لطيفة اغبارية

لطيفة اغبارية

كاتبة فلسطينية

كل الكتابات
التخابر مع قطر حرام والتطبيع مع إسرائيل حلال
الأحد, 28 فبراير, 2016 - 03:33 مساءً

من الأسطوانات التي كررها الإعلام المصري هي قضية اتهام الرئيس المعزول محمد مرسي بالتخابر مع قطر، وتسريب وثائق ومستندات صادرة عن أجهزة الدولة السيادية وإفشائها. ونحن هنا لسنا قضاة لنناقش هذه القضية بقدر ما نريد أن نوجّه انتقادنا للإعلام المصري الذي طبّل وزمّر لتهمة خيانة مرسي  والعديد من رفاقه للوطن، لماذا ينتقدون باستحياء موضوع استقبال الإعلامي وعضو البرلمان توفيق عكاشة للسفير الإسرائيلي في بيته؟ ولماذا يكون التخابر مع قطر حرام، والمجاهرة بالتطبيع مع إسرائيل حلال؟ في غرفة مغلقة لا نعرف ماذا يخططون بها.
 
الإعلامي مصطفى بكري انتقد عكاشة في قناة “صدى البلد” وتساءل مستغربا كيف تجرأ عكاشة من استدعاء السفير الإسرائيلي في القاهرة “حاييم كورين”، إلى حفل عشاء في منزله، قائلا: ماذا تسمي ذلك؟ وماذا تسمي جلوسهما لمدّة ثلاث ساعات؟ يتناقشان في الأمور السياسية والاقتصادية ومنابع نهر النيل وغيرها من الأمور، عضو برلمان يعقد اجتماعا بدون إذن البرلمان، “والبرلمان ماخذ موقف من التطبيع″، وهي سابقة أولى من نوعها في البرلمان المصري. واصفا ما قام به  عكاشة هو اهانة للوطن، واستغلاله للحصانة للجلوس مع السفير الإسرائيلي، وأي كلام يصف هذه الحالة؟. معتبرا أنّ ما قام به عكاشة هو بيع نفسه بسوق النخاسة للسفير.
 
الإعلام الإسرائيلي ذكر أنّ عكاشة جلس مع السفير الإسرائيلي وبحث معه سبل التعاون في المجالات الاقتصادية والزراعية والتعليمية. وأنّ أجواء اللقاء الإيجابية تخللها تبادل للنكات، وأنّ عكاشة سيلتقي بالسفير الإسرائيلي مرّة أخرى هذا اليوم (الأحد)، والسفير أبلغ عكاشة بإنّه يفهم المصريين جيّدًا، فردّ عليه عكاشة، “لا …لازم تحلوا مشكلة  سدّ النهضة”، وفي حالة حلّ هذه المشكلة سوف يتم منح إسرائيل  مليار متر مكعب من المياه لإسرائيل”.
 
التطبيع وهو الأمر غير الجديد علينا، والذي بدأ منذ معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية أيام الرئيس  الراحل السادات، وحسب التحليلات الإسرائيلية سوف تتوطّد  العلاقات بين مصر وإسرائيل في الآونة القريبة، وذلك بعد تصريح عكاشة  برغبته في زيارة إسرائيل والتقائه برئيس الحكومة الإسرائيلية  بنيامين نتنياهو، وبصحفيين إسرائيليين للحديث معه حول تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
 
 عند متابعتنا لتداعيات قضية عكاشة في الإعلام والمواقع الإخبارية المصرية، هناك من انتقده، والبعض وصفه بـ”جنون العظمة والعبقرية”. لكنّنا نعتقد أنّ عكاشة لا يقوم بهذه “الجنونيات” من تلقاء نفسه، وأخيرا نقول له وهو الذي حرضّ على غزةّ أن يترك الشأن الفلسطيني للفلسطينيين لأنّ أحدا لم يوكله بالتحدث باسمهم، ولو كان يريد لهم خيرا لطالب بفتح المعبر، أمّا للأشقاء المصريين فنقول  “المية بتمشي من تحتكم”، و”خذوا بالكم من النيل”، لأنّ هذه القضية واقتراحات عكاشة بالتدخل الإسرائيلي في قضية السد طرحها مؤخرا.
********
الشاطر حسن
لا زالت ردود الفعل تتوالى في العديد من وسائل الإعلام السعودية، وفي وسائل الاتصال الاجتماعي، بعد عرض فيلم “حكاية حسن” عن حياة الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله.
 
 بعد مشاهدتنا للفيلم “الركيك” الذي لم يأت بالاكتشافات والمعلومات الجديدة عن نصر الله، عدا الجانب الفني لم يرقَ لمستوى الأفلام الوثائقية المعروفة، وهو مجرد مقاطع مجمّعة من خطابات نصر الله.
لم نفهم سرّ الضجّة الكبيرة  والمبالغة  في ردود الفعل المتباينة والجدل حول شخصية نصر الله، وإثارة التساؤلات عن سر توقيت هذا الفيلم الذي يبدو أنّ إعداده كان سريعا وغير موفق.
 
