فاروق المفلحي

فاروق المفلحي

كاتب يمني مقيم في كندا

كل الكتابات
لإجتثاث المخيف
الخميس, 28 يناير, 2016 - 07:52 صباحاً

دعوني أولا وقبل ان اسوق دفاعياتي من مغبة الاقصاء والإجتثاث، أعود الى كوارث انسانسة تسببتها الإجتثاثات، وكيف كان وبالا على من مارسه فأرتد على فاعله فدمره ودمر معه السلام الاجتماعي وفرص التعايش وبناء الوطن.
 
وكمثال، فلقد حاول بنو أمية إجتثاث خصومهم ولكن دارت بعد حين الدوائر، فأتى عليهم العباسيون واجتثوهم وبلغ بقسوة العقوبة التي مارسها أبو العباس السفاح أول خليفة عباسي انه امر بنبش قبور بني امية وجلد هياكلهم العظمية.
 
صحيح أن الكثيرين يعيشون حالة من الحنق، ويتمنون اجتثاث اعدائهم ومن نكّل بهم، لكن قبول الخصم دون تصفيته ولو على مضض يساعد في بناء الوطن وفي تضميد جراحات الأمة ويوفر فرصة تعايش مستدامة.
 
لذا فمن الواجب التأمل في التعايش وعدم الاقصاء والتفكير في المشاريع الاتحادية وهي أعظم تجارب نجاح إنسانية وإقتصادية، وبرغم كل التشكيكات ورغم الألم الذي يعاني منه البعض، جرّاء الويلات التي تسببتها الوحدات الاندماجية من حيث الإلحاق والتهميش والظلم سواء في اليمن او في باكستان او الجمهوريات الروسية سواء في البلطيق او آسيا التي تعرضت للتهجير القسري في الحقبة الإستالينية.
 
ولقد توقفت عند تصريح أدلى به معالي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية عبد الملك المخلافي حيث أوضح أن مبعوث الأمم المتحدة لليمن من المتوقع ان يعود إلى صنعاء لبدء إقناع الجماعات الانقلابية للجلوس إلى طاولة المفاوضات، والمضي في بناء مراحل بناء الثقة، وأكد معاليه أن الحكومة مستعدة للذهاب إلى حل سياسي واستكمال المفاوضات نحو دولة يمنية اتحادية.
 
والحقيقة الصادعة ان دول التحالف قادرة على صنع النصر المبين، ولكن هناك من يذكر ان المواقف تتغير بفعل الظروف وعامل الزمن والمستجدات، وأقتراب الخصوم من بعضهم فلقد تغيرت ايران وتغيرت امريكا في التعامل اليوم ومن كان يتوقع هذا قبل سنوات، وهناك من يتوقع في حالة أتفاق سلام في اليمن تجاوز بعض هذه التشددات من قبل الاطراف وعدم التمسك بحرفية بنود وقرار مجلس الامن فهو قرار بل بعض حروف وجُمل! بينما نحن امام موت ودماء ودموع ومصير ووطن سيذهب كما ذهبت سوريا أدراج الرياح.
 
ولقد ضربت لكم مثلا من التاريخ القديم وفي حادثة إجتثاث بني أمية لخصومهم فجاء الدور عليهم ليجتثهم العباسيون. وفي تاريخنا الحديث نذكر بأرض -الرافدين- وبعد ما يسمى -بتحرير العراق-! حيث أجتثوا -المحررون- حزب البعث الحاكم الذي كان يشكل نخبة النخب في العراق، فاتوا على قياداته وقواعده من مداميكها! وكانت الكارثة ان العراق خسر بعدها أمنه وأمانه وسلامه ولحمته، وهو الى اليوم يعيش الويل والثبور بسبب هذه الكارثة.
 
لقد سالت أحد السوريين اللاجئين في -كندا- هل كنتم تتوقعون النصر الكاسح على بشار الأسد ونظامه ؟ فكان رده ! اين بشار الأسد؟ ليتنا تحملنا غلائب النظام وقهره على ان نموت في عرض البحار ونعيش اليوم مشردين في كل بقاع الدنيا .فنحن اليوم ضعنا وضاعت ودمرت كل سوريا ولن تعود الينا بعد هذا الخراب المهين.
 
*كاتب وشاعر يمني مقيم في كندا.
 

التعليقات