الانتصارات في اليمن
الجمعة, 05 فبراير, 2016 - 07:17 صباحاً

يرسم المشهد القائم في اليمن، والذي يتجسد في عدد من الانتصارات الميدانية التي يحققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، مدعومة بقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في أكثر من منطقة، صورة أخرى لمآلات الحل السياسي الذي ظلت الشرعية تطالب به لمعالجة الأزمة الناتجة عن انقلاب جماعة الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على الشرعية قبل أكثر من عام، وتحديداً في سبتمبر/ أيلول من العام 2014.
 
الانتصارات التي نتابعها اليوم والقادمة من فرضة نهم، على بعد 40 كيلومتراً من البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء، يمكنها أن تساعد على التسريع في الحل السياسي أو أن تدفن هذا الحل إلى الأبد، واستبداله بالخيار العسكري الذي صار خيار العديد من القوى العسكرية والقبلية المعارضة للانقلابيين بعد سيل من الدمار جرى في أكثر من مكان.
 
وبصرف النظر عن أية تداعيات عسكرية قد تؤدي إلى التخلص من الانقلابيين وإخراجهم من العاصمة صنعاء كما دخلوها عام 2014، إلا أن الحل السياسي يبقى هو المطلوب حتى لو تم تسجيل نصر عسكري كبير، فقد أثبتت الأحداث أن اليمن لم يعرف الاستقرار عندما يغيب الحل السياسي للأزمات التي يعيشها، يتأكد ذلك من الأحداث العاصفة التي مرت بها البلاد منذ قيام ثورتي اليمن في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول خلال العامين 1962 في الشمال و1963 في الجنوب، مروراً بالحروب الأهلية العديدة، أبرزها محطة حرب العام 1994، التي جاءت بعد تحقيق دولة الوحدة، وكرست الانقسامات بين الشمال والجنوب، وليس انتهاء بالحرب التي خاضها الحوثيون بإسناد من قوات الرئيس السابق، ضد الشرعية العام 2014 وما تسببت بها من أزمات يدفع اليمن اليوم أثمانها من إمكاناته البشرية والمادية الكثير.
 
لو أن الحوثيين استمعوا إلى صوت الحق والمنطق وتحولوا إلى حزب سياسي كبقية الأحزاب القائمة في البلاد، لكان اليمن تجنب الكثير من النكبات والهزات العنيفة التي تعرض ويتعرض لها اليوم من خلال الحروب التي تدور في أكثر من منطقة، ولما سمح لتنظيم القاعدة أن يتمدد أكثر وأكثر في المناطق الرخوة التي تغيب عنها الدولة منذ سنوات، حتى في مرحلة ما قبل ثورات الربيع العربي، حيث كان التنظيم صاحب حضور كبير، بخاصة في المناطق الجنوبية من البلاد، وبالذات في كل من محافظات حضرموت، شبوة وأبين ومؤخراً لحج.
 
جاءت مغامرات الحوثيين لتعكس حالة عدم وضوح الرؤية السياسية لقادتهم الذين استغلوا حالة إحباط الشارع اليمني ورغبته في التغيير لينقلبوا على الشرعية تحت مبررات واهية، ودفعوا بالبلاد إلى حافة انقسام سياسي وشحن طائفي ومذهبي لم تشهده منذ عقود طويلة، وشنوا حروباً على معظم المناطق، قبل أن يتمكن الجيش المدعوم من قوات التحالف باستعادة زمام المبادرة وتحرير العديد من تلك التي كانت تقع تحت قبضتهم، بخاصة المناطق الجنوبية من البلاد، إضافة إلى مأرب والجوف، ما أضعف الانقلاب وحاصره في مناطق معينة هي اليوم تحت الحصار في طريق إعادتها إلى أحضان الدولة من جديد.
 

التعليقات