شرعية ومقاومة وتحالف !!
الثلاثاء, 18 أبريل, 2017 - 10:28 مساءً

لا يستقيم الظل والعود أعوج . وبدلا من إنهاك القوى المختلفة نفسها في الاستماتة في إقامة الظل ، يتوجب عليها تعديل العصا باعتباره أصل ومصدر الخلل والانحراف .
 
وما ينطبق على العصا ينطبق ايضا على السياسات ، فحين ينحرف الأداء السياسي عن مساره الصحيح ، يكون ذلك ، على حساب الأهداف والغايات المراد بلوغها .
 
ففي هذه الحالة تستزف كثير من الموارد والقدرات والوقت وفي الناحية الخاطئة .
والمطلوب الان ، رؤية سياسية واحدة وواضحة ، وتحالف سياسي يستعيد ﺍﻻﻃﺮﺍﻑ المحسوبة على السلطة الشرعية من حالة الشتات الذهني والمنهجي والفكري والسلوكي ، الى جادة الدولة المنشودة ، باعتبارها الغاية الأهم ، وينبغي ان تسخر لها الإمكانيات والموارد والجهود .
 
طبعا ، هذه ﺍﻻﻃﺮﺍﻑ المنضوية تحت عباءة الشرعية هي عديدة ، وان احتمت بعناوين ثلاثة رئيسة " شرعية ومقاومة وتحالف " .
 
فحين اجتمعت الإرادة والرغبة والهدف والسلاح في بوتقة واحدة ، كان ولابد ان تتحرر محافظات شاسعة وخلال مدة وجيزة . 
 
لكن ، وعندما تعددت الإرادات والرغبات والغايات وسلكت دروبا مختلفة متنافرة في أحايين عدة ، كانت النتيجة ، بلا شك ، محبطة ومتجسدة في اخفاق فاضح ، وفي نواحي اعادة الأعمار ، ودمج المقاومة ، واستعادة المؤسسات والخدمات ، وتفعيل اداء سلطات الدولة ، وبسط نفوذها على كامل المحافظات المحررة .
 
المتأمل في الحالة الراهنة لا أظنه سيحتاج الى دليل أثبات لتفسير حالة التعثر في هذه المحافظات ، على وجه الدقة .
 
وكي أكون منصفا ، فهذا التعثر ، يعد نتاج لثلاثة قوى اساسية ، تشاطرت عسكريا ، مهمة التحرير ودحر القوى الانقلابية ، واختلفت سياسيا حول طبيعة المهمة التالية للتحرير .
 
نعم ، هذه الوضعية المعقدة كان يستلزمها قادة سياسيون بارعون ، ذخيرتهم الأفكار والرؤى والأساليب والقدرات ، ما تؤهلهم للتأسيس لفكرة التوافق السياسي المرحلي ، كخيار وبديل جامع ، يمكنهم من مواجهة تعقيدات اللحظة التي لم تكن بحسبان فرقاء الأمس ، اصدقاء اليوم .
 
فالسياسة لها من الأدوات والأساليب ، ما تجعلها دوما وأبدا تتعاطى مع التحديات الماثلة ، بشيء من الذكاء والفطنة والفهم ، وبشيء من المرونة والقدرة على المساومة والحركة ايضا .
 
اعتقد ان من اسباب الإخفاق هي ان القوى الثلاث المتمثلة بالسلطة الشرعية - رئاسة وحكومة - والمقاومة وكذلك التحالف العربي ، استنزفت جهودها وامكانياتنا في محاولات فرض أجندة ضيقة ، بعضها شخصي ، وعلى حساب الغاية المشتركة، المتجسدة باستعادة الدولة وسلطاتها وقوتها ونفوذها وقبل تحقيق اي هدف اخر .
 
فبدلا من تتألف ﺍﻻﻃﺮﺍﻑ الثلاثة حول صيغة مرحلية واحدة لإدارة الدولة في المحافظات المحررة ، بددت للأسف جهدها وإمكانياتها في محاولة فرض رؤى وتكتيكات اقل ما يقال عنها انها تتصادم مع بعضها .
 
ما خلق مناخات سمتها الطاغية شيوع الخلاف وكينونة التعثر والاخفاق ، اكثر من اعتبارها محفزة لنسج توافقات جديدة تتناغم مع طبيعة المرحلة وتحالفاتها ، كما وتفضي الى نجاح يلمسه الجميع .
 
نعم ، مازال هنالك متسعا من الوقت كيما تقوم القوى الثلاث بتصويب الخطاء الفادح ، فجميعها مطالبة بتوافق ما يعزز من وجودها ، ويمكنها من السيطرة على مجمل الاوضاع الراهنة ، خاصة بعد ان وصلت هذه الاوضاع الى حالة يصعب معالجتها من طرف بعينه .
 
فالسلطة الشرعية تم محاصرتها وخنقها بالتزامات وسلطات نفوذ محددة ، ما جعلها فاقدة القدرة على التحرك بفعالية وتأثير بداخل المحافظات الجنوبية تحديدا .
 
فبرغم دعم التحالف العسكري والسياسي والدبلوماسي والإعلامي للسلطة الشرعية ، وجدت الاخيرة نفسها تخوض معارك ثانوية طرأت ، وعلى حساب المعركة الرئيسة .
 
يقابل ذلك سلطات ولدت من رحم المقاومة والسلطة الشرعية ، وايضاً بدعم ومساعدة دول التحالف ، وحصرت ذاتها في زاوية استعادة الدولة الجنوبية ، كفكرة قديمة جديدة يراد فرضها ، ودونما اعتبار لماهية الفكرة الحديثة الطارئه التي برزت مؤخرا ولاقت دعم وإسناد دول الإقليم والعالم .
 
وبين الطرفين الاثنين، هنالك التحالف ، الذي لا يبدو من فعله بعد التحرير انه استقر على فكرة واحدة ، فبرغم ان تدخله عسكريا كان حاسما وواضحا الا ان تعدد خياراته واجندته السياسية التالية للتحرير ساهمت في تعقيد الوضعية جنوبا، ووصلت هذه الحالة لحد انها باتت اكثر تعقيدا وإحباطا .
 
الخلاصة، كل ﺍﻻﻃﺮﺍﻑ يستلزمها التوافق على طريقة ما اذا ما أرادت تخطي الحالة القائمة . وهذا التوافق لن يحدث ما لم تتوافر الرغبة والإرادة من كافة ﺍﻻﻃﺮﺍﻑ المعنية بتصويب المنهج والغاية . فغياب المنهجية والغاية الجامعتين، أعدهما سببا مباشرا ورئيسا في تخلف المحافظات المحررة ، وفي تعذر معالجة عديد من مشكلاتها الخدمية والنظامية والإعمارية والحياتية .

* المقال خاص بـ "الموقع بوست"

التعليقات