د. يحيى العتواني

د. يحيى العتواني

كاتب وباحث دكتوراه في العلاقات العامه والاعلام الاجتماعي. دولة الهند جامعة ميسور

كل الكتابات
ماذا يريدون من الاصلاح؟
الإثنين, 20 نوفمبر, 2017 - 02:59 صباحاً

 سؤال يتبادر الى ذهني كلما قرأت او طالعت كتابات او منشورات بعض منسوبي معظم القوى والاحزاب السياسية اليمنية، بعد كل الذي قدمه الاصلاح ويقدمه وسيقدمه في المستقل في سبيل الوطن من تضحيات جسام، بعد ان ضحى الاصلاح بقياداته ومكتسباته التي اكتسبها خلال أكثر من عشرين عام والتي تعتبر عمر الديمقراطية اليمنية والعمل الحزبي في اليمن، أيعقل ان تقابل كل هذه التضحيات بالجحود من قبل هذه القوى والاحزاب السياسية. 
 
 
لم يكن تخاذل تلك القوى إلا حلقة في مسلسل انتهازيها وأساليبها الابتزازية التي اعتمدت عليها لتسجيل حضور سياسي أو شراكة في السلطة أو تحقيق مصالح لقياداتها في مفاصل الدولة المدنية والعسكرية التي تعمل على الوقوف مع الشرعية مقابل المناصب التي تحصدها مقابل ذاك.
 
 
مثل هذه الأساليب تحت أي ظرف كان ناهيك عن اللحظات المفصلية والتاريخية التي يترتب عليها مصائر الأوطان والشعوب تمثل خيانة وطنية عظمى للدماء التي قدمها الشعب المقاوم، واسترزاقاً تأنف أي قوة وطنية حقيقية عن ممارسته. وهو ما وقعت فيه وللأسف بعض القوى آنفة الذكر. 
 
منذ بروز التمرد الحوثي بدعم سخي من المخلوع صالح وظهوره للعلن، كانت هذه القوى متخاذلةً عن مواجهتهم او حتى التنديد بإسقاطهم لمؤسسات الدولة على الاقل من باب الحس الوطني الا على استحياء من البعض ان لم يكن داعم للحوثي، ولكن للأسف كان وعقب إسقاطهم عمران في منتصف 2014م، واسقاط العاصمة في 21 سبتمبر من العام نفسة بروز تصريحات من قبل قيادات بارزة بان تصرفات الحوثي كانت في الاتجاه الصحيح توحي بالتشفي من الإصلاح حين قال احد القيادات الحزبية انها عملية جراحية لابد منها وقال اخر ان الحوثيين استطاعوا ان يفعلوا مالم تفعله تلك القيادات.
 
ما ان استكمل الحوثي الاذية بالخصم الاكبر حتى بدا بمن كان يوما سندا له اعلاميا او سياسيا او صامتا شماتتا بتيار سياسي اخر وسياتي اليوم الذي يقولون فية اكلنا يوم ان أكل الاصلاح.
 
لم يتضرر من الجائحة الحوثية الاصلاح فحسب ولكن كان الوطن هو المتضرر الاكبر وان كان للإصلاح نصيب الاسد منها والنيل من قادته واختطافهم كما هو حال السياسي محمد قحطان وتشريد اخرين وقتل وتعذيب الكثير من شباب وقادة الاصلاح بينما لم يتم اعتقال أي عضو من تلك القوى وهنا تبرز سمة الوطنية الكبيرة التي يتحلى بها الاصلاح لان الاصلاح صاحب مشروع وطني جامع لكل المواطنين بدون استثناء ويشكل خطر حقيقي على المشاريع الصغيرة التي تحملها بعض القوى السياسية.
 
منتسبي هذه القوى السياسية استخدموا وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض ضد حكومة باسندوة ومؤسسات الحكومة ومؤسسة الجيش خاصة الجيش الذي كان مؤيدا لثورة فبراير بحجة تبعيته لحزب الاصلاح ,بالمقابل قاموا بالتسويق لمليشيا الحوثي على انها المخلص لهم من حزب الاصلاح الذي وقف حاجزا منيعا امام مصالحهم الشخصية ولهذا السبب كان تهييج الشارع ضد الاصلاح بدعوى اخونة الدولة، وما ان سيطر الحوثي على كل مفاصل الدولة لم نرى اي استنكار من هؤلاء الناشطين وكان شيء لم يكن.
 
