حصلت كردة فعل احتجاجية، والموقف الأخير للاشتراكي الداعم للشرعية هو محاولة لإصلاح سمعته".
 
وذكر الهدياني أن:" بعض الأحزاب تظن أنها تلعب سياسة في مواقفها المتأرجحة، لكن التردد والتأرجح بين نقيضي الانقلاب والشرعية لا يمكن وصفه إلا بالإفلاس".
 
 


التعليقات