المغتربون... النجدة في زمن الحرب
الأحد, 26 مارس, 2017 - 05:17 مساءً

من السهولة بمكان إشعال الحروب وخوض غمارها العشق الدائم لمدمني رائحة البارود وتجارها، فذلك هو ديدنهم وديدن المليشيات الخارجة عن قانون البشر والطبيعة في كل زمان ومكان، المليشيات التي تتضخم وتعيش على أوجاع الضحايا وترتوي دموعهم وترقص على جثثهم جنوناً وجهل، لكن في المقابل من الصعوبة بمكان تحمل تبعات تلك الحروب وإدراك مخاطرها على المدى القريب والبعيد، خصوصاً الجانب الإنساني المعيشي لمن وقعوا ضحية الصراع الدائر في اليمن، دون أن يكون لهم ناقة فيها ولا جمل سواء المتعلقة بأهدافها المنتظرة أو حتى بإشعالها.
 
  ومن هذا المدخل نجد أن الأحداث المأساوية التي يكابدها الشعب اليمني لما يزيد عن ثلاث سنوات من الانقلاب والحرب الكارثية التي تدور رحاها في وطننا قد ألقت بظلالها على الوضع المعيشي لغالبية المجتمع اليمني بمختلف طبقاته الاجتماعية وخصوصا ذوي الدخل المحدود من الموظفين الذين فقدوا الرواتب، والعمال المشتغلين بالأجر اليومي الذين قذف بهم القدر إلى مهاوي الفقر والحرمان المخيف.

جميعنا يعلم بل ويلامس الحالة الإنسانية التي أوقعتها الحرب على مجتمعاتنا منتجة الخراب المتواصل، وهناك الكثير من الحالات الإنسانية التي تم التطرق لها في مختلف قنوات التواصل الاجتماعي، وتم عرضها على فاعلي الخير من قبل العديد من النشطاء رغبة منهم في مسح دمعة يتيم وإسكات أنين مريض أو سد رمق جائع، وهنا وكعادة المجتمع اليمني العائش وخصوصاً  المغترب اليمني  كان في الأرجاء مبادر ومعطي  وصاحب اليد البيضاء التي مسحت رؤوس اليتامى وزرعت البسمة على محياهم والشفاه، كما واست كل مثخن بالجراح فكانت له بلسما، وإلى معدة  غذاءً فأعادت إلى عروقه الحيوية والحياة.
 
هو المغترب اليمني إذن، الذي لم ينسلخ يوما عن مجتمعه ومحيطه، فكان جسده وقلبه معلقاً بوطنه، كان للمغترب اليمني في مرحلة السبعينات الدور الأبرز في رفد الاقتصادي اليمني حالة الرفاه التي سادت إبان حكم الشهيد الحمدي، لأن المغترب اليمني كان يرفد خزينة الدولة بأكثر من أربعة مليارات دولار وفقا للإحصائيات الرسمية وقتئذ، واليوم وفي ظل هذه الظروف العصيبة نجده فاعل الخير الأول، إذا أظلمت الدنيا على إخوانه وجيرانه ومنطقته فكان هو الضوء الكاشف للعتمة، والخير الناشر للبسمة، والدليل الهادي لمن ضل في طريق البؤس والحرمان.
 
خلال هذه الحرب، دُشنت الكثير من الصناديق الخيرية في مختلف المديريات والعزل والقرى، وسيرت العديد من القوافل الغذائية للمحتاجين والمتضررين جراء هذه الحرب، وكان كل ذلك بفضل المغتربين الذين حملوا على عاتقهم إغاثة أهلهم وذويهم في الداخل، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كان المغترب من أبناء شرعب السلام السباق في ذلك العمل الخيري، وكانت منطقة الأكروف في الصدارة، حيث شكل ابناؤها المغتربون صندوقا خيريا لدعم المرضى في المنطقة والذي استفاد منه المئات من المرضى المعدمين، ولم يتوقف الأمر عند هذا فحسب، بل عملوا على تسيير قوافل غذائية شهرية الى جميع المحتاجين الذين ازداد عددهم بشكل مذهل نتيجة للأوضاع وآثار الحرب في مدينة تعز التي أدت إلى الهجرة العكسية من المدينة إلى الريف.
 
السلام على الأيادي البيضاء في كل شبر في بلاد المهجر، وعلى كل مغترب ارتبط بأرضه وشعبه وبذل  من كده وعرق جبينه لإخوانه وأهله الذين جار عليهم الزمان وفتكت بهم صروف الدهر، السلام على الضوء الذي بدد عُتمة الفقر والعوز والحرمان، وأشعل مصابيح الخير في طرق المعوزين على امتداد مساحة الفاقة والحاجة والفقر..
 
 

التعليقات