برز حزب التجمع اليمني للإصلاح وناشطيه وقادته  كفاعل مؤثر وقوي في الساحة اليمنية منذ نشأته في 23 سبتمبر من العام 1990 وعاش التطورات السياسية والأمنية العسيرة التي عاشتها البلاد في الفترة الأخيرة، وقف الحزب مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عندما خاض حربا من أجل وحدة اليمن في العام 94 ثم انضموا للمطالبين برحيله في ثورة الربيع اليمني في العام 2011، وله بصماته المحلية والاقليمية والدولية سأسردها باختصار على الصعيد المحلي.
  
يعتبر التجمع اليمني للإصلاح الحاضن الاكبر للمجتمع اليمني بكل أطيافه لما يتميز به الصف الاصلاحي من تنوع فكري وثقافي وتربوي ناهيك عن النضج السياسي بعيدا عن المذهبية والمناطقية والجهوية.
 
جل قادة الاصلاح جاءوا من اوساط المجتمع اليمني لم يأتي بهم الحزب لاعتبارات قبلية او مذهبية او جهوية كبعض الاحزاب الهلامية التي دمرت الوطن من اجل الفرد، ان يرأس اعلى مؤسسة داخل الحزب (التهامي) محمد علي عجلان فهذا يعني ان الفرد داخل الحزب لا يخضع للمناطقية او المذهبية.
 
عرفت قادة الاصلاح عن قرب فمعظمهم لا يملكون سوى رواتب ضئيلة ولا يملكون شيء من المال كنظرائهم من الاحزاب الاخرى، البعض بيته بالإيجار وهذا يدل على ان الحزب لا يعتبر المال مؤهل لقيادة الحزب كما يتميز بهذه الصفة غيرة من الاحزاب الاخرى.
 
عرف افراد الاصلاح بالصرامة في اعمالهم حين اتيحت لهم الفرصة في أي مؤسسة حكومية او خاصة فاثبتوا نجاحات غير متوقعة حتى انه يروى ان السياسي الراحل عبد الكريم الارياني بعد تشكيل حكومة الائتلاف في التسعينيات قال لاحد قادة الحزب من اين اتيتم بهؤلاء الوزراء لقد احرجتمونا كما أخبرني أحد قادة الحزب بذلك.
 
يعتبر الاصلاح ناضج سياسيا واجتماعيا شارك في الحكم بانتخابات وخرج منها في انتخابات وتحول من شريك في الحكم الى معارض سياسي بارع أرق صالح في مجلس النواب وغيره من محافل المجتمع ولم يحمل السلاح كغيره , وهذا ما فعله طيلة مسيرته السياسية في الحكم والمعارضة وهو التحلي باليقظة وعدم الانجرار في صراعات لا تخدم الوطن وان كلفه التضحية بمكتسباته .
 
يعتبر الاصلاح صمام امان للدولة المدنية الحديثة والحفاظ علية حفاظ على التعددية السياسية من الاندثار.
 
أما على الصعيد الاقليمي والدولي، فيعتبر الاصلاح صمام امان للأشقاء في الخليج عامة والمملكة بشكل خاص ومحاربة الاصلاح بهذه الطريقة الفجة يخدم المشروع الايراني والذي لا يخفى على احد.
 
إن استهداف صالح وقوى الانقلاب في اليمن لحزب الاصلاح دون سواه يؤكد انه يمثل حجر عثرة امام مشاريع صالح في الرجوع للحكم ولو بالتحالف مع الحوثي حلفاء إيران في اليمن الذي ظل يحاربها أكثر من سبع سنوات بدعوى انها تمثل المشروع الايراني وحينما فقد السلطة بعد ثورة 11 فبراير عاد وتحالف معهم من اجل الرجوع الى السلطة ولكن حدث العكس  فقد تم تنظيف معظم قادة حزب صالح من مناصبهم واستبدالهم بأفراد يتبعون الحوثي او من الموالون له.
 