بينما يُظهر “الواقع″ تأثير نصر الله وحضوره الفاعل على الساحة العربية والسياسية، فمنهم من بدأ يطالب بمحاسبة المسؤولين في “العربية” التي يسيطر عليها النفوذ الشيعي كما ذكروا، ومنهم من قال إنّ هذا الفيلم كان دعاية مجانية  وتلميعا لصورة حسن نصر الله وحزبه الذي يسيء للإسلام كما وصفه مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ،  في مداخلته الهاتفية على قناة “24 السعودية”، في حديثه لبرنامج “في العمق”، والذي حذّر من “الانقياد الأعمى وراء الرايات والأحزاب الجارفة التي لا دين ولا خلق لها،  مضيفا بأنّ  جماعة ما يسمّى بحزب الله وتعاونهم مع الطائفة الصفوية أمر خطير ما يدل على أنّ هؤلاء يسيئون ويستهدفون الإسلام وأهله، من خلال قتلهم للأبرياء وهدم ممتلكاتهم، وأنّ حلفهم يعادي دولة قائمة على كتاب الله وسنّة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم،  واصفا من يثني على نصر الله “إمّا جاهل بحال نصر الله، أو جاهل بغرضه وأهدافه”.
 
ما أظهره عرض هذا الفيلم من خطابات ومقتطفات، شاهدناها كلها مسبقًا  هي حقيقة ونفوذ وسيطرة الإعلام السعودي على وسائل الإعلام، ومن يخالفها في المضمون سوف “يَعلَق” وسينطبق عليه المثل القائل “غلطة الشاطر بألف” فما بالك إن كان هذا “الشاطر” هو “ندّهم اللدود”. الأمر الثاني هو تسييس الدين في معظم القضايا، ومع احترامنا وتقديرنا لمفتي المملكة الذي أبدى مداخلته،  فهل مسألة الإعجاب بنصر الله  تحتاج لفتوى كي تلغي تفكير من يعجبون به؟. والفيلم يتحدث عن سياسة نصر الله ولا يتحدث عن عقيدته حتّى يتم الإفتاء والتكفير في هذا الشأن، فلماذا لا يُترك للناس مسألة التقرير  والتفكير والإعجاب أو عدمه ، حبّه أو بغضه، بدون تدخّل  مسبق في عقولهم؟.
 
نظنّ أنّ جمهور الناس والمشاهدين لا يقلون “عبقرية” عن أية وسيلة إعلامية حتّى يدركوا حقيقة كل شخصية، ولا حاجة لتلميع أحد، فمن يلمع ويسطع نجمه هو صاحب الانجازات والتأثير والفاعل، ويبقى الفصل والحكم للمشاهد والمواطن، ولا نعتقد أنّ عرض هذا الفيلم كان بهدف تلميع نصر الله،  لأنّ “سياسة ” العربية تتناقض مع حزب الله، وبعد أيام” رجعت حليمة لعادتها القديمة” وبدأت برامج الانتقادات لحزب الله وسياسته مثل برنامج “D.N.A” الذي يقدّمه نديم قطيش على القناة الشقيقة لـ “العربية” وهي “الحدث”، فلماذا يتسرّعون وينتقدون رجلا لم يطلب منهم بمثل هذا الفيلم.
********
فخامة الرئيس بوتفليقة
 
تزخر لغتنا العربي بألفاظ التبجيل والتعظيم، مثل صاحب السمو، الجلالة، الفخامة، القائد الملهم، الفذّ، سيادة الرئيس،  ونرجو أن تضيفوا ما تذكروه من ألقاب لأنّ الذاكرة لا تسعفنا هنا. ورغم أنّ العصر الحالي الذي يرفض تمجيد الأشخاص بالألقاب والصفات، لما فيها من تعالٍ وفوقية على الشعب، لا نستغرب لماذا لا زلنا نتشبّث بهذه الألقاب التي لا يتغنى بها إلا العرب. فقد أشعل التوقيف التحفظّي للإعلامي “أحمد لحري” مقدّم الأخبار في قناة “كنال الجيري” عن العمل مواقع التواصل الاجتماعي، بعد كشفهم عن سبب إيقافه عن العمل جراء “خطأ” ارتكبه خلال تقديم نشرة الأخبار، وذكره لاسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بدون تشريفات، أي دون أن يقول (السيد)، أو (فخامة)، باعتباره رئيس الدولة ورمز أكبر مؤسسة في البلاد.
وسائل إعلامية جزائرية نفت أن يكون المذيع قد تعمّد ذكر اسم الرئيس بدون لقب سابق، فيما قام نشطاء بإنشاء صفحة على الفيسبوك للتضامن معه.
إذا كان الله تعالى يصفح عن الزلات والذنوب، فهل ما قام به الصحفي يعتبر جريمة لا تغتفر، أمّ أنّ الخطأ غير وارد بحق أي رئيس، ويجب الإطاحة بكل من يمسّ، حتّى لو دون قصد بهذه الهيبة.

* كاتبة فلسطينية
نقلا عن الراي اليوم
 

التعليقات