لا يخفى على احد ان  الاطماع الايرانية المتربصة باليمن والخليج بشكل عام تحتاج من دول الخليج الى البحث عن شريك قوي وصاحب فكر ولدية قدرات بشرية وفكرية وقبلية  كحزب الاصلاح ولكن حدث العكس، فبدلا من الوقوف في صف الاصلاح من قبل القوى السياسية اليمنية ودول الخليج نرى العكس ان الكل قد كشر أنيابه تجاه حزب الاصلاح لنفس السبب وهو الخوف الغير مبرر من الاخوان المسلمين ,ومع هذا وقف الاصلاح في صف الدولة والشرعية مع التحالف وبرغم الحملة التي تقوم بشيطنة الاصلاح وقادته واعضائه ومن وسائل اعلام مرموقة في بعض دول التحالف العربي ومع ذلك لم ينجر الاصلاح للرد على الاتهامات التي توجه له بغير حق ليس لهدف الا لتشوية الاصلاح والنيل منه.
 
ومع بروز الازمة الخليجية بين قطر من جهة والسعودية والامارات والبحرين ومصر من جهة اخرى كان الكل منتظر ماذا سيقول الاصلاح من محبين ومبغضين الى ان قال الدكتور محمد السعدي في تصريح لأحدى الصحف الخليجية ان موقف الاصلاح لا يختلف عن موقف الحكومة وبهذا الجم المتربصين ممن كانوا منتظرين ان الاصلاح سيتعاطف مع قطر ويؤخذ علية فيتم ضربه بدعوى انه مدعوم من قطر وكانت هذه قاصمة بالنسبة للكثير من داخل وخارج الشرعية لأنه تعامل بذكاء.
 
يجب على الاخوة الخليجيين ان يفقهوا ان الاصلاح درع واقي من خطر محدق بهم وان يتعاملوا معه كما لو انه شريك حقيقي وليس خصم سياسي وان يتعاملوا بذكاء هذه المرة لا ان يتعاملوا معه كما تعاملوا مع المقاومة العراقية السنية و التي خذلت خليجيا وكانت النتيجة ضياع العراق بأكملها بيد ايران والعبث الحاصل اليوم يتحمله الخليجيون لانهم ظلوا صامتين عن جرائم اذرع ايران هناك ونتمنى الا يتركوا اليمن كالعراق بدعوى الاخوان المسلمين.
 
برغم ان الاصلاح نفى ان لا علاقة له بالاخوان المسلمين في اي قطر اخر وانه حزب سياسي ذو توجه اصلاحي اسلامي له خصوصيته بما يتناسب مع طبيعة الشعب اليمني ومما يجب على الخليجيين وبالتحديد المملكة العربية السعودية  ان يفقهوا ان الاخوان المسلمون ليسوا اعدائهم بل اصدق من سيتحالف معهم، ودعم الاخوان بالضرورة يعني التصدي للمشروع الايراني.
 
لم تكن الحركة الإسلامية عدوا للأنظمة العربية بشكل او باخر كما يصورها الاعلام المعادي للحركة الإسلامية. 
 
 الحركة الاسلامية تسعى لترسيخ نظام ديمقراطي ولو كان الحكم ملكيا كما هو حاصل في مملكتي الاردن والمغرب وشارك الاسلاميون في الحكم بالطريقة الديمقراطية (الانتخابات )وخرجوا بنفس الطريقة ولم يحدثوا أي فوضى تخل بمؤسسات أي دولة كانوا شركاء الحكم فيها, في بعض البلدان العربية خرجوا بالقوة او بمعنى اصح اخرجوا بقوة السلاح كما حصل في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي في انتخابات الرئاسة وزجوا برموزهم في السجون ,وفي مصر بعد ثورة 2011 عندما فاز الاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية والرئاسية تم اخراجهم بقوة السلاح والزج بهم في سجون العسكر ومع كل هذه الاحداث التي جرت للإسلاميين إلا أنهم لم ينجروا للعنف وإدخال الشعوب في أتون الحروب الأهلية.
 
*كاتب وباحث دكتوراه في العلاقات العامة والاعلام الاجتماعي بجامعة ميسور الهندية
 

التعليقات